"باراك أوباما" الفائز بلقب شخصية العام 2008 وفقا لما أعلنته مجلة "التايم" الأمريكية، التي اختارته لنجاحه في أن يصبح الرئيس الأمريكي ال44 بعد انتخابات أثارت الكثير من الجدل والانقسام. ووضعت "التايم" صورته على غلافها الخارجي، ما يثبت تمكنه من السيطرة على الساحة في الفترة الأخيرة، رغم أنه لم يكن بهذه الشهرة منذ عامين فقط حتى أن نصف الأمريكيين تقريبا لم يعرفوا عنه شيئا، كما كان مدير حملته غير متأكد في البداية من قدرات "أوباما" على الفوز في الانتخابات، لكنه تمكن من قلب السياسة والقضاء على عقود من الحكمة التقليدية متغلباعلى النظام الاجتماعي السائد. ورغم ما قد يعتقده الكثيرون من أن اختيار "أوباما" يعود لأسباب براقة مثل قيادته للدولة في فترة هامة، ودمج الديمقراطية مع المشاركة المكثفة، وإثباته للعالم أن الفرص المتاحة لتحقيق النجاح بلا حدود، أو بسبب سرعته في تشكيل حكومته، وإنجازه للكثير من الأمور، وإظهاره لنفسه كرجل المهام الصعبة، إلا أن "التايم" أكدت أن السبب الحقيقي لاختياره يعود إلى مسيرة الإنجازات المتتالية والمستحيلة التي قدمها "أوباما" من خلال التغلب على آلة هيلاري كلينتون الانتخابية، وتنظيم الأصوات التي كانت تعد هامشية فيما مضى، واستغلال الآليات الجديدة للمشاركة الديمقراطية، وتحطيم أرقام جمع التمويل للحملات الانتخابية السابقة، وتحويل الولايات التي كانت حمراء في الماضي إلي زرقاء، وكذلك الاستيقاظ صبيحة فوزه مباشرة لإعادة اختراع العملية الانتقالية الرئاسية لمواجهة فراغ خطير محتمل في القيادة. كما ذكرت المجلة أسبابا أخرى لهذا الاختيار من بينها، وعوده الانتخابية، ومنحه للأمريكيين قائمة ليراجعوا إنجازاته بعد عامين للتأكد من وفائه بوعوده. وتتضمن هذة القائمة إنقاذ الاقتصاد من الأزمة التي يواجهها، والتأكد من عدم تكرار الأزمة، وخلق المزيد من فرص العمل، وتقليل تكلفة الرعاية الصحية وتوسيع التغطية، بالإضافة إلى تحسين نظام المدارس الحكومية. كما تشمل القائمة أيضا إغلاق سجن جوانتانامو، وإنهاء التعذيب، وبناء تحالفات فاعلة في كل أنحاء العالم، وسحب القوات الأمريكية من العراق، والتعامل بطريقة أفضل مع أفغانستان، وأخيراً مع التهديدات العالمية مثل تغير المناخ. وترجع قوة "أوباما" وقوة وعوده إلى أن الكثير من الأمريكيين لديهم ثقة في قدرته على تحقيق معظم تلك الوعود. وبحسب "التايم"، جاء في المرتبة التالية ل"أوباما" 4 شخصيات أولهم الرئيس الفرنسي "نيكولا ساركوزي"، الذي بدا في كثير من الأوقات قويا بطبيعته وليس زعيما سياسيا، فلديه الطاقة والأفكار التي ظهرت في تعامله مع مشكلة جورجيا والأزمة الاقتصادية العالمية. وعلي الرغم من تولي "ساركوزي" الرئاسة منذ مايو/ آيار 2007 فقط، إلا أن العوامل الرئيسية للحكم عليه متوفرة، بدءاً من قدرته على اتخاذ القرارات وتنفيذها. ثانيا: قدرته على التفكير خارج الإطار التقليدي، حيث يعد تشكيل حكومته إنجازاً لاختياره أفضل العناصر للقيام بما يريد تنفيذه. كما أدرك "ساركوزي" أهمية الإجماع لتوفير السياق لسياساته، ويحسب له تعيين أول سيدة مسلمة سوداء في منصب وزيرة. ثالثاً: وضع "ساركوزي" فرنسا على خريطة العالم برأيها المؤثرما ساعدها على اجتذاب حلفاء. واستطاع ساركوزي الوصول للولايات المتحدة التي أصبحت تعتبر فرنسا حليفا لها وتناست الاختلافات السابقة. ويمكن أن تلعب فرنسا دوراً في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث زار "ساركوزي" الكنيست وأعرب عن تفهمه للمخاوف الإسرائيلية، ثم وجه في وقت لاحق رسالة مباشرة وحادة بأنه لن يكون هناك سلام بدون وقف للمستوطنات. رابعاً: أثبت "نيكولا ساركوزي" كفاءته وحسن