في إطار الاهتمام الذي أبدته وسائل الاعلام الفرنسية بمباراة كرة القدم التي جرت بالسودان وتأهل فيها المنتخب الجزائري بعد فوزه علي نظيره المصري صدر العدد الأخير رقم 756 للفترة 12 - 72 نوفمبر الجاري لمجلة Marianne الأسبوعية وبه ملحق رياضي خاص لم يتطرق فقط لوقائع هذه المباراة وما تبعها من أحداث وتجاوزات من قبل مشجعي الفريق الجزائري وانما أيضا لظواهر الانفلات والتعصب لدولة الجزائر ليس فقط من قبل رعاياها المهاجرين والمقيمين بالخارج، وأنما أيضا من قبل أبنائهم وأحفادهم ومنهم من لم تطأ قدماه الأراضي الجزائرية. ورأت المجلة أن إثارة موضوع ظاهرة التعصب الجزائري في الوقت الراهن تكتسب أهمية خاصة لانها من ناحية تعني فشل فرضية الاندماج التي عملت الحكومات الفرنسية علي انجاحها كونها تعد واحدة من أسس التعددية التي قامت عليها قواعد الجمهورية الفرنسية، ومن ناحية أخري كونها تأتي في وقت بدأت فيه بالفعل المناقشات الخاصة بالهوية الفرنسية التي كانت احد الموضوعات التي حظيت باهتمام خاص في البرنامج الانتخابي للرئيس الفرنسي الذي أوفي بوعوده وأقام لها وزارة خاصة وزارة الهجرة والاندماج والهوية الوطنية وعهد في البداية بمسئولياتها للسيد بريس أورتيفو المعروف بصداقته القوية له ثم عهد بها في التغيير الوزاري الأخير الذي انتقل فيه اورتيفو لوزارة الداخلية إلي الاشتراكي السابق والساركوزي الحالي أريك بيسون الذي فاجأ الجميع بتشدده فيما يتعلق بالهجرة والهوية الوطنية. وتجدر الاشارة إلي أن اهتمام المجلة بموضوع التعصب الجزائري لم يكن فقط نتيجة للتجاوزات التي ارتكبها الجزائريون- ومنهم من يتمتع بالجنسية الفرنسية خاصة في أوساط الشباب - في العديد من المدن الفرنسية كباريس ومارسيليا وليون وجرينوبل حيث أحرقوا السيارات وحطموا واجهات المحلات وحتي المراكب واليخوت الخاصة التي كانت راسية بالموانئ الفرعية بمدينة مارسليا لم تسلم من عمليات الاعتداء حيث أتت النيران التي أضرمها الجزائريون علي العديد منها، وإنما جاء هذا الاهتمام أيضا لتسليط الضوء علي العديد من الاعتبارات من بينها: 1 إنه في الوقت الذي كان المهاجرون الجزائريون - وأغلبهم فرنسيون- يحتفلون بتأهل الفريق الوطني الجزائري لنهائيات كأس العالم لم يعبأ أي منهم بمسألة تأهل فريقهم الوطني الفرنسي لتصفيات كأس العالم رغم أن توقيت مباراة فرنسا وإيرلندا كان بعد انتهاء مباراة مصر والجزائر. 2 انه حتي عندما استضاف الفريق الوطني الفرنسي نظيره الجزائري للعب مباراة ودية اقيمت علي أحد الملاعب الفرنسية STADE DE FRANCE عام 1002 وقعت العديد من التجاوزات كعدم احترام الجزائريين السلام الوطني الفرنسي حيث استقبلوه بوابل من صفافير الاحتجاج بالإضافة إلي النزول في الدقيقة 57 إلي أرض الملعب بالاعلام الجزائرية وهو ما أدي إلي إلغاء المباراة. الملف الذي اعدتة المجلة : وفيما يتعلق بالملف الذي اعدته المجلة عن هذا الموضوع، ففيما يلي أبرز ما تضمنه: لم تكد صفارة حكم مباراة مصر والجزائر تعلن نهاية المباراة وبالتالي تأهل الفريق الجزائري إلا وقد خرج إلي شوارع وميادين باريس والعديد من المدن الفرنسية الجزائريون يحملون اعلام الجزائر ويرددون هتافات مثل »الحمد لله، تحيا الجزائر«، وجابوا الشوارع والميادين بالسيارات والعجلات النارية التي كانت تقل الرجال والنساء وحتي القصر منهم ليتصايحوا وبشكل هستيري وشبه جماعي تارة بهتافات عادية مثل انتصرنا وتارة أخري بهتافات تضمنت عبارات بذيئة ضد المصريين وكان بعض المغاربة قد انضموا لهذه الحشود من بوابة التضامن العربي وقالت المجلة.. الوضع في مارسيليا : أما في مارسيليا فكانت الأوضاع أكثر مأساوية حيث كان الهدف الأهم للذين نزلوا إلي الشوارع هو عدم الاكتفاء بترديد الهتافات، بل إحداث العديد من أعمال الشغب، بعدما كانوا قد اكتفوا بعد هزيمة الجزائر في المباراة الأولي بالقاهرة بترديد العبارات المعادية لمصر ولفرنسا التي نالت قسطا من العبارات البذيئة في هتافاتهم وهو الأمر الذي لفت انظار التيارات اليمينية المتشددة في فرنسا حيث قام زعيم الجبهة الوطنية الفرنسية جان ماري نوين »خلال مؤتمر صحفي يوم 61 نوفمبر عقد بمدينة مارسيليا« بالتنويه إلي »التيشرت« الذي يرتديه آلاف الشباب ذوو الأصول الجزائرية ومطبوع عليه خريطة لفرنسا مغطاة بلون العلم الجزائري مع لوجو يشير إلي أن مارسيليا عاصمة البلاد أي عاصمة الجزائر بلدهم الأصلي. افعال معادية لفرنسا : بالنظر إلي ما يرتكبه هؤلاء من أفعال معادية لفرنسا البلد الذي يعيشون فيه ولا يحترمون حتي نشيده الوطني فإن البعض من المسئولين السياسيين يفسرون هذه الظاهرة علي أنها رد فعل لمعاناة هؤلاء من أوضاعهم المعيشية بالتجمعات السكنية التي يقطنها غالبية من ذوي الأصول المهاجرة وكذلك لاحساسهم بالعيش علي هامش المجتمع الفرنسي وعدم تمتعهم بمنطق تكافؤ الفرص بين الجميع وقد برر هؤلاء رؤيتهم بالاشارة إلي أنه إذا كان السلام الوطني الفرنسي قد واجهه ذوو الأصول الجزائرية بالهتافات المعادية وبالصفير عام 1002 فإن الأوضاع لم تكن أفضل بعد ذلك بعدة سنوات حيث تعرض النشيد الوطني الفرنسي في مباريات مماثلة لكرة القدم إلي الهتافات المعادية والصفير عام 5002 في مباراة جرت بين فرنسا وتونس، وبعدها بين فرنسا والمغرب. الاشارة إلي أن العديد من المتخصصين والمهتمين برصد مثل هذه الأحداث يرون أن مواجهة هذه الظواهر لايجب أن تعتمد فقط علي التعامل معها بشكل حاسم وإنما أيضا بضرورة أن تضطلع الدولة بمسئولياتها التي يجب أن تشمل زيادة الجهود المبذولة لحل مشاكل هذه الفئات، ومن ناحية أخري عدم ترك أية مظاهر تستفحل في أوساطهم ويصعب التعامل معها بعد استفحالها مثل التعصب الديني والعقائدي.