ملك تايلاند يستقبل شيخ الأزهر ويشيد بجهود الأزهر في نشر وتعزيز قيم الحوار والتسامح والتعايش المشترك    رئيس «قيد الصحفيين» يعلن موعد جلسة مقابلة المتقدمين ل«تحت التمرين» (تفاصيل)    الجيل الديمقراطي: اجتماع مجلس أمناء الحوار الوطني اليوم يشهد مشاركة الحكومة لأول مرة    جامعة بنها تتقدم 65 مركزًا عالميًا بمؤشر التأثير العلمي بتصنيف ليدن الهولندي 2024    طرح الخضراوات والفاكهة بمنافذ وزارة التموين.. التفاصيل    الشربيني: منذ 2014 وحتى الآن نفذ «المركزى للتعمير» 1642 مشروعا    افتتاح مقر المنطقة الطبية الجديد بالحي السابع في مدينة بدر    الشفافية وترشيد النفقات.. تعرف على أهم تعليمات وزير قطاع الأعمال الجديد ل رؤساء الشركات القابضة    خامنئي: إيران استطاعت تنظيم الانتخابات الرئاسية في فترة قصيرة وإجراء انتخابات حرة وشفافة    سفير الاتحاد الأوروبي بالسودان: نُقدِّر الأدوار الفاعلة لمصر من أجل إنهاء الأزمة    مصر وسوريا تشددان على الرفض التام لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين.. الرئيس السيسى يؤكد ل"الأسد" مواصلة الجهود الرامية لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وإنفاذ المساعدات الإنسانية بصورة مستدامة    التغيير يبدأ الآن.. صحف بريطانيا تعلق على بدء حكومة كير ستارمر العمالية    أرقام كريستيانو رونالدو فى يورو 2024 بعد وداع البطولة أمام فرنسا    المقاولون العرب ينعى وفاة أحمد رفعت    نادي الوحدة الإماراتي ينعي أحمد رفعت بعد وفاته    إصابة طالبتين بحالة إغماء وألم بالبطن فى امتحانات الثانوية العامة بقنا    تباين آراء طلاب الثانوية العامة بالإسماعيلية حول امتحاني الجغرافيا والكيمياء    وزير التعليم يتابع سير امتحانات الثانوية: «وضع مصلحة الطلاب وتوفير كافة سبل الراحة لهم على رأس الأولويات»    اعتدى عليها جنسيًا.. وصول المتهم بقتل الطفلة السودانية «جانيت»    إحباط ترويج 33 كيلو مخدرات وضبط «جرينوف» و59 متهمًا بالمحافظات    حكم مهم من المحكمة الدستورية العليا بشأن جرائم الصحافة وقذف الموظف العام    مدبولي: الإسراع في تنفيذ مبادرة "100 مليون شجرة" وزيادة المساحات الخضراء ضمن اهتمامات الحكومة    كم حقق فيلم جوازة توكسيك بالسعودية ومصر في 24 ساعة فقط؟ (مفاجأة)    30 يوليو افتتاح المهرجان القومي للمسرح المصري والختام 15 أغسطس    خبيرة فلك: ولادة قمر جديد يبشر برج السرطان بنجاحات عديدة    مفتى الجمهورية: التهنئة بقدوم العام الهجرى مستحبة شرعًا    ما الحكمة من اعتبار أول شهر المحرم بداية العام الهجري؟ الإفتاء تُجيب    تزامنا مع الاحتفالات برأس السنة الهجرية.. من أول من اعتمد التأريخ بالتقويم الهجري في التاريخ؟    