رفض النائب البرلماني ورجل الدين السوري البارز محمد حبش تبرئة من يقتل دفاعا عن شرفه إذا وجد زوجته أو أخته في جرم الزنا معتبرا أن العفو القانوني عن القتل هنا لا علاقة له بالشريعة الإسلامية. وقال حبش في مقال له بصحيفة "الثورة" السورية الجمعة إن المادة القانونية من قانون العقوبات التي تعفي من العقوبة كل من فاجأ زوجته أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في جرم الزنا المشهود أو في صلات جنسية فحشاء مع شخص آخر فأقدم على قتلهما أو إيذائهما أو على قتل أو إيذاء أحدهما بغير عمد هي "عار يتناقض مع العدالة ويتناقض مع روح التشريع في الإسلام". ويقصد بكلمة العذر المعفي أنه يرتكب القتل حلالا دون أي عقاب وقد يقوم القاضي بحبس المرتكب احترازيا لمدة يسيرة دون أن يعتبر ذلك عقابا جزائيا أو مدنيا. وقال حبش إن المادة المذكورة منقولة بالكامل عن القانون الفرنسي الصادر عام 1810 غير أن هذه "المادة للأسف عوملت في نظر بعضهم كأنها نص من القرآن الكريم أو السنة المشرفة". وأوضح أن جريمة القتل بدافع الشرف "تخالف الشريعة في عدة أمور كلها من الكبائر؛ فهي أولا إثبات للحد بغير بينة وهذا حرام وفيه عقوبة القذف على فاعله ومرتكبه". وأضاف أن البينة كما هو معروف تحتاج إلى أربعة رجال عدول يشهدون برؤية الفاحشة بشكل ينقطع فيه أي التباس، وفي حال تردد أي من الشهود فالجلد ثمانين جلدة لكل من يشهد صادقا أو كاذبا. وتابع أنها ثانيا "حكم بالقتل بغير حق، حتى مع افتراض الفاحشة فالعقوبة المقررة في الشرع هي الجلد، وهي خاضعة من وجهة نظرنا للتغيير بحسب واقع الأمة والبحث عما يردع الزناة ويكفهم عن غيهم وفجورهم". وأشار أنها ثالثا "افتئات على ولي الأمر وهو حرام إذ المكلف شرعا بإقامة الحدود إنما هو الدولة، بمؤسساتها القضائية والتنفيذية وليس ذلك أبدا من شأن الأفراد أيا كانت غيرتهم واهتماماتهم". وذكر حبش أن هذه المادة تشتمل أيضا على "تمييز بين الرجل والمرأة في الحكم الشرعي وهو مرفوض شرعا، ولم يرد في أي من الجرائم تمييز بين المرأة والرجل في العقوبة، بل يتساوى الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات والمسئوليات". وقال رجل الدين السوري إن "اللحظة مواتية لنقوم بالإصلاح التشريعي المأمول" وذلك "بتجريم فاحشة الزنا" ومن ثم "إلغاء هذه المادة التي تشرع القتل وتبقى من وجهة نظري عارا يتناقض مع العدالة ويتناقض مع روح التشريع في الإسلام". كان مجلس الشعب قد أقر قبل أيام بالإجماع التحفظات السورية على اتفاقية "سيداو" التي تحرم القتل بدافع الشرف مما أثار لغطا في أوساط النساء والرجال المدافعين عن حقوق المرأة السورية، متسائلين كيف يمكن للبرلمان أن يصادق "بالإجماع" على التحفظات وبين النواب 30 امرأة ورجال مثل الدكتور حبش. وانشغل المجتمع السوري في السنوات الأخيرة بسلسلة من الجرائم التي ارتكبها رجال بدافع ما يسمى ب"الشرف". واختتمت في العاصمة السورية دمشق قبل أسبوعين أعمال الملتقى الوطني لجرائم الشرف الذي تضمن فعاليات وطنية واجتماعية، واعتبر الملتقى بحد ذاته حدثا لافتا في سوريا، وأدى إلى إحياء الحراك التشريعي والتفسيري في سوريا بشكل لم يسبق له مثيل.