بحلول فصل الصيف يكون الجزائريون مع موعد مع ''أعراس الموت''، فإطلاق النار العشوائي للتعبير عن الفرحة على طريقة أغنية أصحاب البارود والكارابيلا للشاب خالد، أصبح يحول الأعراس إلى مآتم. وعوض أن تزف العروس في مواكب السيارات تنقل النعوش على الأكتاف في جو جنائزي تمتزج فيه دموع الحزن بالفرح. بعيدا عن الخوض في عدد ضحايا ''أعراس الموت'' التي رفضت المديرية العامة للأمن الوطني تزويدنا بها لأسباب نجهلها، عاشت الكثير من العائلات الجزائرية في السنوات الأخيرة أقراحا في عز الفرح، بسبب حوادث إطلاق النار العشوائي في الأعراس، التي غالبا ما يكون مقترفوها من عناصر الأمن، وأفراد الدفاع الذاتي بحكم أنهم من أقارب العريس أو العروسة أو من الجيران، وأردوا التعبير عن فرحتهم بإطلاق رصاصة أو رصاصتين، سرعان ما تحول المناسبة إلى ذكرى أليمة لا يمكن للسنين أن تمحوها، فهم يتذكرونها كلما دوت''الزرنة''، وتعالت الزغاريد. هو حال عائلة جزائرية ارتأينا عدم إدراج اسمها بالجريدة، تقطن أعالي العاصمة، وفقدت ابنها ياسين منذ سنوات في حفل زفاف قريب لها إثر تلقيه طلقة نارية من مسدس جاره الشرطي، حينها كان ياسين يستمتع بأنغام الزرنة في الشارع من شرفة منزله بالطابق الثاني رفقة طفليه، وكم كانت صدمة زوجته قوية عندما وجدته ملقا على الأرض، وهو غارق في دمائه، حيث أخذت تنادي لشقيقه لنقله إلى المستشفى وإنقاذه من الموت قبل فوات الأوان، إلا أن القدر كان أقوى من الجميع، فقد فارق ياسين الحياة بعد حوالي 4 أيام من مكوثه بقاعة الإنعاش لمستشفى مصطفى باشا الجامعي، تاركا وراءه طفلين سلبتهما رصاصة الموت حنان الوالد إلى الأبد. وحسب المعلومات المتوفرة لدى ''الخبر''، فقد أوقف الشرطي عن العمل بعد الحادث مباشرة، وسلطت عليه المحكمة عقوبة موقوفة النفاذ، ولم يكن أمامه سوى خيار الهجرة لإحدى الدول الأوروبية لعله ينسى ما اقترفه في حق جاره ياسين. نفس المأساة تقريبا عاشتها عائلة تقطن حي الكونفور بالمدنية في العاصمة منذ سنتين تقريبا، حيث فقدت ابنها أمين، 7 سنوات، بسبب رصاصة طائشة خرجت من مسدس شرطي هو قريب جارته التي احتفلت بزفافها في ذلك اليوم، كان ذلك عندما دفع الفضول بأمين إلى إلقاء نظرة من شرفة الطابق الرابع لمقر سكناه، أما الشرطي فسلطت عليه المحكمة عقوبة 6 أشهر حبسا غير نافذ. وما هذين الحادثتين إلا عينة بسيطة لما يجري في كواليس أفراحنا بالعاصمية، باعتبار أن الظاهرة تعرفها بكثرة مختلف الولايات التي مازالت تحافظ على أصحاب البارود في أعراسها.