مرض اللاعب أحمد رفعت وسبب وفاته    الصحة تطمئن على جودة الخدمات المقدمة بمستشفى عين شمس العام    استشارى طب نفسى رياضى يفسر سبب وفاة أحمد رفعت بعد تركيب دعامة بالقلب    قائد القوات الجوية الأوكرانية: إسقاط 24 مسيرة روسية من طراز شاهد    أيمن الجميل: نجاح المشروعات الزراعية الجديدة بالأراضى الصحراوية يفتح الباب لمضاعفة الرقعة الزراعية وتحقيق الأمن الغذائى    أسعار السمك اليوم السبت 6-7-2024 بالأسواق.. السردين المجمد ب87 جنيها    مدير المنتخب الأولمبي: هذا ما يحدث في حال تعرض لاعب لإصابة خطيرة.. ووفرنا طلبات ميكالي    نظام جديد لإدارة العمليات المالية إلكترونيا بالمنشآت الصحية    متى يعلن البرلمان خلو مقعد عبلة الألفي بعد توليها منصب نائب وزير الصحة    غارات جوية تستهدف المناطق الشمالية من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    أسعار البيض ترتفع اليوم السبت في الأسواق (موقع رسمي)    زور توكيل.. تفاصيل القبض على شقيق عصام صاصا في الهرم    انتشال جثمان شاب ثالث غرق في انقلاب سيارة بترعة المنصورية بالدقهلية    أسعار اللحوم الضاني اليوم السبت 6-7-2024 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 6-7-2024    شاهد.. أخر لقاء قبل وفاة أحمد رفعت (فيديو)    عاجل.. الزمالك يرد على أنباء حرمانه من الجماهير أمام الأهلي بالسوبر الأفريقي    يورو 2024| تشكيل منتخب إنجلترا المتوقع لمواجهة سويسرا    هيثم عرابي ينعى أحمد رفعت لاعب مودرن سبورت    البابا تواضروس الثاني يترأس القداس الإلهي وسيامة آباء كهنة بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية    وفاة اللاعب أحمد رفعت إثر تدهور حالته الصحية    «في الساحل الشمالي».. شوبير يكشف عن أولى صفقات الأهلي (فيديو)    الأونروا تحذر من خطر القنابل غير المنفجرة بين البيوت في غزة    الداخلية الإيرانية: تقدم بزشيكان على جليلي بعد فرز أكثر من نصف الأصوات    احتفالات السنة الهجرية الجديدة 1446 في العراق    مؤلف ففرقة العمال المصرية: أمضيت 7 سنوات في توثيق مشاركة نصف مليون مصري في الحرب العالمية الأولى    تشكيل فنزويلا الرسمي ضد كندا في كوبا أميركا 2024    رأس السنة الهجرية 1446.. أجمل التهاني والأدعية    «هنمنع عنكم طائرات الأباتشي».. نبيل فهمي يكشف تهديد أوباما بعد ثورة 30 يونيو (فيديو)    الصحة العالمية تحذر من مادة مسرطنة يستخدمها الملايين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حتي يكتمل تغيير مصر بالمصري‏!‏
نشر في أخبار مصر يوم 29 - 11 - 2009

تربطني بالدكتور عبدالمنعم سعيد علاقة احترام وتقدير ومودة قديمة‏,‏ وهو من الأصوات القليلة التي تناقش القضايا العامة بجرأة ووضوح وكثير من العقلانية‏.‏ قد تختلف معه في بعض النتائج التي يتوصل إليها‏,‏ ولكنك تتفق مع معظم المسلمات التي يبدأ بها والتي تستند إلي قيم الحرية والبرجماتية والابتعاد عن الشعارات الجوفاء التي لاتجد لها سندا من الواقع الملموس علي الأرض‏.‏
وعندما أنهيت عملي في الأمم المتحدة وعدت إلي القاهرة في بداية عام‏2001,‏ وكنت أكتب قبلها بشكل متقطع في الأهرام‏,‏ اقترح الدكتور سعيد علي الأستاذ إبراهيم نافع رئيس التحرير آنذاك دعوتي للانضمام إلي كتاب الأهرام والكتابة فيه بشكل منتظم‏,‏ وكان أن اتصل بي الأستاذ ابراهيم نافع مرحبا‏,‏ ومن يومها وأنا أكتب كل أسبوعين في هذه الجريدة العريقة‏.‏
