امريكا ترحب برسالة مبارك واشنطن- أ ش أ قال الرئيس حسني مبارك إن الفرصة سانحة لتحقيق تسوية تاريخية للصراع العربي الإسرائيلي، مؤكدا أن العالم العربي سيتجاوب مع الأجندة الطموحة لأوباما لتحقيق السلام في الشرق الأوسط. وأضاف مبارك في مقال له نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الجمعة طرح خلاله رؤيته لكيفية تحقيق السلام في المنطقة "التسوية التاريخية في المتناول وهي تسوية تعطي الفلسطينيين دولة خاصة بهم والتحرر من الاحتلال بينما تعطي إسرائيل الاعتراف والأمن حتى تعيش في سلام." وقال مبارك إن التطبيع الكامل مع إسرائيل يمكن أن يأتى فقط بعد تسوية شاملة تشمل المسارات السورية واللبنانية والفلسطينية، فالطرف العربى يقف مستعدا لمبادلة الخطوات الجادة التى تتخذها إسرائيل نحو السلام. وتابع قائلا "مصر تقف على أهبة الاستعداد لانتهاز هذه اللحظة، وأنا واثق من ان العالم العربي سيفعل نفس الشيء." الزعامة الأمريكية في المنطقة وأوضح مبارك في مقاله أن الأولوية يجب أن تعطى لحسم الحدود الدائمة لدولة فلسطينية ذات سيادة وذات أراض متصلة على أساس حدود عام 1967 لان ذلك سيحل معظم القضايا الأخرى المتعقلة بالوضع الدائم بما في ذلك المستوطنات والأمن والمياه والقدس. وشدد على ضرورة وقف الاستيطان الإسرائيلي الذي يقضي على فرص حل الدولتين وتحقيق السلام في المنطقة، لافتا كذلك على ضرورة إنهاء حصار غزة. وأكد مبارك أن خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما في القاهرة جاء بمثابة نقطة تحول في العلاقات بين الولاياتالمتحدة والعالم الإسلامي، إلا انه شدد على ضرورة أن تتبعه خطوات للأمام. وقال إن "إعادة تأكيد" الزعامة الأمريكية في الشرق الأوسط يوفر فرصة نادرة لإقرار السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. امريكا ترحب برسالة مبارك ومن جانبها، رحبت الخارجية الأمريكية بالرؤية التي طرحها الرئيس حسني مبارك في مقاله المنشور بالصحيفة؛ لتحقيق سلام شامل بين العرب وإسرائيل . وقال المتحدث باسم الخارجية يان كيلي في تصريحات له الجمعة أن الولاياتالمتحدة ترحب بكلمات ورؤية الرئيس مبارك من أجل سلام شامل بين العرب وإسرائيل بما في ذلك التوصل إلى حل بقيام دولتين لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والتوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل وسوريا وبين إسرائيل ولبنان. وقال المتحدث باسم الخارجية الامريكية يان كيلي أن الولاياتالمتحدة تقدرالدور القيادي القوي الذي تضطلع به مصر في المنطقة من أجل تنفيذ الرؤية التي طرحها الرئيس مبارك في مقاله بصحيفة وول ستريت جورنال. وأضاف كيلي "إننا نتفق مع الرئيس مبارك حول أهمية اقتناص هذه اللحظة لوضع نهاية لعقود من الصراع في الشرق الأوسط.". وفيما يلي نص مقال الرئيس مبارك لصحيفة "وول ستريت جورنال": "جاء الخطاب المبدع الذى ألقاه الرئيس باراك أوباما فى القاهرة بمثابة نقطة تحول فى العلاقات بين الولاياتالمتحدة والعالم الإسلامى، فرسالته كانت واضحة ولا لبس فيها ألا وهى: إن قضايا السياسة والسياسات، وليس صدام القيم، هى التى تفصل بين أمريكا والعالم الإسلامى، وحسم هذه القضايا هو الذى سيبدد هذا الانقسام". "وينبغى أن يتبع الأجندة الطموحة التى طرحها الرئيس أوباما خطوات للأمام تخط مسارا جديدا فى العلاقات بين أمريكا من ناحية والعرب والعالم الإسلامى من ناحية أخرى، وإننى أتطلع إلى العمل مع الرئيس (أوباما) من أجل تحقيق هذا الهدف". "فعلى مدى عقود من الزمن، انخرط العالم العربى فى عملية مجهدة من المراجعة للذات حول كيفية مواكبة قوى التغير التى تعتمل داخله, بما فى ذلك التوقعات الصاعدة للأجيال الشابة التى تنمو سريع، وتصاعد الصراعات الإقليمية التى تزعزع