حتى مصانع الصين التي غزى انتاجها الاسواق في شتى انحاء العالم لما يتميز به انتاجها من تعدد مستويات الجودة والسعر لم تسلم من سهام الركود تحت ضغوط انحسار الطلب العالمي. وتراجعت طلبيات التوريد الجديدة الواردة لمصانع الصين خلال نوفمبر/ تشرين الثاني 2008، وذلك في وقت يلجأ زبائنها من متاجر التجزئة الأمريكية إلى تخفيضات حادة في الاسعار لجذب المتسوقين في مستهل موسم عطلات تخيم عليه المخاوف من ركود عالمي. ويبدو أن الركود ينال من صادرات النمور الآسيوية، فبجانب البيانات الصينية تكبدت صادرات كوريا الجنوبية أكبر تراجع لها فيما يقرب من 7 سنوات خلال أكتوبر/ تشرين الاول 2008 وصدور تحذيرات صارمة من طوكيو وبكين بشأن التهديدات التي يواجهها ثاني ورابع أضخم اقتصادين في العالم. وينبيء تراجع قياسي في مؤشر للتضخم في أستراليا وانحسار معدلات التضخم في سائر أنحاء آسيا بتخفيضات جديدة لاسعار الفائدة في المنطقة والعالم في مواجهة أزمة مالية يتلبسها الآن شبح انكماش الاسعار. ومن المتوقع أن تعمد البنوك المركزية في بريطانيا ومنطقة اليورو وأستراليا ونيوزيلندا الى خفض تكاليف الاقتراض خلال الاسبوع الاول من ديسمبر/ كانون الاول 2008 بغية انعاش الطلب. وتراجع متوسط سعر الفائدة القياسي في 11 من اقتصادات العالم الرئيسية بواقع 124 نقطة أساس منذ مطلع 2008. ففي بريطانيا، يعزز فرص خفض أسعار الفائدة مجددا في بريطانيا تقرير يظهر تراجع أسعار المنازل في انجلترا بنسبة 8.1% في نوفمبر عنها قبل عام واخر ينطوي على تدهور كبير لتوقعات المصانع على مدى الربع الاخير. وبعد أكثر من عام على تفجر أزمة الائتمان لايزال صناع السياسات يجاهدون لتعزيز نظمهم المالية وفي نفس الوقت حماية اقتصاداتهم وهو العامل الذي أقر به الرئيس الصيني هو جين تاو مطلع الاسبوع الاول من ديسمبر 2008. وأبلغ هو مسؤولين كبارا أنه من المتوقع أن يشهد اقتصاد بلاده خلال الفترة القادمة تداعيات التفاقم المستمر للازمة المالية العالمية بصورة مباشرة وضغوطا مع تباطوء نمو الاقتصاد العالمي بشكل واضح. وظهرت المخاوف ذاتها في تصريحات لوزير الاقتصاد الياباني كاورو يوسانو خلال مقابلة مع صحيفة فايننشال تايمز نشرت الاثنين، حيث قال "لا أستطيع أن أقول لكم ان الغد سيكون مشرقا. حان وقت الصمود". وحذر يوسانو من أن اليابان التي خرجت للتو في 2005 من معركة لعشر سنوات مع انكماش الاسعار ربما تكون بصدد وضع مماثل مجددا في ظل ركود الاقتصاد بالفعل. وقالت اذاعة ان.اتش.كيه اليابانية العامة ان بنك اليابان المركزي يناقش اتخاذ اجراءات لتيسير حصول الشركات على السيولة عن طريق سوق سندات الشركات. وذكرت الاذاعة ان البنك المركزي يدرس تخفيف معايير قبوله لسندات الشركات كضمان حتى ابريل/ نيسان 2008 من أجل مساعدة الشركات على اجتياز صعوبات فترة نهاية عام 2008 والسنة المالية 2008/ 2009. وفي غضون ذلك حاول الأمريكيون الاستفادة من تدني الاسعار خلال عطلة الاسبوع وذلك في مستهل أكثر فترات العام نشاطا بالنسبة لمتاجر التجزئة في الولاياتالمتحدة. وأظهرت النتائج المبكرة نمو المبيعات سواء في المتاجر أو عبر الانترنت تغذيها تخفيضات أسعار هائلة. وبلغ اجمالي الانفاق على مدى العطلة التي امتدت لاربعة أيام من عيد الشكر الامريكي الى يوم الاحد 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2008 نحو 41 مليار دولار. ورغم ذلك يرى خبراء أن هذا النشاط قد لا ينبيء بخير لنتائج شركات التجزئة الامريكية، حيث توقعت ايلين ديفيز المتحدثة باسم رابطة التجزئة الوطنية أن يكون مجمل نمو مبيعات العطلات خلال 2008 عند أضعف مستوى في 6 سنوات بصرف النظر عن مبيعات التجزئة فان أرباح التجزئة أمر مختلف، فكل المبيعات سجلت بهامش أرباح هزيل. ويشهد الطلب الامريكي على الصادرات الرخيصة من آسيا ضعفا مع انحسار الاقتراض المكثف الذي كان يمول ذلك الانفاق، والنتيجة انتكاسة حادة للمصانع في أنحاء المنطقة. وفي عودة للاقتصاد الصيني، تشير الارقام الحديثة الى تراجع قطاع الصناعات التحويلية الصيني في نوفمبر 2008 مع تدهور طلبيات التوريد الجديدة ولاسيما من الخارج، وتراجع مؤشران يستندان الى استطلاعات تشمل المئات من مسؤولي الشركات في أنحاء الصين الى مستويات قياسية منخفضة. وقال اريك فيشويك مدير أبحاث الاقتصاد لدى سي.ال.اس.ايه، أن نوفمبر يعد أول شهر يشهد طغيان ضعف الطلب الخارجي على التباطؤ المحلي. وتبرز تصريحات الرئيس الصيني قلقا بشأن التداعيات الاجتماعية والسياسية لتباطوء حاد في النمو. ولم تكن الصورة أفضل حالا في كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، حيث أظهرت البيانات تراجع الصادرات 18.3 في المئة على أساس سنوي وهو أسوأ بكثير من المتوقع. ومن جانبه، قال سبستيان باربي كبير الاقتصاديين لدى بنك كاليون في هونج كونج، إن التباطوء العالمي ينال من الدول الاسيوية عن طريق كبح تدفقات التجارة ورأس المال ولفت الى أن كوريا تتأثر سلبا من الجانبين. وتضطر البنوك المركزية في أنحاء العالم الى التدخل بقوة متزايدة لابطال أثر فقدان الثقة المزمن في النظام المصرفي. وبينما ينصب اهتمام المستثمرين بلا ريب على تقرير البطالة الامريكية لشهر نوفمبر والذي من المقرر أن يصدر الجمعة الاولى من ديسمبر 2008، الا أن استطلاع للرأي أجرته رويترز يفيد أن خبراء الاقتصاد يتوقعون في المتوسط خسارة 316 ألف وظيفة وهو أكبر مستوى منذ أكتوبر/ تشرين الاول 2001. وتدفع المخاوف بشأن أمد الازمة الاقتصادية العالمية المستثمرين الى الشراء في السندات الحكومية الامريكية باعتبارها ملاذا آمنا مما دفع عائد الاصدار القياسي لاجل عشر سنوات الى أدنى مستوى فيما يربو على 50 عاما. نقلت وكالة انباء الصين الجديدة عن خبير معروف قريب من الحكومة الاحد توقعه ان تشهد الصين نموا بنسبة 10% في 2009 رغم الازمة المالية العالمية. (رويترز)