منذ عملية القدس، ليلة الخميس، تواصل “إسرائيل” التزام الصمت بخلاف ما جرى عقب عمليات مشابهة فيما مضى، وحول هذا الصمت تتباين التخمينات والتفسيرات “الإسرائيلية”. ويعتبر بعض المراقبين المحليين أن “إسرائيل” تنتظر استكمال التحقيق بشأن العملية والكشف عن هوية الجهة التي تقف وراءها، سيما وأن الفصائل الفلسطينية لم تعلن عن تبنيها، ما يفتح الباب أمام الظنون بأن العملية من إنتاج وإخراج حزب الله. في المقابل يرى آخرون أن هذا هو الهدوء الذي يسبق عدواناً “إسرائيلياً” جديداً، وأن “إسرائيل” باتت تفضل “الأفعال لا الأقوال” بعدما استخلصت الدروس من “الشتاء الساخن” التي رافقها سيل من تصريحات التهديد والوعيد على شاكلة “المحرقة” التي لم تنجح في إسكات صوت الصواريخ ولا في حماية العمق كما دللت عملية القدس، بل ألحقت الأذى بقوة الردع “الإسرائيلية”، مجدداً. ويوضح آفي سخاروف محرر الشؤون الفلسطينية في صحيفة “هآرتس” العبرية أن المستوى السياسي الذي لا تزال حرب لبنان ولجنة فينوجراد تتركان الظلال عليه، يحاذر من التورط بحملة برية واسعة في القطاع ويتحفظ منها بسبب تكلفتها. ويلفت إلى أنه رغم مقتل 130 فلسطينياً مقابل ثلاثة “إسرائيليين” في “الشتاء الساخن”، لم تتبدد المخاوف “الإسرائيلية” من خسائر بشرية “ وأن هناك أوساطا سياسية تتوقع مقتل 200 إلى300 جندي خلال حملة برية واسعة وهذا مرد تحفظ أولمرت منها”. وأضاف “ومع ذلك يبدو أنه ونتيجة الضغوط الداخلية والخوف على قوة الردع لا مفر من الصدام مع حماس وأتوقع تصعيدا يتجاوز “الشتاء الساخن” التي قدر لها أن تكون محدودة، لكن السياسيين قفزوا على عربتها ورفعوا سقف التوقعات منها ما أصاب قوة الردع بالضرر فور توقفها”. ويضيف أن المؤسسة العسكرية أقل تحفظا من المستوى السياسي وتقلل من حجم المخاطر المنوطة باجتياح واسع، لافتا إلى أن السؤال المطروح هو كيف ستخرج “إسرائيل” من القطاع، وهل تكفل الحملة توقف الصواريخ، وهل تعود “حماس” لإعلان انتصار جديد؟، وأضاف “في المواجهة بين الطرفين على الوعي حقق الفلسطينيون انتصارا لأن “إسرائيل” لم تنجح في شرح مواقفها في العالم”. من جانبه يقدر المعلق العسكري للصحيفة عاموس هارئيل أن أوساطا في قيادة الأركان تضغط باتجاه حشد المزيد من القوات والبدء بعمليات متدحرجة في القطاع، لكن قائد الجيش جابي اشكنازي يفضل التريث طالما أن الحكومة لم تصدر تعليمات واضحة مشفوعة بجدول زمني محدد بهذا الخصوص. وأضاف “بالنسبة للجيش فإن العملية القادمة خلف عتبة الباب لكن قيادته تفضل تجريب كافة وسائل الضغط المتاحة بما في ذلك الاغتيالات قبل الاجتياح البري الواسع”. وينوه هارئيل بأن الهوة بين الأفعال والأقوال في “الشتاء الساخن” وما بعدها قد تركت شعورا مرّا لدى قيادة الجيش، وينقل على لسان مصدر عسكري رفيع أنه كلما يشن الجيش حملة تنتهي بعودة الوضع لما كان عليه فإن قوة ردع “إسرائيل” تتآكل قليلا. ويشير إلى سؤال آخر خلف النقاش بين المستويين السياسي والعسكري في “إسرائيل” وهو هل يخدم سقوط “حماس” مصالح “إسرائيل”؟ وأليس من الأفضل مواجهة عدو معروف؟ ويضيف “ويخشى من نمو حركات أكثر تطرفا كالجهاد العالمي في حال أسقطت حماس”.