الاهرام:8/1/2009 مايطرحه بعض أولياء الأمور والطلاب من أبناء الجالية المصرية بالمملكة العربية السعودية يجنح إلي بعض المبالغات خاصة حين يتحول الموضوع إلي التلويح بإلغاء التعاقد أو العودة إلي مصر أو بعدم الاندماج في مشروع اختبارات القدرات والتحصيل الذي صدر بشأنه قرار المجلس الأعلي للجامعات بمصر منذ عام.2004 ذلك أن تساؤلات حائرة ظلت تدور بين الجالية لعل أخطرها لماذا في هذا التوقيت؟ ولماذا طلاب السعودية بالذات؟ والحق أن الاجابة قد طرحت عليهم مرارا بين جماعات وأفراد.. ولكن الإجابة الإعلامية قد تبدو مهمة من حيث الانتشار والقراءة وإبداء الرأي والمناقشة بعيدا عن شبهة افتعال معركة في غير معترك بين الطالب والمؤسسة التعليمية التي تتبني المصلحة العامة قبل أي اعتبار. أما التوقيت فيمثل مشكلة نظرا لصدور قرار المجلس منذ أربع سنوات ولم يتم الإعلان عنه أو الإعلام بالشكل الكافي به من خلال المكتب الثقافي السفارة, أو وزراة التعليم, أو الإدارات التعليمية, أو وسائل الإعلام بسبب عدم وصول مذكرة تفسيرية من المجلس لشرح طبيعة الاختبارات علي نحو ماحدث في قرار12/1/..2008 ورغم صدور القرار منذ ذلك التاريخ مع بداية تغيير نظام الثانوية السعودية إلي التراكمي والمقررات فهذا يفسر لماذا طلاب السعودية بالذات نظرا لإسناد الامتحان النهائي إلي المدارس واعتبار وزنه في بلده30% ثم إسناد بقية اختبارات استكمال درجة الشهادة للمركز الوطني للقياس والتقويم بنسبة40% للقدرات العامة و30% للتحصيل والقبول. ومعني هذا أن الطلاب الذين صدر القرار بشأنهم منذ عام2004 كانوا آنذاك في المرحلة الإعدادية فلم يعبأ الآباء بالقرار من ناحية, ولم يتم نشره بما يكفي للحوار حوله بالشكل المناسب من ناحية أخري ونتيجة عدم الإبلاغ بمذكرة تفسيرية من جانب المجلس. ثم يمتد التساؤل حول التوقيت لهذا العام تحديدا وقد انتصف العام الدراسي لتأتي الإجابة من منطلق حالة القلق التي أصابت السادة أعضاء المجلس الأعلي للجامعات حين تسربت أمامهم أماكن طلاب السعودية في التنسيق لعام .2008 بسبب عدم القدرة علي فرزهم نتيجة المجاميع التكرارية التي تجاوزت100% فما كان من التنسيق إلا إغلاق الأماكن حيث لايجوز القبول بالقرعة أو الحروف الأبجدية!! فكان لجوء المجلس علي وجه السرعة إلي التطبيق لقرار الاختبارات بقصد المحافظة علي أماكن الطلاب في التنسيق من ناحية.. مع إمكانية توزيعهم حسب شرائح المجموع من ناحية ثانية. وهنا بدأت صعوبات تقبل الأهالي للقرار علي اختلاف مستويات الطلاب حيث أشبع القرار حاجة قلة من الطلاب المتميزين الذين راحوا ضحايا عدم التمييز بين المستويات وهؤلاء قادرون علي التفوق بطبيعتهم في أي أختبارات. أما القطاع الأكبر من الطلاب فقد حدث له ارتباك نفسي وعصبي لأنه لم يتدرب أساسا علي ثقافة اختبار القدرات. ومن هنا أيضا ارتفعت صيحات الاحتجاج والرفض للقرار باعتبار أن تطبيقه قد يؤدي إلي تخفيض الأرقام القياسية في مجاميع الطلاب أو تنافسهم علي كليات القمة. وهنا غاب عن ذاكرة الجمهور أن الأماكن محجوزة والحصة محددة للطلاب بالسعودية للتنافس