اعتبرت الأميركية لويز فيروز إيران وطنها منذ نحو نصف قرن. وهي تبلغ من العمر حالياً 75 عاماً، وتدير مزرعة للخيول في أقصى شمال شرق البلاد، وشهدت تحول وطنها الجديد من حليف للولايات المتحدة إلى عدو لها. وانتقلت فيروز إلى طهران في الخمسينات من القرن الماضي للزواج من شاب إيراني من الطبقة الارستقراطية، لكن مكانة أسرة الشاب تغيرت بدرجة كبيرة مع قيام الثورة الإسلامية عام 1979، وما تلاها من حرب استمرت ثماني سنوات مع العراق. وولدت لويز في مزرعة في فيرجينيا، ونقلت حبها للخيل معها إلى إيران حيث فتحت مدرسة لتعليم ركوب الخيل، وساعدت في إنقاذ سلالة قزوين وتربي الآن الخيول التركمانية. وتقول فيروز في بيتها البسيط المريح المليء بالكتب والسجاد الفارسي ورسومات الجياد، إنها تعلمت ألا تولي اهتماماً كبيراً بالممتلكات الشخصية. وواجهت فيروز صعوبات مالية، وأمضت بعض الوقت في السجن، لكنها اكتسبت شهرة في عالم الفروسية بسبب عملها على إنقاذ سلالة قديمة من الانقراض، والعمل على إظهار صلتها بالسلالات الأصيلة التي تشارك في سباقات الخيل في الغرب. وناشدت فيروز السلطات مراراً دون جدوى السماح لها بالبدء في تصديرها قائلة إن ذلك سيساعد على ضخ دماء جديدة في سلالات الخيول الغربية التي تقول إن خصالها بدأت تتراجع، وقالت بفخر وهي تربت على ظهر حصان بني:جياد مثل هذه سيكون لها شأن كبير في الغرب . وكتب الروائي جيسون اليوت المقيم في لندن في روايته مرايا غير المرئى...رحلات في إيران كيف أن عثورها على عدد محدود من الجياد القزوينية خلال رحلة في الجبال، أثار أحاديث زلزلت عالم الفروسية . وكتب يقول: إن فيروز لم تكن أول من توصل إلى أن هذه السلالة المنقرضة من أسلاف الخيل العربي الشهير، لكنها كانت أول من ثابر لإثبات ذلك. وتابع قائلاً: لم يرحب التقليديون في مجال الفروسية بذلك، فتاريخ الفروسية الغربية الذي سحره جمال الخيل العربي، كان ينتهي عادة عند نهر الفرات . وأعادت الأسرة بناء حياتها بالتدريج وأقامت المزرعة بالقرب من القرية التركمانية التي تعيش فيها حاليا. وبعد أن أصبحت أرملة في عام 1994 أصبح أقرب رفاقها الآن خمسة كلاب و45 حصاناً وسكان القرية التركمان الذين يعملون في المزرعة التي تواجه مصاعب مالية. ولكسب عيشها تأخذ فيروز مجموعات من السياح الغربيين الباحثين عن الإثارة في رحلة على ظهور الخيل مدتها عشرة أيام في الجبال النائية، رغم أن ذراعها المكسورة تبطئ حركتها بعض الشيء. وتعارض فيروز وهي واحدة من قلة من الأميركيين مازالت موجودة في إيران السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، وتقول إن أي هجوم بسبب برنامج إيران النووي المثير للجدل سيكون بمثابة كارثة على المنطقة. وقد يعتقد أصدقاؤها الغربيون أنها مجنونة، إذ قررت العيش في هذا البلد المعادي للولايات المتحدة، لكن فيروز تقول إنها لا تشعر بالندم بسبب وجودها في إيران، ولن تتركها طواعية. وقالت: «لم أعد أعتبر نفسي أميركية منذ فترة طويلة.. كنت سأشعر بخوف أكبر بكثير، لو أنني أعيش وحدي هكذا في أميركا. أفتقد الكثيرين لكنني لا افتقد أسلوب حياتهم». وتتباهى فيروز بذكرياتها وهي تسلي زوارها بقصص من حياتها الغنية المتنوعة وتضحك عينا فيروز الزرقاوان وهي تتذكر كيف تركت سيارتها، ثم قدمت مفاتيحها بعد ذلك لزوجها عندما تطاير الرصاص خارج مقر السفارة الأميركية في طهران قبيل أزمة احتجاز الرهائن في عام 1979 التي مازالت توتر العلاقات بين البلدين. وبعد ذلك تحكي عن اختراق صاروخ عراقي لسطح منزل الأسرة في العاصمة خلال الحرب العراقية الإيرانية بين عامي 1980 و1988 وانفجار رأسه الحربية في مكان قريب. وبسبب النظرة المتشككة من جانب السلطات الإيرانية لاسم عائلة زوجها الذي يرجع إلى أسرة قاجار التي حكمت البلاد قبل أسرة بهلوي، سجنت فيروز لمدة ثلاثة أسابيع وسجن زوجها نارسي لمدة ثلاثة أشهر. وقالت فيروز التي ربت ثلاثة أبناء منهم ابن يعمل حالياً كبير مصوري وكالة «رويترز» في إيران إنها اضطرت لبيع مجوهراتها وفضتها للعيش من ثمنها. وقالت: لم يكن لدينا شيء لم يكن لدينا حتى ما يكفي من الطعام في ذلك الوقت كنا نجوع أغلب الوقت . لكنها أضافت ضاحكة: هذا يجعلك تشعر بأنك أصغر سنا كم من الناس أتيحت لهم الفرصة أن يعيشوا حياتين في عمر واحد .