رجح العديد من المحللين السياسين ان تدفع الازمة المالية العالمية الدول الى توفير أمن داخلي اكثر كفاءة والاسراع من وتيرة الاتجاه نحو مزيد من التعاون الدولي في مقابل الحد من شراء المعدات الباهظة الثمن. وكشفت دراسة قام بها خبراء اقتصاديون أمريكيون نشرت في مارس/ اذار 2008 بأن معظم الانفاق الحالي على مكافحة الارهاب غير فعال وأن من الافضل انفاق المال على تعزيز التعاون الشرطي الدولي وزيادة المساعدات للدول النامية. كما أكد تقرير للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن وهو مؤسسة بحثية تحت عنوان (التوازن العسكري لعام 2009) - وهو عبارة عن تقييم للقدرات العسكرية والاقتصادات الدفاعية على مستوى العالم- ان "الانفاق الدفاعي فيما يبدو متجه نحو الخضوع لتدقيق عن كثب" من قبل الحكومات المتأثرة بالركود". ولفت التقرير الى أن الانفاق العالمي على الامن الداخلي ارتفع بنسبة نحو 70 مليار دولار في العام منذ هجمات 11 سبتمبر. واتفق بعض المحللون على أن الضغوط على الميزانيات ستجبر صناع السياسة بشكل متزايد على تحديد أوجه الاهدار والتساؤل بشأن شراء التكنولوجيا باهظة التكلفة وهو الاتجاه الذي تؤيده مخاوف في الغرب من أن المراقبة المفرطة تمثل خطرا على الحريات المدنية. وقال هنري كرامبتون المسئول البارز السابق بوكالة المخابرات المركزية الامريكية "كثيرا ما يعتقد الناس أن هناك حاجة الى مراقبة منتشرة لكل ما يمكن أن يهدد سلامة المجتمع لكن الواقع أن الشبكات القائمة على الثقة بوسعها توفير معلومات المخابرات الفعالة اللازمة". واستطرد رافاييل بيرل رئيس وحدة التحرك ضد الارهاب بمنظمة الامن والتعاون في اوروبا قائلا "يجب أن نسأل أنفسنا بكل جدية الى متى نستطيع الاستمرار في استنزاف اقتصاداتنا في محاولة غير مجدية لتأمين كل شخص وكل شيء في جميع الاوقات. وأضاف "حتى اذا كان هذا ممكنا وهو غير ممكن فان الخطر المجتمعي الناجم عن القضاء على حقوق الانسان والحريات المدنية بسبب الاجراءات الامنية المفرطة حقيقي وفي تزايد وقد أسيء تقديره بشده فيما يتعلق بتأثيراته السيئة". وستظل مكافحة الارهاب أولوية مهمة لجميع الحكومات حيث ان الامن ركيزة أساسية للثقة في الاقتصاد وقطاعات الاعمال التي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات مثل السياحة والنقل تكون عادة هدفا للجماعات المسلحة. ويريد بيرل من منظمة الامن والتعاون أن يتم تركيز الانفاق التقليدي على مكافحة الارهاب في الاساس على الحماية من الهجمات التي تؤدي الى كوارث وتنطوي على استخدام أسلحة دمار شامل. ويقول انه بالنسبة للباقين يجب أن تكون العودة الى الدبلوماسية التقليدية اولوية أساسية خاصة تمويل زيارات متبادلة بين ضباط هيئات تنفيذ القانون تمكنهم من بناء علاقات قابلة للاستمرار مع نظرائهم خارج اوطانهم. ويرى بعض المراقبين أنه قد يتفق المثل القائل رب ضارة نافعة مع اعادة واشنطن وحلفائها النظر في سياستها الامنية لاسباب تتعلق بالميزانية حيث ستؤدي الى العودة للاعتماد على الادوات التقليدية مثل التعاون الدولي ودوريات الشرطة المترجلة وقال المحلل السياسي الدنمركي بيورن لومبورج الذي قام باجازة تقرير (التوازن العسكري لعام 2009) ان الازمة المالية العالمية التي تزامنت مع قدوم ادارة أمريكية جديدة بتفكير جديد تعني أن من المرجح القيام بمراجعة للاستراتيجية. وتابع أن التغيير سيأتي لكن ببطء بسبب أوقات الاعداد الطويلة التي تستغرقها ميزانيات التدبير الامني لكنه أشار الى أن هناك الان انفتاحا بين صناع السياسة على الافكار الجديدة وطرح رئيس المخابرات العسكرية الصينية السابق فكرة التشارك الدولي في عملية جمع البيانات الخاصة بالجماعات المسلحة في مؤتمر لمعهد الشرق والغرب للامن الاسبوع الثالث من فبراير/شباط 2009. واشاد الميجر جنرال هوانج بايفو امام مؤتمر في بروكسل بهذا الاجراء قائلا ان تبادل معلومات المخابرات بين الدول المشاركة ساعدت في اقامة دورة اولمبية صيفية آمنة عام 2008 في بكين. ومنذ هجمات 11 سبتمبر ايلول أنفقت الحكومات في أنحاء العالم بسخاء على أنظمة الكشف بالاشعة في المطارات وعمليات التفتيش على الواردات وأنظمة استخراج البيانات والمراقبة الالكترونية لكل شيء من رسائل البريد الالكتروني الى غرف الدردشة على الانترنت وشوارع المدن والمكاتب. وتم انفاق مئات المليارات من الدولارات الاضافية على حربي العراق وافغانستان حيث سعى تحالف تقوده الولاياتالمتحدة الى اخماد حركات التمرد واستئصال شأفة خلايا القاعدة. وستكون تكاليف الحربين المستمرتين عنصرا ثقيلا جدا في الميزانية الامريكية التي طرحها الرئيس باراك اوباما الخميس والذي تعهد بمراجعة البرامج الدفاعية الكبرى. (رويترز)