أعرب الرئيسان حسنى مبارك والفرنسي نيكولا ساركوزى خلال مباحثاتهما الاثنين بقصر الاليزيه بباريس، عن قلقهما البالغ ازاء المأزق الحالى الذى تمر به عملية السلام فى الشرق الاوسط. وأعلن قصر الرئاسة الفرنسى الاليزيه فى بيان له عقب المباحثات، إن الرئيسين مبارك وساركوزى اعتبرا أنه يتعين أن يتم على وجه السرعة اعطاء افق سياسى من اجل استئناف المفاوضات بين الاسرائيليين والفلسطينيين وان يتم التوصل الى تسوية خلال عام 2010 استنادا الى قرارات مجلس الامن الدولى ذات الصلة، وبموجب مرجعيات مؤتمر مدريد، خاصة مبدأ الارض مقابل السلام والاتفاقات الموقعة بين الطرفين وخارطة طريق اللجنة الرباعية الدولية، كما تأخذ فى الاعتبار مبادرة السلام العربية، من أجل اقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة وديمقراطية ومستقلة وذات سيادة، تعيش فى سلام وامن الى جانب اسرائيل فى حدود امنة ومعترف بها. وتناولت القمة تقديم الدعم للرئيس الفلسطينى محمود عباس "ابومازن" الذى يمثل الاعتدال الفلسطينى وهو الرئيس المنتخب من الشعب الفلسطينى. وقال الاليزيه ان الرئيسين مبارك وساركوزى تناولا أيضا قمة كوبنهاجن حول التغيرات المناخية، واعربا عن أملهما فى التوصل الى اتفاق طموح وعادل خلال القمة. ومن ناحية أخرى، أشاد الرئيسان مبارك وساركوزى بتنظيم العام الفرنسى المصرى للعلوم والتكنولوجيا خلال 2010 والذى يشمل ستة محاور تتعلق بعلوم الحاسبات والاتصالات والتنمية المستدامة من طاقة متجددة ومياه وتغيرات مناخية وزراعة، بالاضافة الى علوم الفضاء والطاقة النووية واستخدام التكنولوجيا الجديدة فى مجالى الاثار والصحة. واشار الاليزيه الى أن العام الفرنسى المصرى للعلوم والتكنولوجيا يهدف الى تعزيز التعاون بين البلدين فى هذه المجالات وتعميق الروابط بين مؤسسات التعليم العالى والبحث العلمى وانشاء مشروعات للبحث العلمى على نطاق منطقة المتوسط فى اطار الرئاسة المصرية الفرنسية المشتركة للاتحاد من اجل المتوسط. كما تناولت القمة العديد من الملفات الخاصة بالاوضاع فى الشرق الاوسط وفى مقدمتها الوضع فى العراق وكيفية استعادة الاستقرار هناك وتطورات الملف النووى الايرانى والوضع فى الخليج والتطورات فى اليمن والاوضاع فى لبنان ودارفور وسبل تطبيق اتفاق السلام الشامل فى السودان والتعاون الاورومتوسطى باعتبار مبارك وساركوزى رئيسين مشاركين للاتحاد من اجل المتوسط. وأشار السفير سليمان عواد المتحدث الرسمي بإسم رئاسة الجمهورية إلى أن الرئيس مبارك قال ان ما أعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بشأن تجميد المستوطنات لمدة عشرة أشهر يعد خطوة إيجابية ولكنها غير كافية فهناك الكثير من العمل المطلوب من الأطراف الدولية من أجل تشجيع ابومازن على العودة إلى المفاوضات وفق مرجعيات تستند إلى حدود عام 1967 ووفق إطار زمني يحدد الإنتهاء من التفاوض بما يؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بحدود دائمة وليست مؤقتة بضمانات دولية بما يتم الإتفاق عليه. وقال عواد ان الرئيسين اتفقا على خطوات محددة للتحرك خلال الاسابيع المقبلة مع الجانبين الفلسطينى والاسرائيلى وكذلك مع الولاياتالمتحدة وروسيا باعتبارهما