تصرفه كرئيس للاتحاد الأوروبي، فقد بدت أوروبا تحت قيادتة تعمل بشكل متناغم، ما بدا من خلال قمة العشرين التي دعا لها وحققت نتائج تناسب ما يمكن توقعه منها في هذه الظروف، وكذلك أزمة جورجيا والوساطة في وقف إطلاق النار. كما اختير وزير الخزانة الأمريكي "هنري بولسون" أيضا شخصية 2008 في المرتبة التالية لأوباما، نظرا لما لعبه "بولسون" - البالغ من العمر 62 عاماً - من دور تاريخي في لحظة تاريخية حرجة، حيث حمله الرئيس بوش مسئولية السيطرة شبه التامة على السياسة الاقتصادية للبلاد وسط الانهيار الاقتصادي الناجم عن الأزمة المالية العالمية. كما منحة الكونجرس تريليون دولار لإصلاح النظام الاقتصادي، إلا أن بولسون مع شركائه رئيس الاحتياطي الفيدرالي ورئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك قاموا بتدخل اقتصادي غير مسبوق باستثناء ما جرى خلال الحرب العالمية الثانية. وكان الكثيرون قد تغنوا بقدرته على قيادة البلاد أثناء الأزمة، ووصفه البعض بقوة الشخصية والحزم والاستماع إلي الآراء المختلفة. ولكن استمر ذلك لفترة قصيرة خلال الصيف الماضي، ثم تحول المديح إلي نقد، وأصبح بولسون شخصية بلا شعبية. وكان "بولسون" صاحب خطة الانقاذ ذات ال700 مليون دولار، والتي فشلت بسبب توجيهه نصف ذلك المبلغ للاستثمارات المباشرة. وقد دافع عن نفسه بأن الإجراءات لم تكن خاطئة، ولم يكن البديل سوى وجود سلسلة من المؤسسات المنهارة. وأضاف أنه سيكون من السهل رؤية الوضع بشكل أفضل بعد خمس سنوات. واحتلت مرشحة ماكين لمنصب نائب الرئيس "سارة بالين" مكانة على قائمة شخصية العام أيضاًً، فهي أشهر حاكمة ولاية، وأم ل5 أبناء، يرى البعض أن حياتها تصلح قصة لمسلسل. وكانت تمثل فريق إنقاذ للجمهوريين يتكون من سيدة واحدة. وانقسمت الآراء بشأنها، فالبعض رأى أنها إلهام للنساء، بينما رأى البعض الآخر أنها إهانة لهن. وعندما اختارها ماكين نائبة له قال إنها من يحتاج إليه، فدخول سارة حملتة أحياها بالفعل لبعض الوقت، وزاد المؤيدون، وتدفقت الأموال، وتقدم ماكين 5 نقاط على أوباما. وعندما ألقت "بالين" إحدى خطبها، اهتم الكثير من الأمريكيين بالاستماع إليها بدلاً من مشاهدة حفل افتتاح أولمبياد بكين. والتفت الحشود للإنصات لها وكأنها بطلة منتصرة. كما تمكنت من مواجهة منتقديها بقوة، وبمجرد انتهائها من الخطبة حملت طفلها وأشارت للسيدات قائلة "إنه لن يوقفها شيئا". قد تكون بالين قد خسرت لكنها ستظل المكان الذي يضع فيه حزبها طموحاته للعام أو العامين القادمين. وسيكون أهم جزء في متابعة بالين هو رؤية ما ستحققه وما إذا كانت تعرض فلسفة أكبر من شخصيتها. كما شمل المركز نفسه - التالي للرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما - المخرج الصيني "زانج يمو" الذي أخرج حفل افتتاح الأولمبياد في بكين. ففي 8 أغسطس/ آب 2008 شاهد نحو ملياري شخص في جميع أنحاء العالم حفل افتتاح أولمبياد بكين المبهر والذي لاينسى، مستلهما من التراث الثقافي الصيني والشخصية الصينية الفريدة الكثير. وخلال العرض المبهر، روى "زانج" قصة الصين بإظهاره الاختراعات الصينية المختلفة مثل الورق والطباعة والبارود والبوصلة. واستطاع "زانج" أن يصنع أحد أكبر العروض في الألفية الجديدة شاهده نصف سكان العالم. كما استطاع تقديم السلام الذي يمثل روح الألعاب الأولمبية. وامتلأ العرض بالأفكار المبتكرة التي يصعب تنفيذها في الأفلام والأصعب تنفيذها بوجود آلاف الراقصين المشاركين، فقد تضمن العرض لوحات بدت مستحيلة إلاأنها كانت تقدم أمام أنظار العالم بأسره. وبذلك ضمن "زانج" الذي بدأ حياته كمصور فوتوغرافي مكانا له في التاريخ، وعلى قائمة "شخصية العام 2008".