كانت مراكز الشباب والساحات الشعبية هي الملاذ لتلاميذ وطلبة المدارس والجامعات خلال الاجازة الصيفية.. يقضون فيها أوقات فراغهم.. يمارسون الأنشطة المختلفة.. يلعبون الرياضة ويقومون برحلات ويتم تنظيم معسكرات لهم.. يلتحقون بأندية العلوم الموجودة بداخلها فيتم اكتشاف المواهب ورعاية ابداعاتهم.. وكانت هي "المفرخة" للأندية والمنتخبات الوطنية في مختلف اللعبات من كرة القدم حتي رفع الأثقال والكاراتيه وكمال الأجسام.. وكانت تمتليء بالشباب لانها المتنفس والمكان الوحيد الذي يمكنهم الجلوس فيه لأن أسعار الأندية الرياضية والاجتماعية فوق طاقتهم. أما هذه المراكز فكانت تدعمها الدولة للربح.. فجأة تغير كل شيء في عصر العولمة والخصخصة.. وفوجيء كل أب عنده 3 أو 4 أولاد بأن عليه أن يدفع 300 جنيه أو 400 جنيه شهريا ليذهب أولاده لمركز الشباب الذي أصبح ينافس أكبر الأندية حيث تم فرض رسوم شهرية علي الاشتراك وعلي كل نشاط يختاره مما أضاع الهدف الذي من أجله تم انشاء هذه المراكز لذلك فلا عجب عندما تري الشباب يجلسون بالعشرات علي المقاهي أو يتسكعون في الشوارع لا يجدون مكانا يمارسون فيه أنشطتهم وهواياتهم. "احنا" تجولنا وسألنا أولياء الأمور ومسئولي بعض المراكز وهذه الحصيلة. محمد مرعي "موظف" يقول: لدي ثلاثة من الأولاد في مراحل التعليم المختلفة أنهوا عامهم الدراسي وطوال اليوم في المنزل لا يمارسون أي نشاط ولديهم وقت فراغ كبير جدا لذلك ذهبت بهم إلي أقرب مركز شباب من منزلنا ليمارسوا أي نشاط رياضي أو تثقيفي إلا انني فوجئت بالمسئولين يطلب مني اشتراك دخول للفرد الواحد 21 جنيها وعند اختيار لعبة معينة أو نشاط محدد يتم تحصيل اشتراك آخر كل شهر يبدأ من 80 جنيها علي الفور خرجت أضرب كفاً علي كف وأقول كيف لي أن أوفر كل هذا المبلغ وأنا مرتبي بالكاد يكفي لسد احتياجات يومهم من مأكل ومشرب. فهل من أجل ذلك تم انشاء مراكز الشباب التي يقال ان الدولة تتحمل كافة تكاليفها. انني أطالب بالغاء كل هذه المصاريف فورا وكفانا مطالب المدارس التي لا تنتهي طوال العام. وتقول دعاء حسين "مدرسة" إن مراكز الشباب أصبحت "سبوبة" للقائمين عليها وكل شيء داخلها له ثمن حتي الجلوس علي الكراسي بثمنه حتي انها أصبحت تنافس النوادي الكبيرة في رسومها. اضافت ان أولادنا في الشوارع و"النت كافيه" لعدم قدرتنا علي تلبية مصاريف مراكز الشباب التي كانت تعتبر بصيص الأمل في استقطاب أولادنا من الشوارع في فترة الاجازات الصيفية ولكنها بعدت تماما عن هدفها الأساسي وهو اعداد الأطفال والشباب ورعايتهم وتنشئتهم بطريقة صالحة متوازنة وتنمية قدراتهم واكتشاف مواهبهم ورعاية ابداعهم الآن أصبح كل شغل مراكز الشباب تحصيل الأموال بأي وسيلة. حسن خلف "ترزي" فيقول: في الماضي كان مركز الشباب يعتبر قعلة للتنوير واكتشاف المواهب واليوم هجرها أولادنا بسبب الرسوم الباهظة التي فرضوها فعادت المقاهي والشوارع لتكون وكرا للشباب مما يعرضهم للوقوع في المحظور. وأنا أطالب الدكتور صفي الدين خربوش رئيس المجلس القومي للشباب باعتباره المسئول عن الهيئة الشبابية الرئيسية في كل أنجاء مصر بتخفيف العبء علي الأسر في اطار تنفيذ البرنامج