أكدت المحكمة الدستورية العليا الاثنين في حيثيات قرارها التفسيري للطلب المقدم من المستشار ممدوح مرعي وزير العدل, بناء على طلب الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء, بشأن تفسير نصين في قانون مجلس الدولة والصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 والمتعلقين بالتعيين في وظائف مندوب مساعد بمجلس الدولة, والذي كانت المحكمة الدستورية قد انتهت فيه الأحد إلى أن الاختصاص بالموافقة على تعيين المندوبين المساعدين بمجلس الدولة معقود للمجلس الخاص للشئون الإدارية دون الجمعية العمومية. وأوضحت المحكمة أن المادة 167 من الدستور تنص على أن (يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصاتها وينظم طريقة تشكيلها ويبين شروط وإجراءات تعيين أعضائها ونقلهم) مشيرة إلى أنه بمقتضى إعمال هذا النص الدستوري فإن إجراءات وشروط التعيين في الوظائف القيادية لا تتحدد إلا بقانون. وقالت المحكمة إن مؤدى ذلك أن المجلس الخاص للشئون الإدارية طبقا لحكم الفقرة الثالثة من المادة 83 من قانون مجلس الدولة بعد تعديلها بالقانون رقم 136 لسنة 1984 هو السلطة المختصة بالموافقة على التعيين في وظيفة "المندوب المساعد", مشيرة إلى أن القانون بالنسبة لهذه الوظيفة لم يمنح الجمعية العمومية اختصاصا في هذا المجال, وإذا كانت الجمعية العمومية لمجلس الدولة تختص بإصدار اللائحة الداخلية إلا انها لا تملك أن تنظم بها أمورا احتجزها المشرع الدستوري للقانون. وأشارت المحكمة إلى أن هذه المغايرة قد عمد إليها المشرع قصدا لاعتبارات قدرها فأفرغ إرادته في عبارات أراد بها أن يستأثر كل صاحب اختصاص في ممارسته اختصاصه المحدد قانونا دون أن يتعدى على اختصاص الآخرين. وأكدت على أن التفسير الصحيح لنص الفقرة من المادة 83 من قانون مجلس الدولة هو أن الاختصاص بالموافقة على التعيين في وظيفة المندوب المساعد معقود للمجلس الخاص للشئون الإدارية بمجلس الدولة دون الجمعية العمومية. وقالت المحكمة الدستورية العليا إنه من الثابت أن الجمعية العمومية للمجلس قد اجتمعت في 15 فبراير الماضي وأسبغت على ما صدر عنها وصف "قرار" برفض تعيين المرأة في الوظائف القضائية مع عدم الاعتداد بما تم من إجراءات بشأن تعيينها في تلك الوظائف بالمخالفة لما كان المجلس الخاص قد أصدره من قرارات واتخذه من إجراءات. وأوضحت المحكمة أن الجمعية العمومية أعقبت قرارها ببيان أكدت فيه عدم اختصاصها بكل ما يتعلق بتكوين وتشكيل المجلس وتنظيمه على غرار الموضوع المعروض, وأن قراراتها في هذا الشأن ملزمة ويتعين إعمال مقتضاها. وأشارت إلى أن الخلافات بهذا الشأن قد تعمقت وتعددت أطرافها وتمثل ذلك في صدور قرار رئيس مجلس الدولة في 22 فبراير الماضي والذي نص في مادته الأولى على أن تستكمل إجراءات تعيين من تقررت صلاحيتهم من بين المتقدمين لشغل وظيفة مندوب مساعد من خريجي وخريجات كليات الحقوق والشريعة والقانون دفعتي 2008 و 2009 وذلك لبدء استيفاء التحريات اللازمة واجتياز الكشف الطبي تمهيدا للعرض على المجلس الخاص لاستصدار قرار رئيس الجمهورية بهذا التعيين. وقالت المحكمة الدستورية العليا إن رئيس مجلس الدولة رجح حسبما يتبين من ديباجة قراره, القرارات الصادرة عن المجلس الخاص بالموافقة على استكمال إجراءات تعيين المندوبين المساعدين على القرار الأخير للمجلس الصادر بالرفض. وذكرت المحكمة أنه بالنسبة لطلب تفسير البند (1) من المادة (73) من قانون مجلس الدولة والذي يجري على انه (يشترط فيمن يعين عضوا في مجلس الدولة أن يكون مصريا متمتعا بالأهلية المدنية الكاملة) فانه مع التسليم بأهميته لم يثر خلافا في التطبيق, إذ لم ينازع أحد في انطباقه على كل من يحمل الجنسية المصرية ولم يختلف الرأي حول تفسير مدلوله ومن ثم يكون طلب التفسير بهذا الشأن قد افتقد مناط قبوله لعدم توافر شرائطه القانونية متعينا معه والحال كذلك التقرير بعدم قبوله. وأوضحت المحكمة الدستورية العليا أن قيامها بتفسير هذين النصين إنما جاء طبقا للمادة 175 من الدستور التي تنص على أن تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح وتتولى تفسير النصوص التشريعية. وأضافت أن المادة 26 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 تنص على أن تتولى المحكمة الدستورية العليا تفسير نصوص القوانين الصادرة من السلطة التشريعية والقرارات بقوانين الصادرة من رئيس الجمهورية وفقا لأحكام الدستور وذلك إذا أثارت خلافا في التطبيق وكان لها من الأهمية ما يقتضي توحيد تفسيرها. وكان رئيس الوزراء طلب إلى المحكمة تفسير هذين النصين, حيث أوضح انه قد ثار خلاف بين المجلس الخاص للشئون الإدارية لمجلس الدولة والجمعية العمومية للمجلس بشأن تطبيق هذين النصين فيما يتعلق بمدى جواز تعيين السيدات في وظيفة مندوب مساعد بالمجلس وصاحب السلطة في الموافقة على هذا التعيين حال جوازه وما إذا كانت هذه السلطة للمجلس الخاص وحده ومدى خضوعه في ممارسته لها لرقابة الجمعية العمومية للمجلس نظرا لما لهذه المسألة من أهمية بالغة تتصل بالمبادىء الدستورية. وأوضح رئيس الوزراء أن من أهم هذه المبادىء الدستورية حقوق المواطنة والمساواة مما يستلزم ضرورة الوقوف على التفسير الصحيح لهذين النصين ذلك أن المجلس الخاص وافق على جواز تعيين السيدات بالوظائف القضائية بالمجلس باعتباره مختصا بذلك وأعلن بالفعل في 24 أغسطس 2009 عن فتح باب تقدم السيدات للتعيين في وظيفة مندوب مساعد بالمجلس في حين رفضت الجمعية العمومية في 15 فبراير الماضي ذلك الأمر بحسبانه داخلا في اختصاصها. وأضاف رئيس الوزراء في كتابه إلى وزير العدل إنه لما كانت المحكمة الدستورية العليا وفقا لقانونها هي المختصة بتفسير نصوص القوانين إذا أثارت خلافا في التطبيق وكان لها من الأهمية ما يقتضي توحيد تفسيرها, فانه سيطلب اتخاذ عرض طلب تفسير المادتين على المحكمة الدستورية العليا.