اليمين في أوروبا يواصل تقدمه في أخطر ساحة: إنها ساحة الأفكار المسمومة وأبرزها أن هناك خطرا لا يقول مؤامرة بأسلمة أوروبا وضياع نموذج المجتمع المفتوح في مواجهة رؤية منغلقة متزمتة لا تري إلا الإرهاب وسيلة لتسوية الخلافات وعندما يصرخ المعتدلون الأوروبيون بأن أوروبا ليست مهددة وأن الغالبية العظمي من مسلمي أوروبا مواطنون مسالمون ويساهمون في تقدم البلاد. ففي المقابل يتصيد البعض الذين لديهم أجندتهم الخاصة, ويصرخون إنظروا حتي وزيرهم الفنان فاروق حسني يتوعد بحرق الكتب اليهودية داخل البرلمان!. وتلك هي المعركة الحقيقية التي بالطبع ليست من أجلنزهة فكرية, وإنما من أجل النفوذ السياسي, والانحياز لقضايا ومصالح شعوب تصادف أنها في النهاية: ما بين العرب واسرائيل! . هذه المعركة لم ولن تهدأ وسواء أراد فاروق حسني أو غيره خوضها أولا, فإنها مفروضة علي الجميع. مروة الشربيني المسلمة المعتدلة دفعت حياتها في ألمانيا ثمنا لها, وفاروق حسني تصور أن ماضيه وسلوكه ومواقفه ضد الحجاب ستضمن قبوله في مقعد رئاسة اليونسكو, ولم يتصور أن الاعتذار والتراجع لن يكفي في صراع البقاء! والمثير أننا لا نجمع الخيوط المتناثرة بامتداد القارة العجوز: فقد كانت معركة الحجاب, ووضع المرأة, وحقوق الأقليات, وختان الإناث, والبطالة والتطرف بين الأجيال الجديدة, والآن المعركة ستدور انطلاقا من هولندا أيضا بشأن النقاب فقد دعا عمدة أمستردام بوب كوهن الي قطع الاعانات الشهرية عن النساء اللاتي يرفضن العمل بسبب النقاب. وكانت محكمة أمستردام قد منعت حظر دفع الاعانة عام2006 لأنه غير قانوني, إلا أن البرلمان الهولندي عدل قراره بخفض المعونات بدلا من وقفها. وبعد ما كان حزب الحرية اليميني المتطرف هو الذي يؤيد ذلك فقط لحظتها, فإن الائتلاف الحاكم, قد أبدي موافقة أولية علي دعوة عمدة أمستردام. . يبقي أن علماء المسلمين ليس بينهم إجماع بشأن النقاب, إلا أن المسألة التي تؤرق المسلمين في هولندا هي أن تكون أفكار كوهن بداية تفكير في تطبيق القرار علي المحجبات!. وأحسب أن جوهر الأمر يتعلق بمحاولة التخلص من المسلمين خاصة المعتدلين, نظرا لأنهم باتوا يطرحون الآراء حول عنصرية إسرائيل, وقضايا أوطانهم الأصلية. وهنا لابد أن نخوض المعركة لا أن نهرب منها, وأن نهديء المخاوف لا أن نهدي خصومنا زلات ساذجة وأن نستفيد من اللوبي العربي الإسلامي, الذي يتشكل للدفاع عن حرية الاعتقاد والتعايش وتعدد الثقافات, وحوار الحضارات. وعلينا أن ندرك أن أوروبا ساحة الصراع الذي يجب ألا نخسره! الاهرام *