فيما بينهم دون مزاحمة طلاب مصر من الداخل, أو حتي الطالبات, أو حتي طلاب بقية الشهادات المعادلة مما يجعل من العدل في التنسيق احترام مايسمي بالنسبة المرنة حسب حجم الجالية المصرية بالمملكة. ثم تقدير مسألة الفروق الفردية في حدود قدرات الطلاب, من خلال إضافة درجة الاختبارات إلي درجة شهادة المدارس. وقد يكون المسئول هنا هو تباري بعض المدارس الأهلية في منح الدرجات النهائية بلا حساب, وقد يكون ركون بعض الطلاب إلي سهولة تحصيل الدرجات بهذه الصورة المدرسية الميسورة, أو تجاهل الجمهور هنا أن أعلي شريحة طلابية في ظل تطبيق الاختبارات تدخل كليات القمة بصرف النظر عن مجاميع الطلاب من الفئات الأخري التي لا تزاحمهم في مستحقاتهم من النسبة المرنة. ويبقي السؤال الآخر وهو: لماذا السعودية بالذات؟ وتأتي الإجابة بوضوح من خلال أمرين: الأول أن الطالب السعودي قد طبق عليه هذا النظام المطور للثانوية بكل ما حوله من فلسفة وأهداف ومبررات عام2008 وأن قرار المجلس الأعلي ورد بشكل عام حيث ينص علي أن حصول الطالب المصري علي الثانوية من أي بلد عربي أو أجنبي يلزمه بأن تطبق عليه قواعد القبول بجامعات هذا البلد علي أبناء نفس البلد, وهو ما كان يحتاج مذكرة تفسيرية في حينه منذ عام2004 من جانب المكتب الثقافي عبر المجلس الأعلي للجامعات بقدر ما كان يحتاجه من حالة النشر الإعلامي مع فتح مجال الحوار الذي يجري الآن بهذه الصورة المكثفة إعلاميا. والأمر الثاني أن التعليم الخاص تطبق عليه قواعد التعليم الحكومي من خلال رقابة وزارة التعليم العالي بما ينفي أن يكون القرار هادفا إلي الإتجاه للتعليم الخاص حيث يظل التعليم الحكومي حقا مشروعا وأصيلا للطالب المصري داخل الوطن أو خارجه علي السواء, بعيدا عن مظنة قتل روح الانتماء والمواطنة التي تظل رهنا بضمان العدل في تنسيق الجامعات لجميع أبناء مصر من داخلها أو خارجها طبقا للمعايير والضوابط المنهجية التي ينطلق منها القائمون علي التنسيق لأبناء الوطن الواحد.وأخيرا تبقي التساؤلات الحائرة في حاجة إلي إجابات شافية بما يضمن نجاح المعادلة بين تطبيق القرار وضمان العدالة ومع مراعاة الإيقاع النفسي وتداعيات الضغط العصبي علي الطلاب خاصة أمام عنصر المفاجأة بالتطبيق دون إعداد مسبق أو تدريب كاف أو تهيئة نفسية مناسبة كما يبقي اختبار التحصيل جدير بالدراسة خاصة حين يطبق علي الطلاب الذين لم يدرسوا السنة الأولي بالمملكة ومقرراتها التي تدخل في الحسبان في الاختبار. ولعل القصد إلي التمييز بين الطلاب وهو الهدف الحقيقي للقرار إنما يتحقق من خلال القدرات فقط, وبأقل نسبة ممكنة بما يضمن تحقيق التوازن في المعادلة ويضمن حالة الاسترخاء النفسي لدي الطلاب وأسرهم بقدر ما يضمنه من تحقيق العدل المطلوب في إطار التنسيق ولعل أقل نسبة ممكنة للتمييز تظل حقا أصيلا للمجلس صاحب القرار دون افتئات علي دوره باعتباره جهة علمية لها دورها الفاعل في مسيرة التعليم ونهضة الوطن وليكن هذا المنطلق هو أساس الحوار حول القرار مع تقدير ما حدث من تغييب عنصر الوضوح في إعلام الجالية المصرية بتفاصيل القرار من قبل.