تشهد الإسكندرية اليوم اجتماعات المجلس الوزاري لوزراء المياه بدول حوض النيل وسط خلافات بين دولتي المصب مصر والسودان من جهة ودول المنبع من جهة أخري حول بعض بنود اتفاقية الإطار القانوني والإطار المؤسسي لمبادرة حوض النيل وجوهر الخلاف هو محاولة الالتفاف علي الحقوق التاريخية لمصر في حصتها من مياه النيل, ومسألة انتزاع حق مشروع لدول المصب في مراجعة دول المنبع في حق الفيتو علي أي مشروع قد يضر بمصالحها وحقوقها الثابتة. اهتمت الصحف المصرية بالموضوع وذكرت جريدة الاهرام فى افتتاحيتها أن موقف مصر قوي للغاية وتدعمه الثوابت التاريخية والاتفاقيات المستقرة والدعم الدولي إلا أن أهم ما يميز موقف مصر هو اتساقه مع المنطق السليم والشروط المصرية الثلاثة تتحدث بقوة وعقلانية: فمما لاشك فيه أن من حق كل دولة أن تتمتع بالأمن المائي لما يضمن حياة مواطنيها وأمنها القومي, فضلا عن ضرورة الإخطار المسبق قبل إقامة أي مشروعات في أعالي النيل, والأمر الثالث والأخير يتعلق باتخاذ القرارات بالإجماع أو الأغلبية المشروطة, ومما لا شك فيه أن هذه الشروط الثلاثة هي بديهيات يتعين توافرها ما بين أي مجموعة من الدول تشارك في شريان حياة لها وهو نهر النيل, ولن يكون طبيعيا أو مفهوما أن تنفرد مجموعة من الدول أو إحدي الدول باتخاذ قرارات بدون التشاور, فضلا عن تهديدها لمصالح الآخرين, وهذه الخطوات لو تمت ستكون دليلا علي نيات سيئة, أو عدم اكتراث بالآخرين, وليس من صالح أحد أن يكسب عداء مصر أو يغامر بتهديدها في أمنها القومي, أو يعرض حياة مواطنيها للخطر, ومستقبل أجيالها لأخطار جسيمة. ومن الغريب أن تتم إثارة هذه النقاط الخلافية من حين لآخر بأساليب متعددة, وأن تسمح دول المنبع لنفسها بأن تكون محل شبهة التلاعب بها من قبل جهات أجنبية ترغب في الضغط علي مصر, وبينما تتحلي القاهرة ب الصبر الجميل, وبروح أخوة تجاه الأشقاء في دول المنبع إنطلاقا من التاريخ المشترك, والعلاقات الممتدة في عمق التاريخ, إلا أن هؤلاء جميعا عليهم أن يدركوا أن الرأي العام المصري لا ينظر بصورة ودية لما يحدث, كما أن عليهم ألا يساورهم شك في أن صبر القاهرة علامة علي ضعف موقفها أو ضعف إرادتها, بل مصر وقيادتها أكدت بشتي الوسائل وعلي مر العصور أن الأمن المائي خط أحمر لن تسمح لأحد بتجاوزه, أو العبث به. إلا أن الحقيقة والعقلانية تستدعي أيضا الإقرار بأن دول حوض النيل أشقاء لنا ولم ولن يصبحوا أعداء لمصر, فهم لم يجمعنا بهم صراع طويل وشرس مثل إسرائيل, بل يربطنا النيل بشريان حياة لا عواصف الموت, لذا فإن مبارك علي حق عندما يدعو إلي التعاون الشامل, وتعزيز المعونة الفنية, والاستثمارات المصرية, ويبقي أن الجميع مطالبون بامتداد نهر النيل الخالد بنقلة نوعية شاملة في العلاقات بين مصر ودول حوض النيل.. ونحن جميعا في الانتظار. جريدة الاخبار أكدت أن مصر تتمسك بحقوقها التاريخية في مياه النيل والتمسك بمبادرة حوض النيل وانه في حالة الاصرار علي توقيع الاتفاقية الاطارية