ورغم هذه العلاقة الوطيدة أو لعله بسببها نشرت مقالا أو مقالتين منتقدا بعض الآراء التي طرحها الدكتور عبدالمنعم سعيد‏,‏ وهي من المرات القليلة التي أتعرض فيها بالاسم لأحد الكتاب‏,‏ ربما لما أحمله له من تقدير واعزاز‏.‏ فالدكتور عبدالمنعم سعيد كاتب جاد‏,‏ وينبغي أخذه بجدية‏,‏ واليوم أعود إلي مناقشة مقال الدكتور سعيد في الأهرام عن تغيير مصر بالمصري بتاريخ‏16‏ نوفمبر‏2009.‏
تناول الدكتور عبدالمنعم سعيد في هذا المقال أشكال تغيير المجتمعات‏,‏ ورأي أن مصر هي من الدول التي تحققت تغييرات هامة في أوضاعها نتيجة للتراكم التاريخي في عناصر اقتصادية واجتماعية وثقافية متنوعة تجعل البلد ليس كما كان‏.‏ فالتغيير هكذا يقول الدكتور سعيد يتم في مصر تدريجيا نتيجة لهذا التراكم‏,‏ كما حدث بعد فتح قناة السويس وبناء مدن القناة أو بعد انشاء السد العالي وتغيير مجري النهر ومعه صعيد مصر‏.‏ وهو يري أن شيئا من ذلك يجري الآن‏,‏ وإن كان في الاتجاه المعاكس من الشمال إلي الجنوب حيث بات يحمل الطاقة التي تفجر الصناعة وتجعل للزراعة شكلا ومضمونا آخر‏,‏ وتوزع النور والخدمات علي مدن وقري ونجوع لن تعول علي حالها مرة أخري‏.‏ والمسألة ببساطة هي أن وزارة البترول أعدت إستراتيجية طويلة المدي واسعة النطاق‏,‏ تركز علي مد خطوط الغاز لجميع أنحاء مصر من وحدات سكنية ومصانع وبعض محطات الكهرباء ومنتجعات سياحية وفندقية وتناول المقاول بكثير من التفصيل الآثار الإيجابية لهذا المشروع الكبير‏.‏
والفكرة تبدو براقة‏,‏ فالطاقة واستخداماتها المتنوعة كانت علي مدار التاريخ أحد أهم عناصر تطور البشرية‏.‏ فالثورة الصناعية والتي نقلت البشرية إلي مرحلة جديدة من التطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي إنما كانت إحدي نتائج اكتشاف الآلة البخارية نتيجة للتوسع في استخدام الفحم‏,‏ ثم جاء تسخير الكهرباء والتوسع في استخدام البترول لينقل البشرية إلي مرحلة جديدة من التقدم الصناعي والحضاري‏.‏ ولاشك أن اكتشاف الغاز في مصر والتوسع في استخدامه في الأغراض الصناعية والتنموية يمكن أن يشكل نقطة تحول هامة في تطوير المجتمع المصري‏.‏
ولكن مشكلة الغاز وكذا البترول هي أنهما موارد محدودة ومؤقتة وغير متجددة‏.‏ وعندما بدأت إنجلترا الغنية بمناجم الفحم ثورتها الصناعية‏,‏ فقد قيل يومئذ إن هذه الجزيرة هي في الواقع صخرة من الفحم‏,‏ وبالتالي لم تعان إنجلترا خلال ثورتها الصناعية والتي استمرت لأكثر من قرنين من أي نقص أو نفاد للفحم‏,‏ وإن عانت من مشاكل تلويث البيئة الناتجة عن استخدامه كمصدر رئيسي للطاقة‏.‏ وإذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية أول من استخدم البترول علي نطاق واسع‏,‏ فإنها تعاني حاليا من نقص مواردها البترولية وتعتمد إلي حد بعيد علي وارداتها من البترول كندا وفنزويلا والمكسيك وغيرها‏.‏ ولكنها طورت في نفس الوقت أيضا مصادر جديدة من الطاقة النووية كما تتمتع بموارد مائية كثيرة توفر لها طاقات كهربائية واسعة‏.‏ ومع كل ماتتمتع به الولايات المتحدة من موارد متنوعة الطاقة‏,‏ فقد وعد الرئيس أوباما في حملته الانتخابية بوضع برنامج لتطوير مصادر جديدة للطاقة المتجددة‏.‏
