اجتمع العالم بأسره علي الصومال.. وعلي مدار ال18 سنة الماضية وفي ظل صمت الجامعة العربية والأممالمتحدة استباحت أوروبا والولايات المتحدة سيادة وحقوق الشعب الصومالي الذي وجد نفسه بعد سقوط زياد بري أوائل التسعينات بلا دولة أو جيش للزود عن مياهه الإقليمية وحدوده الوطنية. وقالت جريدة الاهرام المصرية: علي مدي العقدين الأخيرين كانت هناك أكبر عملية دولية منظمة لاستغلال المصادر الطبيعية للصومال بالرغم من ندرتها أصلا فالسواحل الصومالية الممتدة تم تحويلها لأكبر مدفن بحري لنفايات الاتحاد الأوروبي وكندا والولايات المتحدة. صناعة الصيد البحري المصدر الأساسي لمعيشة الصوماليين, تمت مصادرتها بلا خجل عن طريق شركات ومراكب الصيد الكبري التابعة لبلدان مجاورة. وأعطت أحداث11 سبتمبر واشنطن بزعم محاربة الإرهاب شرعية القيام بضربات جوية منتقاة داخل الأراضي الصومالية لتعقب فلول القاعدة التي اختبأت هناك بغض النظر عن مقتل وإصابة المئات من المدنيين الأبرياء! وفي الأسبوعين الماضيين انشغل العالم بحكاية القبطان الأمريكي المخطوف من فوق السفينة الأمريكية مارسك آلاباما ومتابعة عملية تحريره علي أيدي المارينز, والقبض علي طفل صغير عمره16 سنة قالوا إنه هو القرصان المسئول عن احتجاز القبطان الأمريكي وقاموا بترحيله إلي واشنطن لمحاكمته وهو إجراء مخالف للقانون الدولي ولمعاهدات حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة!! لكن في خلفية ذلك وفي هدوء وتكتم شديدين, كانت النرويج والحكومة الصومالية المدعومة من قبل الأممالمتحدة والمجتمع الدولي قد انتهت من توقيع أغرب اتفاق للتنقيب عن البترول قبالة سواحل الصومال وعلي عكس التأكيدات التي أطلقتها مرارا العواصمالغربية بأن الصومال دولة بلا حكومة أو أنها علي حد قول المندوب البريطاني لدي الأممالمتحدة جون سوروز بأنها مثال صارخ للدولة الفاشلة. وعلي عكس إصرار بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة علي عدم إرسال قوة حفظ سلام في مقديشو خشية تعرض الجنود الأمميين للقتل علي أيدي الجماعات المناوئة للحكومة الانتقالية علي عكس كل ذلك وقعت الأممالمتحدة والحكومة النرويجية ممثلة في وزارة الخارجية وهيئة البترول النرويجية مذكرة تفاهم للتنقيب عن البترول أمام سواحل الصومال وذلك مع ممثلي الحكومة الصومالية الانتقالية التي تدير البلاد من الخارج, ويتمتع معظم كبار مسئوليها بجنسيات أوروبية وأمريكية. أهم ما في مذكرة التفاهم التي رعتها ونظمتها واشترك في صياغة بعض بنودها كبار المسئولين بالمنظمة الدولية هي مصادرة حق الصومال في المطالبة مستقبلا بتغيير أية بنود في حق الامتياز الممنوح لإحدي شركات البترول النرويجية وذلك في مساحة لا تقل عن200 ميل بحري. وبلا أي مواربة أو خجل, تحدد بعض فقرات مذكرة التفاهم الدور الذي لعبه أحد المبعوثين الشخصيين للأمين العام للأمم المتحدة! تقول مذكرة التفاهم التي حصلت الأهرام علي نسخة منها إنه تم تحديد حق الامتياز في الحدود البحرية الخارجية للصومال والتي تبلغ200 ميل. وفي ضوء ذلك فإن الحكومة الانتقالية الصومالية تكون قد قبلت عرضا بالمساعدة من حكومة النرويج والتي تمثلها كل من وزارة البترول الملكية وهيئة البترول علي أن تتحمل حكومة النرويج كافة النفقات المالية! لكن ما هو علي وجه التحديد دور الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في هذه المذكرة؟ طبقا لمصادر من داخل المنظمة الدولية نفسها فقد لعب الدور الأساسي في التوصل لهذه الاتفاقية المجحفة لحقوق الشعب الصومالي بل هو نفسه الذي عكف علي الإشراف علي صياغة بعض بنودها وإقناع وزراء الحكومة الصومالية بالتوقيع عليها. وعندما تبين له افتقار الوزراء الصوماليين أو مستشاريهم لخبرات تحرير المستندات الدولية وقراءاتها وفهمها, قام بنفسه بتجهيز هذه المستندات. واقتصر فقط دور المسئولين الصوماليين علي التوقيع علي نص مذكرة التفاهم وهو ما قام به وزير التخطيط والتعاون الدولي في حكومة الصومال عبد الرحمن عبد الشكور. أما رئيس الوزراء الصومالي عمر عبد الرشيد علي, فقد بعث من جانبه برسالة خطية إلي الأمين العام للأمم المتحدة بتاريخ8 أبريل الماضي حول الحدود البحرية لبلاده وكيف أن مذكرة التفاهم لا تتعارض مع نصوص معاهدة الأممالمتحدة لقانون البحار! وبسرعة شديدة تحركت المؤسسات والدول المانحة سريعا لنجدة الشعب الصومالي. وبعد أن كان الأمين العام بان كي مون يشكو في كل مرة يتحدث فيها للصحفيين عن نقص الموارد المالية وعدم وفاء الدول والمؤسسات المانحة بتعهداتها إزاء عمليات الإغاثة الإنسانية في الصومال اجتمع المانحون في بروكسل الأسبوع الماضي وبدلا من168 مليون دولار التي حددها بان كي مون لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأبناء الشعب الصومالي حتي نهاية العام الحالي جاءه أكثر من213 مليون دولار لتعزيز الأمن ومكافحة القرصنة وتغطية تكاليف أعمال الإغاثة. وطلب الرئيس الصومالي شيخ شريف أحمد مزيدا من المساعدات لمواجهة تزايد أعمال القرصنة المتنامية أمام سواحل بلاده. وبعد عودته إلي نيويورك أعرب بان كي مون مجددا عن امتنانه للدول المانحة لإسراعها في الاستجابة لدعوته لمساندة شعب فقد دولته منذ عقود لكنه لم يقل كلمة عزاء واحدة عن الضحايا الصوماليين من المدنيين وعن أكثر من35 غريقا الأسبوع الماضي فقط ابتلعتهم المياه العميقة بالقرب من مضيق عدن خلال رحلة هروبهم من بلادهم المخطوفة إقليميا ودوليا.