الانتخابي للسيد رئيس الجمهورية الذي يضع الشباب دائما في فكره. ويقول حسين الملاح "محاسب": نحن نسير عكس الدول المتقدمة التي تعمل علي زيادة ميزانية التعليم والشباب والرياضة سنويا وتشجع مراكز الشباب التي تعتبر معمل تفريغ للمواهب والتي يخرج منها العالم والرياضي لوجود أندية علوم في مراكز الشباب بالخارج فهل المواطن المتوسط أو محدود الدخل لا يوجد له مكان في هذا البلد وكل شيء "بفلوس" أكبر من طاقته ودخله وكيف لموظف راتبه لا يتعدي 400 جنيه ويعمل "كالطحونة" ليل نهار لتوفير قوت أولاده ومصاريف مدارسهم التي لا ترحم ان يدفع كل هذه الرسوم وأين يذهب الشباب في فترة الاجازة الصيفية التي تعتبر "فترة نقاهة" بعد عناء العام الدراسي؟ اضاف انهم يطلبون اشتراك دخول لمركز الشباب لممارسة الأنشطة أكثر من80 جنيها شهريا للفرد وكل شخص لديه أكثر من ولد فمن أين له أن يوفر هذا المبلغ؟ وهل بدلاً من احتضان أولادنا في مكان واحد لتثقيفهم واكتشاف مواهبهم نحاول بقدر الامكان طردهم وتعجيزهم؟ إنني أطالب المسئولين بإعادة النظر في تلك المصاريف الكبير والتخفيف علي المواطن البسيط ويكفي ما يعانيه من متطلبات الحياة. سألنا المسئولين عن مراكز الشباب عن رأيهم فقال: محمد مراد مدير مركز شباب بالهرم ان الدعم المادي الذي تحصل عليه المراكز الشبابية غير كاف بالمرة ولا يتناسب مع كم الأنشطة الموجودة داخل المراكز حيث لدينا أنشطة كثيرة ومختلفة منها الرياضة والثقافية والاجتماعية وغيرها والدعم لا يسد حاجة نشاط واحد لذلك نضطر للجوء إلي وسائل أخري والاعتماد علي مواردنا الذاتية التي منها فرض رسوم دخول علي الأفراد في بداية الاشتراك قدره 21 جنيها وبالنسبة للنشاط الرياضي عند اختيار الشاب للعبة معينة يقوم بتسديد 80 جنيها شهريا علي الأقل حسب نوعية الألعاب. أضاف ان الدولة لا تدعمنا بمدربين للألعاب مما يضطرنا للتعاقد مع مدربين محترفين لتعليم الشباب وكل مدرب يحصل علي مبلغ كبير بخلاف فواتير المياه والكهرباء وأرقامها فلكية كل ذلك من حساب الاشتراكات. بخلاف ان الدولة أحيانا تطلب منا أشياء فوق طاقتنا منها علي سبيل المثال عند زيارة مسئول كبير تطلب وفوداً من الشباب وبزي معين وطبعا يكلفنا مبالغ طائلة غير المواصلات والوجبات التي يتناولها الشباب كل ذلك ندبره من تحصيل الرسوم علي الأنشطة. أما سعيد مرسي مسئول في مديرية الشباب والرياضة بالقاهرة فيقول: مراكز الشباب لها ميزانية يتم اعدادها سنويا تتضمن بنود اشتراكات منها إدارية وانشائية وأنشطة ويتم تحصيل الاشتراكات من الأعضاء سنويا. كما يتم دعم المراكز بالاعانات من قبل المجلس القومي للشباب بخلاف التبرعات واعانات المحافظة التابع لها المركز عن طريق مديريات الشباب والدولة تحاول جاهدة دعم هذه المراكز إلا ان الاعانات غير كافية فيلجأ المركز إلي فرض رسوم علي الألعاب ونحن نعلم انها أعباء علي أولياء الأمور ونطالب الدكتور صفي الدين خربوش بإعطاء أوامره بفتح أبواب مراكز الشباب في فترة الاجازات الصيفية بالمجان بدلاً من وجود الشباب في الشوارع والمقاهي لانهم بمثابة "قنابل موقوتة" وأيضا نطالب باحتضان مهرجان القراءة للجميع داخل مراكز الشباب.