حتى المصائب لم توفق في جمع اللبنانيين وبقي لبنان “لبنانين” في ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري وفي وداع أحد قادة حزب الله عماد مغنية. وقد أحيت الموالاة قبل ظهر أمس، الذكرى الثالثة لاغتيال الحريري، في ساحة الشهداء وسط العاصمة اللبنانية، فدعا خطيب الاحتفال الرئيسي، رئيس تيار “المستقبل” وزعيم الأكثرية النيابية النائب سعد الحريري، إلى “لقاء الساحات لا إلى صدامها مع المعارضة اللبنانية” وأكد على “اليد الممدودة” للحوار معها، مشيراً إلى أن بداية حل الأزمة اللبنانية تبدأ بالانتخاب الفوري لقائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، ومعتبراً “أن لا قيمة للقمة العربية المقبلة من دون وجود رئيس للبنان فيها”. هذه المسحة الإيجابية في كلام الحريري لم تسحب نفسها على كلام قادة الأكثرية الآخرين، لا سيما رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، وقائدي حزبي “القوات اللبنانية” و”الكتائب” سمير جعجع والرئيس السابق أمين الجميل، إذ وصف جنبلاط المعارضة “بالعصابات الملحقة بالنظام السوري”، معتبراً إعطاءها “الثلث زائداً واحداً” داخل حكومة وحدة وطنية بمثابة “الخيانة”. إلا أن قادة الأكثرية جميعهم، بمن فيهم الحريري واصلوا من دون هوادة الهجوم على سوريا ووضعوها مع إيران في “محور الشر الأسود”. أما ما بعد ظهر أمس فقد شهد تشييع القائد في “حزب الله” عماد مغنية، الذي اغتيل في دمشق الثلاثاء الماضي، في ضاحية بيروت الجنوبية. وأطلق أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصر الله في المناسبة مواقف هدد فيها بالرد على الاغتيال، معتبراً أن “اغتيال دولة “إسرائيل” لمغنية سيؤرخ لمرحلة بدء سقوطها” ومهدداً بأنه “خلال الأيام الآتية سوف نقوم بواجبنا على هذا الصعيد.. فدم عماد مغنية سيخرجهم (“الإسرائيليين”) من الوجود”.. وخاطب نصر الله الصهاينة بالقول “لقد اجتزتم الحدود (خارج لبنان) وإن كنتم تريدون الحرب المفتوحة، فلتكن هذه الحرب المفتوحة لأننا نملك حقاً مقدساً بالدفاع عن النفس وكل ما يحمي قادتنا وإخوتنا سنقوم به”... وأشار نصر الله إلى كلام الحريري حول اليد الممدودة بقوله: “ان هذه اليد عندما كانت صادقة سنقابلها بمثلها” وفي رد غير مباشر على كلام جنبلاط، قبل أيام، عن “الطلاق مع حزب الله” قال نصر الله “من يطلب الطلاق فليرحل من هذا البيت إلى أسياده في واشنطن وتل أبيب وسيبقى لبنان بلداً للوحدة وللمقاومة وللكرامة الوطنية”. على صعيد الأزمة السياسية، فإن اللبنانيين ينتظرون عودة الأمين العام للجامعة العربية، عمرو موسى، في الرابع والعشرين من الجاري لاستئناف البحث في سبل انجاز مندرجات المبادرة العربية لا سيما في بندها الأول لجهة انتخاب العماد سليمان رئيساً للجمهورية في 26 الجاري الموعد المحدد لجلسة الانتخاب. وفيما تتكثف حركة الاتصالات الإقليمية والدولية لتسهيل الانتخاب، لا سيما في العاصمة الفرنسية باريس، التي يجتمع فيها السفير السعودي لدى لبنان، عبدالعزيز خوجة، وموسى، ورئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، في الساعات المقبلة، فإن مصادر دبلوماسية عربية في بيروت ما زالت تصر على أن 26 الجاري سيشكل محطة مرجحة لانتخاب الرئيس.