كذلك فإن أوروبا‏,‏ وهي تتمتع بمصادر هائلة من الفحم فضلا عن المساقط المائية وبالتالي الكهرباء‏,‏ فإنها تحرص علي تطوير الطاقة النووية بل والطاقة الشمسية أيضا واستخدامها تحسبا لنقص موارد الطاقة من البترول والغاز في مستقبل غير بعيد‏.‏ وإذا نظرنا إلي الصين التي تتمتع بمناجم كبيرة من الفحم فإنها تسعي للحصول علي مواطئ قدم في معظم الدول الأفريقية المنتجة للبترول‏.‏ وأما الهند فإنها تتمتع بمساقط مياه متعددة تمكنها من توليد الكهرباء‏.‏ وهكذا فالعالم وهو يضع خططه للإفادة لكل مصادر الطاقة المتاحة له محليا فإنه يعمل في نفس الوقت علي تطوير مصادر جديدة‏.‏ فالهم الأكبر للعالم الآن هو التحضير لعصر قادم سوف تقل فيه الموارد المتاحة من البترول والغاز‏.‏
فأين مصر من موارد الطاقة المتاحة لها؟‏.‏
مصر دولة فقيرة في الطاقة‏.‏ فهل لاتتمتع بموارد من الفحم كما هو الحال بالنسبة لمعظم الدول الأوروبية والولايات المتحدة والصين‏.‏ كذلك‏,‏ فمصر لاتتمتع بمساقط مياه كما هو حال الهند أو كندا يمكن أن تولد لها الكهرباء‏.‏ ولحسن الحظ تتمتع مصر حاليا بقدر ضئيل من مصادر البترول وبموارد أكثر قليلا من الغاز‏.‏ ولكنها تظل بلدا فقيرا في موارد الطاقة‏,‏ ولايمكن أن تقارن مثلا بدول الخليج مثل السعودية أو الكويت أو العراق بالنسبة للبترول‏,‏ أو مثل قطر بالنسبة للغاز‏.‏
وهكذا‏,‏ فهناك حقيقتان لاأعتقد أنه يقوم عليهما أي خلاف أما الحقيقة الأولي فهي أن العالم يواجه في مجموعه أزمة خانقة للطاقة‏,‏ وفي خلال فترة تتراوح بين عقدين أو ثلاثة سيبدأ العد التنازلي لإنتاج النفط والغاز في العالم‏.‏ وأما الحقيقة الثانية فهي أن مصر من بين دول العالم لاتتمتع بأية موارد من الطاقة التقليدية مثل الفحم أو الكهرباء‏(‏ مساقط المياه‏)‏ ويكاد يكون مصدرها الوحيد من الطاقة هو النفط والغاز وكلاهما محدود الكمية ومعرض للنفاد في خلال فترة قصيرة‏,‏ وإدراكا لهذه المشكلة أعلنت مصر عن برنامج طموح لاستخدام الطاقة النووية‏.‏
وإذا كانت مصر تنوي الآن تنفيذ مشروعات جديدة لاستغلال الغاز في مصر‏,‏ فإن السؤال الجوهري يصبح‏:‏ ألا يدفع ذلك للتساؤل عن جدوي تصدير الغاز‏,‏ وهو يكاد يكون المصدر الوحيد المتوافر قليلا في مصر‏.‏ لقد أعلنت وزارة البترول منذ فترة ليست بعيدة أن الاحتياطي من الغاز يكفي لثلاثين أو أربعين عاما قادمة‏(‏ ماأعلن في ذلك الوقت‏2006‏ هو أن لدينا من الاحتياطيات مايكفي لأكثر من‏34‏ عاما‏).‏ وهي فترة قصيرة في عمر الأمم‏.‏
