لم يكن مفاجئاً أن يجتمع أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصر الله وزعيم الأكثرية النيابية النائب سعد الحريري فبعد نتيجة الانتخابات ثبت أن كلاهما فى حاجة للآخر وهوما أثار اهتمام العديد من الصحف العربية الصادرة اليوم فقد علقت جريدة اخبار الخليج الاماراتيةأن الكل في بيروت كان ينتظر انعقاد هذا اللقاء بين لحظة وأخرى، وكان على قناعة بأن الأمر سيُقضى قبل الشروع برحلة تشكيل الحكومة الأولى بعد الانتخابات النيابية التي أفضت إلى عودة الأكثرية إلى الإمساك مجدداً بزمام البرلمان، وبالتالي إثبات نفسها أنها أكثرية غير “وهمية” كما وصفها بعض أركان المعارضة في السابق. كانت ثمة حاجة للقاء، وفق المراقبين، بالنسبة للطرفين، فنصر الله كان يترقب حصوله ويبني عليه لاعتبارات عدة أبرزها حاجته لإعادة وصل ما انقطع مع تيار “المستقبل” وما يمثله، وحاجته لاستكمال دورة انفتاحه على من كانوا في السابق “يناصبونه” العداء السياسي، وهي الدورة التي بدأت عملياً باللقاء بين زعيم المقاومة وزعيم الحزب التقدمي النائب وليد جنبلاط. وبالطبع ثمة حاجة مستجدة لدى نصر الله لمقابلة الحريري بعد صدور نتائج الانتخابات والرغبة الملحة في تنظيم مرحلة ما بعد هذا الحدث المدوي. ومنها أيضاً ضرورة الرد بالمثل على رسائل ايجابية بعث بها الحريري إلى حزب الله خصوصاً والمعارضة عموماً، وأبرزها سحب موضوع سلاح المقاومة من السجال السياسي، وحصره في طاولة الحوار الوطني، ما من شأنه أن يبدد الكثير من الهواجس لدى الحزب، ويعيد إلى أذهان رموزه صيغة “التناغم” الشهيرة، التي كان أحد رموزها رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، وهي الصيغة التي دامت منذ عام 1995 وحتى لحظة اغتيال الحريري عام 2005. وما من أحد في بيروت في مقدوره أن ينكر أن ثمة حاجة داخلية لدى “حزب الله” في الخروج من صورة “التوتير” التي نسبت إليه في الماضي، وحاجته لاسترداد أنفاسه، وإجراء جرد حساب للماضي استشرافا للمستقبل. في المقابل، ثمة من لا يخفي أن الحريري، الذي بات انضمامه إلى نادي رؤساء الوزراء في لبنان أمراً لا مفر ولا فكاك منه، يحتاج إلى انطلاقة قوية لحكومته الأولى، تكون على غرار حكومة والده الأولى (عام 1992). كما يحتاج إلى ضمانات تؤمن عدم جنوح الحكومة نحو الأزمة بعد أشهر قليلة على انطلاقها على غرار ما حصل لحكومة فؤاد السنيورة الأولى. ولا ريب في أن الحريري بحاجة لشعارات جديدة تتمايز عن الشعارات التي حكمت الأوضاع في المرحلة الماضية، وكانت في جلها شعارات توتير وشحن وحشد، فضلاً عن حاجته إلى توجهات جديدة تجعله يقبض على مقاليد السياسة في المرحلة المقبلة براحة واطمئنان، وهو أمر يعلم الجميع أنه لن يتوفر إذا ما بقيت المعارضة خارج الحكومة، وإذا ما بقي عمودها الفقري “حزب الله” يعيش هواجس الخوف على سلاحه المقاوم. ثمة حاجة لضمانات وتعهدات متبادلة بعطيها الحريري لنصر الله والعكس صحيح، لكن ماذا عن نتيجة اللقاء؟ وهل أفضى إلى رسم معالم مرحلة جديدة تنتفي منها عناصر التوتير؟ وهل سيسهل اللقاء عملية ولادة الحكومة المنتظرة بشكل طبيعي؟ بصرف النظر عن نتائج هذا اللقاء وتفاصيل ما دار به والذي مازال طي الكتمان الشديد، ثمة من يؤكد أن اللقاء ما كان يتم لولا لم تكن ثمة مؤشرات واتصالات مسبقة تؤمن نتائج ايجابية وظروفا طبيعية من شأنها أن توفر ظروف ولادة الحكومة، لاسيما بعد أن أمنت الأكثرية عودة نبيه بري إلى سدة رئاسة مجلس النواب للمرة الخامسة على التوالي. وفي كل الأحوال ثمة معابر إجبارية يتعين على الجميع سلوكها لبلوغ مرحلة إنضاج التسوية السياسية المرتقبة التي تفتح الباب لولادة الحكومة فتكون الأكثرية أكدت أنها لم “تثمل” بنشوة النصر النيابي ولم تبالغ في “تسييله”، كما تكون الأقلية بدأت تترجم اعترافها بالهزيمة، من خلال التواضع في مطالبها وتوجهاتها لاسيما ان ثمة في بيروت من يعتقد جازماً بأن عقدة الثلث المعطل والثلثين اللاغيين يمكن تجاوزها بصيغ فضفاضة. الحريري .. من الانتصار الانتخابي .. إلى امتحان رئاسة الحكومة صحيفة الشرق القطرية اوردت نبذة صغيرة عن النائب سعد الحريرى الذى قاد تحالفه إلى انتصار انتخابي مرتين في فترة قصيرة تميزت بأزمة عميقه سببها اغتيال والده رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري. وسيتوقف النجاح في مهمته القادمة في منصب رئيس وزراء في بلد منقسم على نفسه على تحقيق مصالحة دائمة مع منافسيه حلفاء سوريا وهي الدولة التي اتهمها الحريري بالتخطيط لاغتيال والده عام 2005. وتعتبر المصالحة أمرا حيويا لضمان الاستقرار في لبنان الذي يحتاجه الحريري للإبقاء على التقدم الاقتصادي في أجندته. ومن المقرر أن يتم رسميا تكليف الحريري (39 عاما) بتشكيل الحكومة اللبنانية المقبلة بعد أن قاد تحالف (14 آذار) إلى الفوز في الانتخابات البرلمانية التي جرت في السابع من يونيو. وبذلك يكون الحريري الابن قد تولى منصب والده الملياردير الذي أعاد إعمار لبنان بعد الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990. وتسبب اغتيال الحريري الأب في أسوأ أزمة سياسية في البلاد. ويلقى الحريري الابن وهو أبرز سياسي سني في لبنان دعم دول غربية وأوروبية سعت لتقديم قتلة والده للعدالة. وتشكلت المحكمة الدولية لمحاكمة المشتبه بهم في قتل الحريري في لاهاي في وقت سابق من هذا العام. والمحكمة هي واحدة من القضايا التي تسمم العلاقات بين الحريري وحلفاء سوريا في لبنان وعلى رأسهم حزب الله وهو حزب سياسي له جناح عسكري وحركة أمل الشيعية برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري. تربى الحريري في السعودية وينظر إليه على أنه رجل المملكة في لبنان. ويشكل لبنان مساحة تنافس بين الرياض ودمشق. ومن المرجح أن يعتمد نجاحه كرئيس للوزراء على العلاقات بين هاتين الدولتين والتي شهدت تحسنا في الأشهر الستة الأخيرة. ومنذ فوزه في الانتخابات بعث الحريري رسائل مصالحة حلت مكان الملصقات التي أعادت إلى الأذهان ذكريات الحرب وأكد على ضرورة الوحدة الوطنية. وقال خلال مقابلة مع رويترز "ما نحن بحاجة إليه هو فعلا تهدئة الأمور".