من اطراف الرباعية الدولية من اجل تهئية الاجواء المواتية لاستئناف المفاوضات. واشار الى ان مبارك وساركوزى سبق وان بعثا برسالة مشتركة الى الرئيس الامريكى اوباما سعيا لكسر جمود عملية السلام من خلال الدعوة لعقد مؤتمر فى مصر او فرنسا يدعى اليه الفلسطينيون والاسرائيليون والاطراف الدولية والاقليمية. وقال ان الرئيسين مبارك وساركوزى اعربا عن تطلعهما لتوافق القوى اللبنانية بعد تشكيل حكومة سعد الحريرى واصدار البيان الوزارى بما يضمن استقرار لبنان، كما شملت المباحثات الوضع فى السودان واقليم دارفور وتنفيذ اتفاق السلام الشامل بين الشمال والجنوب. وأضاف أن المباحثات تطرقت بعد ذلك الى التعاون فى الاطار المتوسطى حيث اتفق الرئيسان على عقد اجتماع وزارى محدود فى القاهرة يناير المقبل لاستكمال الهياكل المؤسسية للاتحاد من اجل المتوسط بما فى ذلك تعيين الامين العام ونوابه الستة. وأشار الى ان القمة المصرية الفرنسية تطرقت الى الوضع فى افغانستان باعتبارها قضية تمس الامن والسلام الدولى وتلقى بتداعياتها على الوضع فى الشرق الاوسط خاصة فيما يتعلق باستقراره ومكافحة الارهاب. وقال ان الرئيس جدد تأكيد موقف مصر الداعى لاستخدام وسائل غير عسكرية لحل النزاع فى افغانستان موضحا ان الرئيس وجه رسالة الى الرئيس الامريكى باراك اوباما منذ 3 اشهر بهذا الخصوص وتم الاخذ ببعض ما فيها عند صياغة الاستراتيجية الامريكيةالجديدة بشأن أفغانستان. واوضح السفير سليمان عواد انه تم التركيز على موضوع الاستخدامات السلمية للطاقة النووية اتصالا ببرنامج مصر لبناء محطات نووية سلمية.. وقال ان ساركوزى أعرب عن استعداد فرنسا للتعاون مع مصر فى هذا المجال خاصة فى ظل الاتفاق على اعلان عام 2010 عاما للتعاون العلمى والتكنولوجى بين مصر وفرنسا وهذا الملف ستكون له اولوية فى هذا الاطار. كان الرئيس مبارك قد بحث مع بيرنار كوشنير وزير الخارجية الفرنسي الأوضاع فى منطقة الشرق الاوسط والعلاقات مع ايران والوضع فى افغانستان. وصرح وزير الخارجية الفرنسي عقب المقابلة التي عقدت بمقر إقامة الرئيس مبارك في باريس أن المباحثات تطرقت ايضا إلى سبل دعم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس واستئناف مباحثات السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين. وأشار إلى أنه بحث مع مبارك المبادرة التى اطلقها الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى من اجل عقد مؤتمر دولى للسلام فى الشرق الاوسط، ولكن يتعين فى النهاية الحصول على موافقة كافة الاطراف لأن الأمر لا يتعلق بعقد مؤتمر لمجرد عقده، موضحا أن مبارك يرى أن عقد مثل هذا المؤتمر يجب أن يكون فى اطار اللجنة الرباعية الدولية، وفرنسا لا تمانع فى ذلك. وأعلن كوشنير عقب المقابلة أن إجتماعا سيعقد بالقاهرة فى الخامس من يناير/كانون الثاني 2010 بين وزراء خارجية مصر وفرنسا وأسبانيا وتونس والأردن من أجل بحث سبل التغلب على العقبات التى تواجه "الاتحاد من اجل المتوسط"، معربا عن قناعته بإمكانية تجاوز هذه العقبات. وقال إنه على المستوى الفنى تسير الأمور بالنسبة للاتحاد من أجل المتوسط بشكل جيد ويبقى العمل على التوصل إلى تسوية على الصعيد السياسى.