الاهرام : 2/4/2009 في بداية استفزازية للأمة العربية استهل نيتانياهو برنامج حكومته أمام الكنيست( أمس الأول) متجاهلا ذكر الدولة الفلسطينية في سياق اعلان استعداده للتفاوض علي السلام مع السلطة الفلسطينية وهو أمر اعتبرته السلطة الفلسطينية بداية غير مشجعة. وأضاف الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية( نبيل أبو ردينة) أن المطلوب من الادارة الامريكية أن تضغط علي حكومة نيتانياهو للالتزام بأسس عملية السلام وهي الأرض مقابل السلام بمعني استعادة جميع الأراضي الفلسطينية التي احتلتها اسرائيل في الرابع من يونيو1967 بما فيها القدسالشرقية. ويخطئ نيتانياهو كثيرا لو تجاهل حق تقرير مصير الشعب الفلسطيني بشأن إقامة الدولة الفلسطينية وهو حق معترف به من قبل المجتمع الدولي وليس أدل علي هذا من منظومة القرارات التي أصدرتها كل أجهزة الأممالمتحدة وفي مقدمتها مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة وتشكلت لهذا الغرض منذ عام1975 لجنة معنية بممارسة الشعب الفلسطيني حقوقه غير القابلة للتصرف وبعدها جعلت منظمة التحرير الفلسطينية عضوا مراقبا لدي الأممالمتحدة ثم تم رفع التمثيل الدبلوماسي الفلسطيني لدي المنظمة الدولية منذ نهاية التسعينيات. يعني هذا حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير كحق مقدس وثابت ودائم ولا تستطيع حكومة اسرائيل النيل منه أو الانتقاص منه أو تأجيل اعلان الدولة الفلسطينية أو جعلها مؤقتة, وهو حق يحدد الفلسطينيون وحدهم توقيت اعلانه أو إشهاره. وكانت الهيئة العربية العليا لفلسطين برئاسة الحاج أمين الحسيني قد وضعت في أول ديسمبر1947 الأسس اللازمة لإنشاء أول حكومة لفلسطين تدير شئون البلاد وتحل محل حكومة الانتداب البريطاني, اعتبارا من15 مايو1948 وطلبت الهيئة من الدول العربية منذ أوائل فبراير1948 الموافقة علي مشروع إقامة الحكومة المقترحة وأقرت الجامعة العربية طلب الهيئة في خريف1948 بإنشاء حكومة لفلسطين تكون أمام مجلس وطني تمثيلي, وعليه قررت اللجنة العربية العليا بالاتفاق مع أمانة الجامعة العربية أن تصبح الادارة المدنية السابقة حكومة لفلسطين, وعندئذ أعلن تشكيل حكومة عموم فلسطين في23 سبتمبر1948 برئاسة أحمد حلمي عبدالباقي, وفي الأول من أكتوبر1948 انعقد في غزة أول مجلس وطني فلسطيني, وقد تم فيه الاعلان عن شرعية حكومة عموم فلسطين التي بدأت في حضور مجلس الجامعة العربية منذ30 أكتوبر1948 ثم بدأ تمثيل رئيس الحكومة ممثلا لفلسطين في مجلس الجامعة العربية, ابتداء من مارس1952. وظلت حكومة عموم فلسطين قائمة حتي عام1963 وبعدها تشكلت منظمة التحرير الفلسطينية منذ عام1964 وبعدها دعا الكاتب الصحفي أحمد بهاء الدين الي اعلان الدولة الفلسطينية عقب هزيمة1967 ثم طرح الرئيس السادات فكرة حكومة المنفي في بداية السبعينيات ردا علي ادعاءات جولدا مائير بعدم وجود شعب فلسطيني, ثم دعا الرئيس السادات عام1981 الفلسطينيين والاسرائيليين إلي الاعتراف المتبادل ومع انتفاضة1988/87 أعلن ياسر عرفات الدولة الفلسطينية المستقلة, وعندما فشلت مرحلة المفاوضات الانتقالية علي المسار الفلسطيني الاسرائيلي ابتداء من وصول نيتانياهو الي الحكم عام1996 تم تأجيل اعلان الدولة الفلسطينية الذي كان مقررا سلفا اعلانه في4 مايو1999 في حالة نجاح كل من مفاوضات المرحلة الانتقالية, والوضع النهائي التي بدأت بمدريد1991 ثم أوسلو واخواتها حتي كامب ديفيد(2) وشرم الشيخ في الاسابيع الأخيرة من عام2000. وعندما جاء شارون رئيسا لوزراء إسرائيل ابتداء من أوائل2001, وحتي مثوله للغيبوبة في ديسمبر2006 قلب مائدة المفاوضات رأسا علي عقب وأقام الجدار العنصري العازل وشطب كل الاتفاقيات والتعاهدات مع السلطة الفلسطينية وعزل الرئيس عرفات وحاصره في رام الله وتسبب في رحيله شهيدا وعندما جاء أولمرت مضي علي طريق سلفه بالمراوغات والوعود الزائفة مستكملا مخطط تهويد القدس ومدعوما في هذا بالحليف الاستراتيجي( ادارة الرئيس بوش) ثم جاء نيتانياهو بمخططه الجديد كما أشرنا في المقدمة. هكذا توالت32 حكومة وزارية اسرائيلية علي أرض فلسطينالمحتلة منذ عام1948, أو حتي صباح أول أمس, وحاولت كل حكومة إسرائيلية علي مدي61 عاما ترك المزيد من بصمات التهويد علي الأرض الفلسطينية وتشتيت المزيد من أصحاب الأرض وتضييق الخناق علي ما تبقي من الشعب الفلسطيني في غزة وفي معازل الضفة الغربية والقليل من المقدسيين علي أرض القدس. وكان الرئيس الأمريكي الأسبق كارتر صادقا مع نفسه ومع وقائع التاريخ عندما أصدر كتابه الأخير منذ عامين مقارنا ما يجري علي أرض فلسطين بما جري علي أرض جنوب افريقيا قبل استقلالها عام1994 حيث مخطط ال أبارتيد أو الفصل العنصري محذرا من تفاقم الوضع في فلسطين ومطالبا بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. وهذا يعني أن هناك تيارا من الرأي العام العالمي يدرك خطورة ما يجري علي الأرض الفلسطينية بصفة عامة وعلي أرض القدس بصفة خاصة. ومن الأهمية استحداث تحرك دولي نشيط مؤيد للحق الفلسطيني في قيام الدولة الفلسطينية[ مع الألف واللام كأداة للتعريف] حيث يجري شطب أداة التعريف في الخطاب الاسرائيلي طمعا في الاستحواذ علي مزيدا من الاراضي الفلسطينية وعاصمتها القدس.