الاستقرار، وتضخم تيار التعصب والتطرف". "وقد كانت مصر دوما فى الصدارة من المواجهة مع هذه التحديات, سواء من حيث كونها أول من بادر بمد يد السلام إلى إسرائيل, أو التعامل مع مخاطر انتشار أسلحة الدمار الشامل، أو مواجهة خطر الإرهاب من خلال الوسطية والتسامح اللتان تشكلان لب تراثنا الدينى, وعبر هذه التحديات وما وراءها، عكفت مصر على عملية إصلاح تشهد نجاحا فى توفير فرص أكبر لشبابنا, والمزيد من التمكين للمرأة, فضلا عن المزيد من التعددية والحوار الداخلى، ونحن نقر بصراحة بأن الطريق أمام هذه العملية مايزال طويلا حتى تلبى تطلعاتنا". "وقد حان الوقت لكى نجدد التزامنا بالتعامل مع هذه التحديات العديدة, ومن بين طائفة التحديات التى تواجهنا, القضية الفلسطينية التى تتطلب تحركا عاجلا نظرا للحالة الحرجة التى تمر بها عملية السلام بعد سنوات من الجمود. وقد أبدى الرئيس أوباما رغبة فى تولى زمام القيادة من أجل تحقيق السلام فى الشرق الأوسط. وعلى العالم العربى أن يرد من جانبه بالقيادة المباشرة". "رغم الانتكاسات التى شهدتها السنوات القليلة الماضية، فمن الأهمية بمكان أن نتذكر أن العديد من عناصر الحل قد تم التفاوض عليها بالفعل. فبعد مايربو على عقدين من التفاوض بين الإسرائيليين والفلسطينيين منذ بداية عملية أوسلو للسلام، أضحت العديد من تفاصيل التسوية النهائية معروفة جيدا, علاوة على ذلك, فإن مبادرة السلام العربية التى تبنتها القمة العربية فى بيروت عام 2002 تطرح إطارا إقليميا لمثل هذه التسوية، فلأول مرة فى تاريخ هذا الصراع, تلتزم الدول العربية بالإجماع بالتطبيع الكامل مقابل الانسحاب الكامل إلى خطوط 1967 وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين من خلال التفاوض". "والآن يتطلب الطريق إلى التسوية النهائية القيادة وتضافر الجهود من قبل كل الأطراف, وقد بذلت مصر على مدى السنوات القليلة الماضية جهودا مضنية لتوحيد القيادة الفلسطينية بشكل يضمن التزامها بحل تفاوضي حول الدولتين .. كما حاولت مصر التوسط حول اتفاق طويل الأمد لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس يمضي بالتوازي مع وساطتنا لتبادل السجناء. وقد جددت خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو لمصر الشهر الماضى التزامنا باستئناف هذه الجهود". "والآن ينبغى أن تقترن هذه الخطوات بعملية جادة للتفاوض حول التوصل إلى اتفاق للوضع النهائى بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، ويجب أن تعطى الأولوية لحسم مسألة الحدود الدائمة لدولة فلسطينية ذات سيادة ومتصلة الأراضى على أساس خطوط 1967، إذ أن هذا من شأنه أن يطلق التحرك على صعيد أغلب قضايا الوضع النهائى الأخرى بما فيها المستوطنات والأمن والمياه والقدس". "وسيتوقف نجاح هذه المفاوضات على التزامات قوية من قبل الأطراف لدعم مصداقية العملية, فيجب أن يتوقف التوسيع العنيد للمستوطنات الذى أدى إلى تآكل التطلعات لحل الدولتين، وأن يتوقف معه حصار غزة، ومن جانبهم ينبغى أن يواصل الفلسطينيون تطوير قدرات مؤسساتهم مع التغلب على انقسامهم من أجل تحقيق تطلعاتهم إلى الدولة". "وبينما يمكن أن يأتى التطبيع الكامل مع إسرائيل فقط بعد تسوية شاملة تشمل المسارات السورية واللبنانية والفلسطينية، فإن الطرف العربى يقف مستعدا لمبادلة الخطوات الجادة التى تتخذها إسرائيل نحو السلام". "والتوصل إلى تسوية تاريخية هو أمر فى متناول الأيدى، تسوية تمنح الفلسطينيين الدولة والتحرر من الاحتلال، كما تمنح إسرائيل الاعتراف والأمن لكى تعيش فى سلام. ومع تأكيد الرئيس أوباما لقيادة الولاياتالمتحدة فى المنطقة، تبدو فى الأفق ثمة فرصة نادرة. ومصر من جانبها تقف مستعدة لاقتناص هذه الفرصة وأنا على ثقة من أن العالم العربى سيفعل الشيىء ذاته".