يُجري مركز "تامي شتاينمتس لأبحاث السلام"(1) مشروع "مقياس السلام" منذ يونيو عام 1994؛ ويهدف إلى الوقوف على فهم الجمهور الإسرائيلي لمنظومة العلاقات بين إسرائيل والدول العربية والفلسطينيين، وتابعاتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية على المدى القريب والبعيد. يهدف المشروع إلى البحث عن إجابات لعدد من القضايا؛ مثل: • الصورة المرسومة عن السلام داخل الإسرائيليين (يهوداً وعرباً). • التغيرات التي تطرأ على رؤية الطرف الآخر للتحول في مسيرة العلاقات بين إسرائيل والدول العربية.. كالتحول من المواجهات العنيفة بين إسرائيل والفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات. • التغيرات التي تلحق بالهوية الإسرائيلية، على خلفية ما يطرأ من مستجدات على الساحة الخارجية.. مثل التهديدات الإيرانية. وفي إطار "مقياس السلام"، يُجرى استطلاع رأي شهري لعينة تمثل مختلف فئات الجمهور الإسرائيلي (يهوداً وعرباً). كما يُجرى مشروع "مقياس السلام" في إطار برنامج "إيڤنس" لدراسة الصراعات وتسويتها بجامعة تل أبيب، برئاسة بروفيسور "أفرايم يعار"، وبروفيسور "تمار هيرمان". وتجرى اللقاءات الهاتفية من خلال معهد "بيت.يود.كوهين" بجامعة تل أبيب. موضوع المقياس لشهر ديسمبر 2007: يلقى تكثيف عمليات التصفية الشخصية لمطلقي صواريخ القسام ومن يقفون وراءهم تأييداً واسع النطاق بين أوساط الجمهور الإسرائيلي اليهودي.. رغم إعلان التنظيمات المسئولة عن ذلك أنها سوف ترد بتنفيذ عمليات داخل إسرائيل. بل وتعتقد أغلبية كبيرة أنه لا يجب على إسرائيل السعي إلى التوصل لتفاهمات مع "حماس" لإيقاف إطلاق صواريخ القسام مقابل وقف عمليات التصفية الشخصية وعمليات الجيش الإسرائيلي بقطاع غزة. كما لم تلق تصريحات المسئولين المصريين بأنهم يبذلون قصارى جهدهم لمنع تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة صدى لدى الأغلبية الساحقة من الإسرائيليين، إذ أن تلك الأغلبية تصدق التصريحات العلنية التي أدلت بها وزيرة الخارجية "تسيبي ليڤني" من أن المصريين لا يقومون بما هو كاف من أجل منع عمليات التهريب والتسلل- رغم الرد المصري شديد اللهجة على هذه التصريحات. ويبدو أن الجمهور الإسرائيلي ينظر من زاوية شديدة الاختلاف إلى ما يخص السلطة الفلسطينية برئاسة أبو مازن: فثمة أغلبية كبيرة تعتقد أنه يجب على إسرائيل أن تفي بالتعهدات التي قطعتها على نفسها في مؤتمر أنابوليس فيما يخص تجميد البناء في المستوطنات وإزالة التجمعات الاستيطانية غير القانونية. والأكثر من ذلك أنه دون أن يُظهر الجمهور الإسرائيلي ما يُبرر قتل السائحين الإسرائيليين في الخليل على يد رجال الأمن الفلسطينيين، إلاّ أن ثمة أغلبية واضحة تؤيد أنه لا مبرر لوجود إسرائيليين في مناطقB (الواقعة تحت السيطرة المدنية الفلسطينية والأمنية الإسرائيلية).. حتى لو كان ذلك لغرض السياحة. وبشكل مشابه، اتضح من استطلاع رأي الجمهور فيما يخص إطلاق سراح "المخربين الفلسطينيين" من أجل زيادة احتمال نجاح صفقة إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي المختطف جلعاد شاليط، اتضح أن ثمة أغلبية تؤيد أن يبدي الجانب الإسرائيلي المزيد من المرونة. ورغم كل المشكلات التي تواجه إسرائيل، وبما يتعارض مع الانطباع الدائم المأخوذ من وسائل الإعلام الإسرائيلية أن الجمهور مصاب بإحباط كبير، إلاّ أن معطيات الاستطلاع تُظهر أنه مع نهاية عام 2007 فإن الأغلبية الساحقة تعتقد أنه كان عاماً طيباً للغاية على المستوى الشخصي، أو ربما طيباً فقط؛ وأنها متفائلة- على المستوى الشخصي أيضاً- من أن العام الجديد سيحمل ما فيه