عادت الجماعات الصوفية فى العراق لممارسة طقوسها في الآونة الاخيرة عندما شعرت بالآمان بعد تحسن الأوضاع الأمنية، ففي أعقاب الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة للعراق عام 2003 استغلت جماعات متشددة حالة إنعدام القانون لتستهدف طوائف لا تشترك معها في المباديء والمعتقدات، وكان أتباع الطرق الصوفية من الطوائف التي اُستهدفت. وتراجعت أعمال العنف في العراق إلى أدنى مستوياتها منذ الغزو، ومع تحسن حالة الأمن استأنف أتباع الطرق الصوفية في البصرة طقوسهم في الاونة الاخيرة ومنها حلقات الذكر. ويمارس أتباع الطريقة الكسنزانية القادرية الصوفية طقوسا غير مألوفة خلال حلقات الذكر اذ يتمايلون على ايقاع متسارع لدقات الدفوف ويصلون الى حالة من النشوة. والطريقة الكسنزانية القادرية هي أكبر الطرق الصوفية من حيث عدد الاتباع في العراق، لكنها اضطرت للتواري عن الانظار في السنوات الاخيرة، وغادر محمد الكسنزاني شيخ الطريقة بغداد الى اقليم كردستان في شمال العراق عام 1999 بعد أن تسرب القلق الى نظام الرئيس الراحل صدام حسين من شعبيته الكبيرة. وتغرس في أجسام الاتباع الجدد خلال حلقات الذكر سيوف أو سكاكين أو أسياخ من الحديد دون أن يشعروا بالالم أو ينزفوا، ويقول أتباع الطريقة الكسنزانية القادرية ان جرح السكين أو السيف أو السيخ يلتئم فورا بعد نزع الاداة الحادة وان ذلك دليل على البركة والقوة. ويمر كل وافد جديد الى الطريقة بتدريبات روحية وجسمانية تمكنه من ممارسة طقوس قد يعتبرها اخرون أنواعا من التعذيب، ويؤكد أتباع الطريقة الكسنزانية القادرية أنهم لا يفرقون بين الطوائف والجماعات العرقية وأن طقوسهم تؤكد أن الجسد فان وأن الذكر هو السبيل لسمو النفس. وقال عماد عبد الصمد "بالنسبة للطريقة القادرية الكسنزانية ليس فيها طائفة، مجرد ما يكون مسلم فهو يحق له أن يأتي ويأخذ البيعة ويأخذ العهد كي يتقرب الى الله سبحانه وتعالى بالنوافل ويتقرب الى الله سبحانه وتعالى". ولا تتوفر بيانات دقيقة عن عدد أتباع الطرق الصوفية في العراق لكن أكبرها عددا موجود في بغداد وفي اقليم كردستان العراقي. ويقول الصوفية ان العراق قبل الغزو كانت فيه عشرات التكايا والاضرحة والمزارات الصوفية في العاصمة وأكثر من مائة أخرى في مختلف أنحاء البلاد ويعتقدون أن العدد انخفض الى الثلث منذ الغزو، وتوصف الصوفية في بعض الاحيان بأنها باطنية وترتبط في كثير من الاذهان بطقوس وممارسات خاصة. والتصوف حركة دينية انتشرت في العالم الاسلامي في القرن الثالث الهجري كنزعات فردية تدعو الى الزهد والعبادة في رد فعل مضاد للانغماس في الترف الحضاري، ثم تطورت تلك النزعات بعد ذلك فصارت طرقا معروفة باسم الصوفية.