لاشك أن التفكير في استغلال الغاز المصري في مشروعات للتنمية في جنوب الوادي في الصعيد في الصناعة والسياحة والإسكان أمر جيد يستحق التقدير‏.‏ ولكن أليس من المنطقي أن نبدأ بإعادة النظر في سياستنا لتصدير الغاز‏.‏وكانت مصر قد أعلنت منذ عدة سنوات‏2006‏ عن افتتاح أكبر مصنع لتسييل الغاز وتصديره‏.‏ ولازلت أذكر العنوان الرئيسي للأهرام آنذاك مصر تصبح سادس أكبر مصدر للغاز في العالم‏.‏ وقد كتبت مقالات تعليقا علي ذلك علي صحفات هذه الجريدة بعنوان من باب أولي الاحتفاظ بالغاز الطبيعي‏(‏ أكتوبر‏2006),‏ منبها إلي خطورة التوسع في تصدير الغاز في دولة كمصر فقيرة في مصادر الطاقة‏.‏ وقد اضفت في ذلك المقال أن خطورة التوسع في تصدير الغاز الطبيعي لاتهدد فقط مستقبل الأجيال القادمة من مواردنا المحدودة والقليلة من الطاقة‏,

وإنما تساعد علي إعطاء وهم بتحسن الأوضاع الاقتصادية وذلك بزيادة رقم الصادرات‏,‏ وبالتالي حجم الناتج القومي بمايعطي الانطباع بأننا في أوضاع افضل نسبيا مما يدعم اتجاهات الاستهلاك في بلد فقير‏.‏ فالحقيقة أن تصدير الغاز وكما هو الحال بالنسبة للبترول أيضا‏,‏ إنما هو استهلاك لمصدر من الثروة الطبيعية النافدة وغير المتجددة‏.‏
فالأمر أشبه بالوارث الذي يبدد ميراثه للإنفاق علي ملذاته‏.‏ وهي المشكلة التي وقعت فيها معظم الدول النفطية والمعروفة باسم الاقتصادات الربعية‏,‏ وحيث يتحقق الرخاء الظاهري ليس مقابل زيادة في القدرات الانتاجية وإنما مقابل التصرف في الموارد الطبيعية الموروثة‏.‏ وإذا كان عذرالدول النفطية الخليجية هي أنها تتمتع بموارد هائلة للنفط والغاز وأنها سوف تستمر لسنوات طويلة قد تبلغ القرن من الزمان‏,‏ فإن الأمر بالنسبة لمصر مختلف تماما حيث لاتتمتع إلا بموارد قليلة تكفيها بالكاد لسنوات قليلة لاتزيد علي عقدين أو ثلاثة‏.‏ عائدات البترول وكذا الغاز ليست دخولا بالمعني الدقيق وإنما هي استهلاك للثروة‏.‏ فالدخل متجدد وبالتالي قابل للاستهلاك‏,‏ أما الثروة فإنها غير متجددة ومن ثم تحتاج إلي المحافظة والرعاية‏.‏
حسن جدا أن تضع وزارة البترول برنامجا طموحا لاستغلال الغاز المصري في تحسين أحوال الصعيد وغيره من أنحاء القطر‏.‏ ولاشك أن وضع هذا المورد الطبيعي لرفع مستوي كفاءة المصريين وقدرتهم علي زيادة الإنتاج لهو أمر يستحق الثناء والتقدير‏.‏ ولكن كل هذا يتوقف علي صيانة مانملكه من مصادر الغاز الطبيعي‏.‏ ومن الطبيعي‏.‏ أن تبدأ الخطوة الأولي بحماية هذه الثروة وعدم التصرف فيها بالتصدير‏,‏ وبما يؤدي إلي حرمان الأجيال القادمة من أية مصادر كافية للطاقة‏.‏
تغيير مصر بالمصري باستخدام الغاز لصالح المواطنين أمر طيب‏,‏ ولكن الخطوة الأولي تبدأ بحماية هذه الثروة المصرية‏(‏ الغاز‏)‏ حتي يمكن الإفادة من مشروعات الغاز لأطول فترة ممكنة‏.‏ وسوف تكون كارثة إذا استثمرنا في بنية واسعة لنقل واستخدام الغاز الطبيعي علي اتساع القطر‏,‏ لنكتشف أننا أهدرنا معظم مواردنا القليلة المتاحة منه بتصديرها للخارج‏.‏ والله أعلم‏.‏
*نقلا عن صحيفة الاهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.