لو تمكن الفنان إسماعيل ياسين فى فيلمه الشهير من شراء ميدان العتبة حقيقة، ربما كانت عائلته قد صارت من أغنى العائلات فى العالم، فقد تحولت منطقة العتبة إلى أكبر تجمع تجارى، يلبى احتياجات الطبقة المتوسطة من ملابس، ومنفذ مهم للشركات لتصريف المنتجات الصناعية والالكترونية، كما أصبحت عنوانا لأجهزة المحمول الجديد والمستعمل كما نشرت جريدة الشروق المصرية. ارتبطت منطقة العتبة، التابعة لقسم الموسكى، بما تضمه من مبانى المطافئ والبريد، وهيئات حكومية أخرى، أضيفت إليها محال تجارية كبيرة، تمثل منفذا لعدد من العلامات التجارية، مما جعل الحصول على متر واحد من الأرض فيها ضربا من المستحيل، وسط زحام بشرى لا ينفض طوال الأيام الأسبوع، ويصبح قاتلا فى المناسبات الأعياد، وإن وجد فلن يقل سعره عن 10 آلاف جنيه. عم محمد، أبو كمال، كما يحب أن ينادى نسبة لابنه الأكبر، صاحب أحد المحال التجارية فى عمارة سكنية يرجع تاريخها إلى 1815، قال معلقا على أوضاع العقارات فى العتبة، «انسى الإيجار بالقانون الجديد تماما. لو وجدت خرم إبرة يبقى إيجار قديم، تدفع فيه دم قلبك لكن ربنا يبقى بيحبك»، موضحا أن المنطقة تحقق رواجا سلعيا لا يوجد فى أى منطقة أخرى، لعدة أسباب منها كثرة المحال مما يضمن وفرة المعروض، وخيارا مفتوحا أمام الزبائن، مع سعر يعد الأنسب إذا ما قورن بأسعار فى منطقة أخرى، تبعا لعم محمد. «معظم العمارات قديمة، أصحابها هجروا المنطقة منذ سنوات، والشقق السكنية أصبح المعروض منها قليلا جدا، بعد أن تحول كثير منها إلى ورش لبعض الصناعات مثل الملابس والأحذية والصناعات الجلدية»، كما يقول عم محمد، مشيرا إلى أن إيجار الشقق فى الغالب يتراوح ما بين 3 إلى 10جنيهات فى الشهر، إيجار قديم، بدأ يزيد 5% سنويا، فى السنوات الأخيرة». لكن الملاك وأصحاب الشقق السكنية القديمة بدأوا مرحلة جديدة فى السنوات الأخيرة، من خلال بيع الشقق إلى شركات تستغلها كمخازن، ولا يقل سعر الشقة عن 500 ألف جنيه، مما يحقق استفادة الطرفين، بحسب عم محمد. حسين عبدالعزيز شاب فى آخر الثلاثينيات ورث محل عصير عن أبيه فى إحدى العمارات الشهيرة بجوار محل صيدناوى الشهير فى العتبة، الذى يعد تحفة معمارية، يقول إن الإيجار القديم هو المسيطر على معظم العقارات فى المنطقة، إلا أن الملاك أصبحوا يتفقون مع المستأجر القديم على طريقة جديدة يستفيد منها الطرفان، من خلال الحفاظ على صيغة الإيجار القديم للسكن أو المحل، ولكن بمقدم خرافى لا يقل عن 500 ألف جنيه، تقسم بين الطرفين، مع إيجار شهرى يصل إلى 300 جنيه. «حتى الحكومة من خلال هيئة الأوقاف، التى تمتلك عدة عمارات فى العتبة، أشهرها عمارة زلط، التى ارتبط اسمها باسم مصانع زلط لصناعة الأحذية، قبل انتقالها لمقر آخر، تطبق نفس النهج السابق، فتشرط الهيئة على من يريد الخروج من العمارة وترك شقته المؤجرة، أن يدفع لها المستأجر الجديد نفس السعر الذى يدفعه للمستأجر القديم كخلو رجل، والذى لا يقل عن 120ألف جنيه، أى 240 ألف للطرفين معا، الهيئة والمستأجر القديم، مع إيجار شهرى يتراوح ما بين 300 إلى 500 جنيه»، تبعا لعبدالعزيز. ويقول محمد، شاب سودانى يعمل كبائع فى أحد الشوارع الرئيسية فى العتبة، إنه فشل فى الحصول حتى على غرفة سكنية واحدة، هو وعدد من أصدقائه فى العتبة، واضطر إلى تأجير غرفة فى احد الفنادق القريبة من الميدان، بسعر 20 جنيها فى الليلة، معدة لسكن فرد واحد، بينما يسكنها 3 أفراد. ولم يحاول الشاب أن يستأجر محلا، لأنه يعرف صعوبة الحصول عليه، وإن وجد فهو لا يقدر على سعره، فالمتر الواحد قد يصل إلى 10آلاف جنيه، على حد قوله. «برواز فى حائط يا أستاذ لن يقل إيجاره الشهرى عن 3 آلاف جنيه، هذا إن وجدته فى شارع عبدالعزيز» المكتظ بأعداد كبيرة من البائعين والمشترين طوال اليوم، حسب محمود الصعيدى، صاحب كشك يبيع أحزمة جلدية، مشيرا إلى أن كثرة الطلب على السلع المعروضة فى العتبة تعوض أسعار الإيجارات الخرافية التى يدفعها أصحاب المحال.