يبدو أن بعض المسئولين عن المدارس آخر من يعلم أن الدراسة بدأت أمس الأول, فلا تزال الأعمال الإنشائية في بعضها, والفصول في البعض الآخر تحولت إلي مخازن للمقاعد والديسكات.. والأبواب لم تغلق بعد في بعضها ليخرج منها التلاميذ متي يشاءون! وفي بعض المدارس تغيب المدرسون, وفي بعضها الآخر لم يكف عدد العمال للقيام بأعمال النظافة, فاستأجر الأهالي عمالا آخرين لتطهير الفصول وتنظيف الفناء.. وفي مدارس أخري حاصرت تلال القمامة أسوارها, وأشعل الأهالي النار فيها للتخلص منها لكن الدخان الصادر منها يهدد صدور التلاميذ. هذه بعض المشاهد التي رصدتها جريدة الجمهورية المصرية في جولتها أمس خلال اليوم الثاني للدراسة, فعلي الرغم من أن عدد الطلبة يصل إلي16 مليون تلميذ إلا أن الكثيرين من الطلبة تقاعسوا عن الذهاب إلي المدارس بمحافظة القاهرة لعدة أسباب منها الخوف من انتشار مرض انفلونزا الخنازير وعدم تجهيز بعض مدارس السيدة زينب حيث إنها مازالت غير مؤهلة لبداية العام الدراسي واستقبال أفواج الطلاب وعلي العكس تماما عما أذيع حول استعدادات جميع مدارس محافظتي الجيزةوالقاهرة للتصدي لانتشار مرض إنفلونزا الخنازير وانتقاله بين الطلاب. وفي جولة ميدانية للعديد من هذه المدارس كانت البداية التي لا تبشر بأي خير في مدرسة الخديوية بنين التي تقع بمنطقة السيدة زينب بالتحديد في شارع بورسعيد والتي خرجت أمير الشعراء أحمد شوقي والزعيم الوطني مصطفي كامل ويبدو عليها الإهمال وعدم تواجد المدرسين ولا حتي الطلبة والقليل الموجود منهم خارج نطاق خدمة المدرسة بسبب الباب المفتوح علي مصراعيه ليشجع الطلبة علي التسرب, كما أن المدرسة غير مجهزة بأي شيء يصلح للتعليم أو حتي الاستخدام الآدمي فهناك فصول مازالت خالية من المقاعد الدراسية وتغرق المدرسة في الصرف الصحي ودورات المياه لا يوجد بها أي مطهرات فضلا عن قلة العمالة التي تقوم بأعمال النظافة ولكن كل من يتواجد داخل مخازن الوزارة هم الموظفون الذين يجددون الكتب الدراسية أحد أولياء الأمور اسمه تامر عيسي قال إننا اعتدنا علي تلك المناظر من كل عام لكن في هذا العام من الواضح أننا سقطنا من حسابات وزارة التربية والتعليم لأننا لا نشعر بأننا نتلقي أي اهتمام أو حتي تعليم علي الرغم من أن هناك علي بعد عدة أمتار مدرسة فرنسية خاصة تهتم إدارتها كل الاهتمام بالطلبة وتقوم بتوزيع أقنعة طبية حقيقية وليست وهمية حتي عندما يدخل أي شخص من أولياء الأمور إلي أبنائهما يأخذ كمامة ليضعها علي وجهه وذلك حفاظا علي صحة وسلامة الطلبة والمدرسين وعلي اعتبار أن المدرسة الفرنسية مدرسة قديمة وليست بمصاريف مبالغ فيها إلا أنها مازالت تحافظ علي طرازها التاريخي وتهتم بالنظافة والشكل المعماري علي عكس المدرسة الخديوية التي من المفترض أنها من آثار مصر التاريخية لأن عمرها يرجع إلي العصور الخديوية. جبال القمامة! ثم انتقلنا بعد ذلك إلي مدرسة الحلمية الإعدادية للبنين والتي وجدنا حولها اطنانا من جبال القمامة التي تحاصرها وتشتعل بها النيران وعمال نظافة حي القاهرة يحاولون إنقاذ ما يمكن إنقاذه من كارثة بيئية وحول سور المدرسة وكأنهم فوجئوا بأن الدراسة بدأت منذ يومين. ويقول علي سالم موظف في إحدي الهيئات الحكومية إن لديه أبناء في المدرسة وهم لا يعلمون أي شيء عن انتظام الدراسة في الفصول, وكيف يتم التقسيم لأن الجداول والكشوف المعلقة علي حائط المدرسة ممزقة ما أدي إلي مغادرة الطلبة والعودة للمنازل والأهم هو وهم توزيع الكمامات علي الطلبة ومطالبة أولياء الأمور بتوفير فوطة وصابونة ومناديل مطهرة وورقية لأبنائهم وذلك بجانب الأدوات الشخصية. رش المطهرات ومن جانبه أكد نبيل محمد يماني التابع لمكافحة ناقلات الأمراض الخاصة بتطهير المدارس التابعة لمنطقة السيدة زينب الطبية لمديرية الشئون الصحية أن هناك متابعة رش مطهرات داخل المدارس في دورات مياه الطلبة وأيضا الخاصة بالمدرسين وذلك بإحضار شهادة تختم من الصحة بها اسم المدرسة واسم المندوب وبعد الانتهاء من اليوم الدراسي نقوم برش المطهرات وتنظف المدرسة. وفي مدرسة السنية الثانوية بنات التي بدت أطلالا من الإهمال والخراب استوقفني مدرس لغة فرنسية وبدأ يروي لي قصة مأساة هذه المدرسة ذات الأسطورة التاريخية التي تخرج منها كبار الشخصيات والعظماء أن ما يقرب من عشرة أعوام أغلقت بسبب التجديدات وبلغت قيمة المصروفات نحو ستة ملايين جنيه والآن أيضا تم إغلاقها لنفس هذا السبب بسبب التجديدات وتم تحويل الطلبة إلي مدرسة أخري تحتاج إلي تحديث أكثر بكثير لأنها بدون اهتمام حتي أن مراوح أسقف الفصول كلها بالجهود الذاتية وتبرعات أولياء الأمور علي عكس المدارس التابعة لوزارة التربية والتعليم والتي ينصب عليها اهتمام القنوات التليفزيونية والإعلام فتلك المدارس القديمة تعتبر صحية جدا بسبب ارتفاع الأسقف التي تعد بالأمتار وزيادة حجم الشبابيك واتساع الفصول والمقاعد الدراسية التي تستوعب العديد من الطالبات لكنها ينقصها الاهتمام والنظافة. فرق استطلاع! ومرورا بالمدرسة الثانوية التجارية بنات حرص الآلاف من أولياء الأمور علي الوجود لمتابعة ما سيحدث فيما بعد وهل يستمرون في إرسال بناتهم أم الاكتفاء هذا العام بالجلوس في المنزل ومتابعة الدروس وقالت فايزة فرج والدة طالبة انها متخوفة من المجهول بعد المعاناة لالتحاق ابنتها بالمدرسة ودفع المصاريف التي زادت بشراء الأقنعة الواقية لأنه لا أحد يستطيع دفع هذا المبلغ يوميا في شراء كمامة بل من الأفضل الوقوف في الطابور لشراء رغيف الخبز! وتساءلت إلي متي سنستمر في هذا التعب والقلق والمعاناة؟!.