وانشاء مفوضية دون مصر والسودان فنحن نتمسك بالاتفاقيات القديمة و أن مصر لا تفكر مطلقا في الانسحاب من مبادرة دول حوض النيل وتدرس بدائل التعاون في حالة اصرار دول المنابع علي التوقيع منفردة مؤكدا ان علاقات مصر السياسية مع دول حوض النيل اقوي من اي خلافات وان جميع الخلافات يمكن حلها بالتفاوض. وفي حديث مع الدكتور مفيد شهاب قال إن بعض دول حوض النيل تحاول تعديل اتفاقيات الحصص المقررة. ومياه النيل قضية حياة أو موت.. وهذا ما أكدته مصر لدول حوض النيل.. وهي قضية أمن قومي لا يمكن التفريط فيها، واشار إلي أنه من الناحية القانونية لا يحق لدول المنبع ان تمنع تدفق المياه إلي دول المصب ومنها مصر والسودان. ومصر لها حق تاريخي مشروع في مياه النيل وانها تشارك في جميع المشروعات التي تقام عليه للاستفادة من زيادة ايراداتها والاتفاقيات الموقعة بين مصر ودول حوض النيل ملزمة للجميع حسب القانون الدولي. مصر حريصة علي الحفاظ علي الأمن المائي لها مع الاعتراف بحقها وعدم المساس بحقوقها التاريخية.. ولابد من موافقة مصر والسودان قبل اقامة اي مشروعات في دول حوض النيل تؤثر علي حصة مصر التي لم تعد كافية لشعب مصر. جريدة المصرى اليوم ذكرت أنه فى مفاجأة كبيرة، كشفت مصادر المسؤولة باجتماعات دول حوض النيل، أنه لن يتم مناقشة الاتفاقية الإطارية خلال اجتماعات الاسكندرية، وأنه سيتم التركيز على المشروعات التى يجرى تنفيذها حاليا رغم محاولات مصر والسودان إضافتها إلى جدول الأعمال للتخفيف من ضغوط الرأى العام فى البلدين بشأن تأخر الاتفاق مع دول حوض النيل مع الالتزام بالشروط المصرية قبل التوقيع على الاتفاقية الشاملة. وأكد مصدر رفيع المستوى بوزارة الموارد المائية والرى أن جولة المفاوضات الحالية فى الاسكندرية لن تشهد أى مفاوضات حول النقاط المعلقة للاتفاقية الإطارية، ولكن ستتم دراسة البدائل الاخرى، والتوصل الى صيغ مقبولة من الجميع فى إطار سياسة win-win أى «المنفعة للجميع»، وبما يضمن عدم المساس بالمقترحات المصرية السودانية التى تم طرحها على وزراء المياه بدول الحوض فى البيان المصرى - السودانى المشترك المعبر عن وجهة نظر البلدين والمتعلقة بالشروط المصرية الثلاثة، وهى بند الأمن المائى والإخطار المسبق قبل إقامة أى مشروعات فى أعالى النيل واتخاذ القرارات بالإجماع أو الأغلبية المشروطة، والذى تم إخطار وزراء المياه بدول الحوض بهذه المقترحات عقب اجتماعات «كينشاسا» أوائل يونيو. وأشار المصدر إلى أن مصر اتخذت قرارا بعدم التطرق إلى مناقشة الاتفاقية الإطارية، ومع ذلك أعد الوفد المصرى عددا من السيناريوهات تحسبا لأى مفاجآت بسيناريو خفى قد تطرحه اثيوبيا فى الاجتماع. ولفت إلى أن دول حوض النيل الشرقى ستكتفى بمناقشة مشروعين من مشروعات المبادرة، الأول يتناول تطوير الرى فى غرب الدلتا والذى تم ضمه مؤخرا إلى مشروعات المبادرة، فيما يستهدف المشروع الثانى حماية بحيرة ناصر من زيادة معدلات الإطماء والبخر بتكلفة تصل الى 3 ملايين دولار.