اختتم طلاب المرحلة الأولى للثانوية العامة الأسبوع الأول من الامتحانات باختبار التفاضل والتكامل، الذى وصف الطلبة وأولياء الأمور أسئلته ب"المجزرة"،وخرجوا من اللجان ولغة الحوار السائدة بينهم البكاء والصراخ والنحيب والانهيار العصبي والاغماءات ووصل الأمر بكثير من أولياء الأمور الي التفكير في منع ابنائهم وبناتهم من استكمال الامتحانات حفاظا علي حالتهم النفسية والعصبية! الصحف المصرية الصادرة اليوم الجمعة تابعت الموضوع باهتمام كبير واستطلعت اراء الطلاب واولياء الامور وايضا المدرسين. جريدة الجمهورية رصدت تحول انتظار أولياء الأمور امام اللجان لحين خروجهم من الامتحان الي زاوية للدعاء علي واضع الامتحان وبكاء وانهيارات وفقدان للوعي لخوفهم علي مستقبل ابنائهم.لدرجة انهم طالبوا بالقصاص من المسئولين.. وان يتم النظر الي أولادهم بعين الرحمة لانهم حتي الآن لم يستطيعوا تعويض صعوبة الامتحانات السابقة وعدم حصولهم علي المجاميع المنشودة. تساءلوا في مصلحة من تأتي الامتحانات صعبة لينهار الطلاب ولايستطيعون استكمال باقي المواد والحصول علي مجموع كبير يؤهلهم لدخول الجامعات أم ان هذه الامتحانات دعوة للترويج للتعليم الخاص. ونقلت الجريدة تهديد أولياء الأمور بمقاطعة الامتحانات ومنع ابنائهم وبناتهم من دخول الامتحانات المقبلة اعتراضا علي الاصلاح الفاسد للتعليم. جريدة المصرى اليوم نقلت رأى مدرسو الرياضيات الذين قالوا إن الامتحان جاء غير متوقع بالمرة، وأكثر صعوبة من العامين الماضيين، مشيرين إلى أنه من الناحية العلمية يعد امتحاناً جيداً ويعتمد على التفكير، ولكن ال«سيستم» المعمول به فى الدراسة لا يسمح بهذا، وتوقعوا ألا يحصل الطالب الممتاز على أكثر من 21 درجة من 25. وفى مدرسة محمود سامى البارودى بإدارة شرق الإسكندرية، سادت حالة من الذعر بين الطلاب بسبب حدوث قطع فى معصم يد طالب يُدعى أشرف مشالى داخل اللجنة، وظن زملاؤه أنه حاول الانتحار، وتم نقله إلى مستشفى الطلبة بسبورتنج، وتحرر محضر بالواقعة، فيما قال الطالب المصاب إنه فشل فى حل أغلب مواد الامتحان مما دفعه إلى تحطيم زجاج النافذة المجاورة له، وتسبب كسر الزجاج فى جرح فى يده اليسرى جريدة الاهرام فى افتتاحيتها اليوم رصدت مااعتبرته مفارقة غريبة.. ففي الوقت الذي يشكو فيه غالبية المصريين من تدني مستوي الخريجين وعدم قدرتهم علي التعامل مع متطلبات سوق العمل, تصرخ هذه الغالبية نفسها بدعوي أن هذا الامتحان أو ذاك صعب وتتجسد المفارقة ويعلو الصراخ أيام امتحانات الثانوية العامة. وينسي كثيرون ممن ينتقدون ضعف المناهج وعدم مواكبتها للجديد في العالم واعتمادها علي عقلية الحفظ, ينسون كل ذلك وينضمون إلي ملايين الأسر التي لا يهمها سوي نجاح أبنائها بأعلي الدرجات ولا يهم بعد ذلك ماذا سيفعل بهذه الدرجات ولا ما إذا كانت تعبيرا حقيقيا عن قدرات الطلاب أم لا؟ إن أحدا لا يمكنه أن يجادل في ضرورة أن تأتي الامتحانات من المنهج, لكن بأي شكل وأسلوب؟ وهل لو حاول الممتحن اختبار قدرات أخري غير الحفظ لدي الطلاب يكون قد ارتكب خطأ يستحق العقاب عليه. ثم إن الأصل في الامتحانات أن واضعيها محترفون لديهم القدرة علي التمييز من خلال الأسئلة بين الطالب الضعيف أو المتوسط أو المرتفع المستوي, ولو وضع هؤلاء الأساتذة الامتحانات علي شاكلة واحدة فكيف سيحدث التمييز إذن؟ وبدلا من المطالبة بتقوية هذه الموهبة والقدرة لدي واضعي الامتحانات, فإن الدعوات الحالية تحصر دورهم في وضع أسئلة مباشرة سهلة تتم الإجابة عليها بسرعة ودون تفكير طويل, وبصراحة, فإن ذلك ليس الأسلوب الأمثل لاختبار قدرة الطلاب واكتشاف مواهب الإبداع والابتكار لديهم, وهذا لا يعني أبدا الدفاع عن واضعي الامتحانات في كل الأحوال, فلو أخطأ أحد منهم, فإن المطلوب توقيع العقاب الشديد عليه لأنه يتعامل مع مستقبل الطلاب وأسرهم. وأخطر ما في الضجة المثارة حاليا هو تسييس المسألة, أي تحويلها إلي ساحة يحاول السياسيون والمسئولون والنواب إحراز نقاط لمصلحتهم علي حساب العلم والتعليم والطلاب أيضا. إن وضع الامتحانات عملية شديدة التخصص ولها قواعد لا يتقنها الكثيرون, وليست المسألة مجرد اختيار موضوعات معينة للسؤال عنها, ومن هنا فإن المتخصصين هم وحدهم القادرون علي أداء هذه المهمة, أما الآخرون فإنهم مطالبون بتوفير الأجواء المناسبة لإنجاح العملية برمتها بدلا من الشكوي والانتقاد المستمرين.