الخير لهم. وفي المقابل، نجد الآراء على المستوى القومي تكاد تكون منقسمة بالنسبة لأحداث العام ذاته (2007)- وإن كان تفاؤل كبير يتضح من استطلاع الآراء بخصوص عام 2008. هذا ولم تختلف نظرة الجمهور الإسرائيلي إلى العام المنصرم والعام القادم.. على مستوى ما سوف تشهده الساحة العالمية. وهذه هي النتائج الأساسية لمقياس السلام لشهر ديسمبر 2007: الأغلبية تؤيد استمرار التصفيات الشخصية التي تنفذها إسرائيل ضد مطلقي صواريخ القسام: • 81% (في مقابل أقلية ضعيفة تقدر ب 11.5%) من الجمهور اليهودي تؤيد أو تؤيد بشدة المضي في سياسة التصفيات الشخصية ضد مطلقي صواريخ القسام أو من يقفون وراءهم.. رغم تهديدات التنظيمات المسئولة عن إطلاق الصواريخ بأنهم سيردون على التصفيات بتنفيذ عمليات إرهابية ضد أهداف إسرائيلية. معارضة فتح باب التفاهم بين إسرائيل وحماس: • 61% (في مقابل 31.%) يعارضون أن تتوصل إسرائيل إلى تفاهمات مع حماس بشأن وقف إطلاق الصواريخ في مقابل وقف عمليات التصفية الشخصية والعمليات العسكرية في قطاع غزة. ناخبو الأحزاب اليهودية يجمعون على استمرار سياسة التصفيات: • وبحسب تصنيف ناخبي الأحزاب اليهودية للكنيست.. ثمة أغلبية بين ناخبي الأحزاب قاطبةً تؤيد استمرار عمليات التصفية الشخصية- في حين تكون هذه النسبة بين ناخبي "ميرتس" أقل بكثير.. وكذلك بالنسبة لمسألة التوصل لتفاهمات مع حماس. تهريب الأسلحة والتسلل إلى غزة: • 76% من الجمهور اليهودي لا يثقون في أن "المصريين" يبذلون الجهود اللازمة لمنع تهريب الأسلحة وعمليات التسلل إلى داخل القطاع. ولم يك مفاجئاً أن أبدى 61% (في مقابل 28%) أن الوزيرة ليفني صدقت عندما اتهمت مصر بأنها لا تمنع عمليات التهريب والتسلل.. رغم الرد المصري شديد اللهجة على تصريحات الوزيرة. أغلبية اليهود (51%) تؤيد أن تفي إسرائيل بما التزمت به في أنابوليس تجاه السلطة الفلسطينية: • ورغم الآراء المتشددة فيما يخص حماس وقطاع غزة، كانت الآراء بخصوص السلطة الفلسطينية برئاسة أبو مازن أقل تشدداً؛ فقد أبدت أغلبية غير كبيرة من الجمهور اليهودي (تقدر ب 51% في مقابل 43%) اعتقادها أنه على إسرائيل أن تفي بما تعهدت به في مؤتمر أنابوليس بخصوص تجميد المستوطنات. وأبدت أغلبية أكبر نسبياً (تُقدر ب 53% في مقابل 37%) أنه يجب على إسرائيل أن تفي بما تعهدت به للسلطة الفلسطينية من إزالة التجمعات الاستيطانية غير القانونية. أغلبية يهودية (57%) تعترف بالحق الفلسطيني في المناطق التي منحت للسلطة في إطار أوسلو: • والأكثر من ذلك أن ثمة اعترافاً ما بحقوق الفلسطينيين في المناطق التي مُنحت للسلطة الفلسطينية في إطار اتفاقية أوسلو. فرداً على سؤال كان فحواه: "قُتل في العملية التخريبية الأخيرة سائحين من 'كريات أربع‘ كانا يقومان بجولة سياحية في المنطقة B (الداخلة تحت السيطرة المدنية الفلسطينية، والسيطرة الأمنية الإسرائيلية)؛ فمع أي من الرأيين القادمين تتفق أكثر مع الرأي الذي يذهب إلى أنه يمكن للسائحين أن يقوموا بجولات سياحية آمنة حتى في المناطق التي تدخل تحت السيطرة الفلسطينية، أم مع الرأي القائل إنه منذ اللحظة التي نُقلت فيها هذه المناطق للفلسطينيين فليس هناك ما يدعو الإسرائيليين للذهاب إليها- مثل القيام بجولات سياحية؟"