رغم محاولات السلطة الدينية الحاكمة فى إيران حجب الاحتجاجات والمواجهات التى اندلعت عقب نتيجة الانتخابات الرئاسية، واتهام المرشح الإصلاحى مير حسين موسوى خصمه الرئيس الفائز أحمدي نجاد بفترة رئاسة ثانية ومجلس صيانة الدستور المسئل عن الانتخابات بتزوير النتيجة.. إلاّ أن الإيرانيين تحايلوا على إغلاق مكاتب وسائل الاعلام باستخدام المنتديات والمواقع الاجتماعية مثل ال "يو تيوب" و"فيس بوك" و"تويتر"، ليضعوا بذلك وسائل الإعلام خارج الملعب السياسى الإيراني. حقاً لم يؤثر قرار السلطات الايرانية بإغلاق مكتب قناة "العربية الإخبارية" السعودية في طهران قبل أيام- ولمدة أسبوع، ووقرار ترحيل مدير مكتب هيئة الإذاعة البريطانية ال "بي.بي.سي"، وقبل ذلك تعرض البث الفضائى للإذاعة للتشويش على ثلاثة أقمار فضائية- بحسب موقعها على الإنترنت. كما منعت السلطات الإيرانية المراسلين الأجانب من تغطية المواجهات المحتدمة في شوارع طهران، كما قامت السلطات هناك بإغلاق بعض المواقع الإلكترونية.. في مسعى لأن يكون نقل المعلومات خارج إيران أمراً صعباً.. أو "مستحيلاً"!!! وتعرضت صحفيتان لاعتداء قبل بضعة أيام قرب المركز الرئيسي لحملة موسوي الانتخابية، والاعتداء بالضرب على سامسون ديستا معد البرامج في شبكة "سي.إن.ان" من قبل رجال الشرطة أثناء تغطية المواجهات بين أنصار موسوي وقوات الأمن. لكن السلطات الإيرانية لم تتمكن من طمس الصورة، أو حتى تشويشها.. حيث إن الكاميرات الخاصة للمتظاهرين، وعدسات المحتجين، وكتابات المعارضين هي البنية المعلوماتية الأساسية لكل ما تتناقله وسائل الإعلام العربية والعالمية. وهذه المادة إما أنها تصدر للصحف ووسائل الإعلام المرئي وحتى المسموع، وإما أن تُرفع للعالم كله على المواقع الإلكترونية الشهيرة، وما أكثر ما تجده اليوم على محركات البحث فور أن تضغط بعد كتابة كلمة "ايران". يبدو أن السلطات الإيرانية تسير عكس التيار، حيث ثبت فشل وسائل الحظر ومنع المراسلين الصحفيين ووسائل الإعلام لقطع الصورة عن أرض التظاهر.. حيث إن باب إيران في الإعلام الدولي والعربي يصاغ الآن على يد أناس عاديين محتجين ومدونين. كما أن كثير من وسائل الإعلام العالمية التي حُظرت تنقل عن المسئولين الإيرانيين ما يقولون- فكل تلك القنوات نشرت مثلاً قرار مجلس صيانة الدستور بالفرز العشوائي ل 10% من صناديق الانتخابات.. إنهاءً للخلافات... إلخ؛ لكن من الواضح أن الأخبار المعاكسة لتيار هؤلاء المسئولين أغزر من التي تدعم موقفهم. الصورة شديدة الوضوح، أبعادها مرئية ومحددة للغاية: فالزمان، ما بعد الانتخابات الإيرانية ومزاعم الإصلاحيين بتزويرها لصالح المتشددين والمكان، طهران وكبريات المدن الإيرانية والأجواء العامة تتشح بالسلطوية والقمع بدءاً بصد المتظاهرين بالقوة ووقوع 7 قتلى، وانتهاءً بسكب المياه الساخنة لقمع المتظاهرين وفي الخلفية إصرار على تزييف الحقائق الوسيلة المستخدمة فيه هي إعاقة الإعلام بمختلف أشكاله عن تغطية أحداث الاحتجاج على نتائج الانتخابات الرئاسية، والغاية، بالتأكيد هي الدفاع المستميت عن حق الوصول لسدة الحكم.. مهما كانت الدعاوى بتزوير الانتخابات، والمساندة التامة لسلطات الدين المطلقة. وفي النهاية، نجد أن مساعي السلطات الإيرانية بإخفاء "شمس المظاهرات" باءت بفشل شديد، فنحن نتابع لحظة بلحظة مايجري على الساحة الإيرانية. ولا يمكن للمتابع إلاّ أن يطرح سؤالاً واحداً: هل سيتراجع الإصلاحيون؟ أم سيرضخ السلطويون؟ أم سيسير كل طرف في طريقه حتى تهب عاصفة الثورة الجديدة على إيران؟ ليبقى في النهاية على الأرض من يتصف ب "الثقل" ويوصف ب المهارة.