، وكانت الإجابة أن اتفق 57% مع الرأي القائل إنه ليس هناك ما يدعو الإسرائيليين للذهاب إلى المناطق التي تدخل تحت السيطرة الفلسطينية؛ في حين رأى 36% أنه يجب أن تصر إسرائيل على تحقيق عنصر الأمن للإسرائيليين الذين يقومون بجولات سياحية في مثل هذه المناطق. أغلبية إسرائيلية ترى ضرورة انتهاج المرونة لإطلاق سراح الأسير جلعاد شاليط: • كما توجد أغلبية تقدر ب 51% تعتقد أنه يجب على إسرائيل أن تُبدي مرونة بقدر ما تستطيع في إطار صفقة لإطلاق سراح ما تعتبرهم "مخربين فلسطينيين" في مقابل إطلاق سراح جلعاد شاليط؛ في مقابل 36% فقط يرون أنه لا يجب إبداء المرونة في هذه المسألة لأجل هذا الهدف. رغم انهيار الإسرائيليين أمام مشكلاتهم الداخلية، 75% من الجمهور الإسرائيلي يعتبر عام 2007 جيداً جداً: • في العام الماضي، واجهت إسرائيل عدداً كبيراً من المشكلات العصيبة سواء على الصعيد الخارجي والأمني، أو على الصعيد الداخلي- مثل زيادة الفجوات الاقتصادية واتساع دائرة الفقر، والقصور الذي تواجهه الأجهزة التعليمية ومؤسسات التعليم العالي... إلخ. حقاً كانت الصورة المأخوذة من الإعلام الإسرائيلي تقول إن الجمهور يعاني حالة من الانهيار؛ إلاَّ أن معطيات الاستطلاع- المستقاة من استطلاع رأي عينة تمثل السكان البالغين في إسرائيل- تعكس صورة مختلفة. فقد قال 75% (في مقابل 19%) إنه على المستوى الشخصي كان العام الماضي جيداً جداً أو جيداً. وعلى المستوى الإسرائيلي القومي، كانت الآراء منقسمة.. إذ أن 44% يعتقدون أن العام الماضي كان جيداً جداً أو جيداً، في مقابل 45% يعتقدون أن عام 2007 كان سيئاً أو سيئاً للغاية. في حين نجد انقساماً على المستوى الدولي: إذ أن 42% يعتقدون أنه كان عاماً جيداً أو جيداً جداً، وترى نسبة مشابهة أنه كان سيئاً أو سيئاً للغاية. وفي المقابل، عندما يدور الحديث عن التوقعات بالنسبة لعام 2008 نجد التفاؤل هو الشعور السائد على المستويات الثلاثة؛ فعلى المستوى الشخصي يتوقع 78% أن العام القادم سيكون جيداً أو جيداً جداً؛ وعلى المستوى الإسرائيلي القومي أبدى 60% ذات لتفاؤل، وأجاب 56% بذات التفاؤل على المستوى الدولي. عام 2007 كان أفضل بالنسبة للإسرائيليات والبالغين والحريديم(2): • وبحسب المعيار الاجتماعي الديموجرافي، أظهر الاستطلاع أنه على المستوى الشخصي كان العام الماضي أفضل عند النساء منه لدى الرجال، بينما كان جيداً بالنسبة للشباب منه لدى البالغين، وأفضل بالنسبة للحريديم (المتشددين دينياً) منه بالنسبة للآخرين. كما أظهر الاستطلاع أن عام 2007 كان عاماً جيداً أو جيداً جداً بالنسبة لصفوة المثقفين الإسرائيليين، في حين ينظر إليه من هم أقل منهم في المستوى الثقافي نظرة أقل. وبحسب التقسيم حسب مستوى الدخل، أظهر الاستطلاع أن أصحاب الدخول المتوسطة في إسرائيل يعتبرون عام 2007 عاماً جيداً- أكثر مما يراه أصحاب الدخول الدنيا أو المرتفعة للغاية. (1) مركز "تامي شتاينمتس لأبحاث السلام": * أنشا عام 1992. * وهو مركز أكاديمي متعدد المجالات، يهدف إلى الارتقاء بالأبحاث والتفكير المنهجي فيما يخص قضايا صناعة السلام، وإيجاد حلول للصراعات.. مع التركيز على الصراع العربي الإسرائيلي. * موقعه على شبكة المعلومات الدولية هو: www.tau.ac.il. (2) "الحريديم": * تسمية تطلق على المتشددين دينياً من الجمهور اليهودي، الذين يقيمون طقوسهم ويعيشون حياته اليومية وفق التفاصيل الدقيقة للشريعة اليهودية. * يعتقد الحريديم أن دولة إسرائيل ونظم حياة اليهود يجب أن تسير وفق قوانين وأنظمة الشريعة اليهودية وليس بموجب قوانين حددها ونظمها بني البشر. ويحاول هؤلاء بين الفينة والأخرى فرض شرائع التوراة على المشهد الحياتي في إسرائيل. * وينقسم الحريديم من الناحيتين الدينية والسياسية إلى مجموعتين: اقلية صغيرة وتحمل اسم "الطائفة الحريدية"، وأغلبية ساحقة أكثر اعتدالا محسوبة على حزب "اجدودات اسرائيل" ومؤيديهم. * تضم هذه الطائفة وفق التسجيلات الرسمية في إسرائيل قرابة 10 آلاف نسمة.