أكدت استطلاعات الرأي - التي نشرت نتائجها عشية الانتخابات الرئاسية الأمريكية تقدم المرشح الديمقراطي "باراك أوباما" على خصمه الجمهوري "جون ماكين"، ما يرجح فوز "أوباما" رئيسا للولايات المتحدة، والتي قد ترجع إلى أسباب عديدة: السبب الأول: الأزمة الاقتصادية الأخيرة في الولاياتالمتحدة "قتلت" ثقة الشعب الأمريكي للحزب الجمهوري بزعامة جورج بوش - الذي اقترب حكمه للبلاد 8 سنوات - ولم يحصد الأمريكيون من فكر وسياسة هذا "المتغطرس" وحزبه سوى التدهور في أحوال أمريكا الاقتصادية منذ أزمة الكساد الكبير التي شهدتها البلاد عام 1929. ولهذا فإن غالبية الأمريكيين سيرشحون رئيسا من الحزب الديمقراطي لكي ينقذهم من الخطر الدامس الذي يسود سماء الولاياتالمتحدة، وخاصة أن المرشح "باراك اوباما" يؤكد ويرسخ في جميع شعاراته وتصريحاته خلال حملته الانتخابية بقوله "أوباما من أجل التغير". السبب الثاني: "أوباما" من مواليد 4 أغسطس/ آب 1961، أما "ماكين" من مواليد 29 أغسطس/ آب 1936، أى أن الفارق في السن كبير جدا - نحو 25 سنة "تأبيدة" -. فالسياسة الأمريكية بحاجة إلى فكر شبابي جديد، قوي، طموح، وهذا ما يتسم به "باراك أوباما" الذي يبلغ من العمر 47 عاما، بينما "ماكين" العجوز - 72 عام - لا يتحمل عبء الرئاسة في هذه الفترة التي قد تكون محورية في تاريح الولاياتالمتحدة. السبب الثالث: "أوباما" من أصول تتخالط دماؤها بعدة أجناس وديانات - أمريكية، وإفريقية، وإسلامية ومسيحية - فهو لأم أمريكية بيضاء مسيحية من ولاية كانسكاس هي "آن دوتهام" (1962-1995)، ووالده كيني اسود مسلم هو "باراك حسين أوباما" (1936-1982). هذه التركيبة - التي لم يكن سببا في تكوينها - تعتبر "التركيبة السحرية" التي تريدها السياسة الأمريكية إلى الولاياتالمتحدة في الأعوام المقبلة، وذلك للقضاء على العنصرية بين الأسود والأبيض وترابطهما معا في توحيد الصف داخل أمريكا، والاقتراب أكثر من المسلمين والعرب لمنع حدة العنف والكراهية التي رسبتها السياسة الحالية بقيادة الدموي "جورج بوش". السبب الرابع: الشعب الأمريكي بحاجة ماسة إلى قائد ورئيس يهتم بشئونهم ومشاكلهم الداخلية أكثر من تدخله وتسلطه على الشئون الداخلية لعدد من دول العالم، وخاصة بعد الأزمة الاقتصادية الحالية واضطرار كثير من الأمريكيين إلى ترك منازلهم لعدم قدرتهم على سداد الأقساط لدى البنوك. تاريخ "أوباما" يسجل أنه عمل كمحام للحقوق المدنية، حيث كان يناصر حقوق البسطاء، وذلك بعد انتخابه عضوا بمجلس شيوخ ولاية "إلينوي" في عام 1997 حيث خدم 8 سنوات، ظل خلالها منحازا لقضايا الناس، ومقدما مصالحهم على الحسابات الحزبية والمكاسب السياسية. ومن أبرز اسهاماته إنشاؤه لبرنامج ضريبة الكسب لمساعدة العائلات العاملة، ومد التعليم لسن الطفولة المبكرة، وإدارة مؤسسة لتوظيف الشباب. وبالنسبة ل"ماكين" فتاريخه السابق حافل بالأحداث العسكرية - أى أنه بعيد عن الأحداث الاجتماعية - فكاد أن يفقد حياته في حرب "فيتنام" بعد إسقاط طائرته فوق "هانوي" وأصيب اصابة بالغة، ووقع في أسر القوات الفتنامية، حيث احتجز من عام 1967-1973، تعرض خلالها إلى نوبات تعذيب، وهذا التعذيب قوى لديه فكرة الانتقام وعشقه للحروب، وهذا ما أكده قوله حول امتلاك إيران لتكنولوجيا نووية إنه سيضطر لعمل عسكري ضدها. السبب الخامس: سيطرة ونمو الحزب الديمقراطي منذ عام 2006 على غالبية مقاعد الكونجرس الأمريكي، فهذا يعزز من قوة وقرارات "أوباما"، فجميع المؤشرات تدل على أن الديمقراطيين مقدمون على تحقيق انتصارات كبيرة في الانتخابات القادمة للكونجرس وتمنحهم أغلبية أفضل. السبب السادس: جميع استطلاعات الرأي الإعلامية والبحثية في الولاياتالمتحدةالأمريكية تؤكد تفوق "باراك اوباما" على "جون ماكين". السبب السابع: كراهية العالم الإسلامي والعربي لسياسة جورج بوش وخاصة بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول والتي أعقبها حربي أفغانستان والعراق، بحجة القضاء على الإرهاب وإقناع الكونجرس بهذه الحروب لحماية الولاياتالمتحدة من خطر الهجوم عليها مرة ثانية. هذه السياسة يؤيدها المرشح الثاني "جون ماكين" وقد يكون أكثر تشددا، فهو مقتنع تماما بزيادة القوات الأمريكية بالعراق، ودعمه الكامل لإسرائيل وسياستها الاستيطانية، وسواء "بوش" أو "ماكين" فالشعب الأمريكي اقتنع تماما أن الحرب لم تدر عليهم سوى كراهية الأمم العربية والإسلامية لهم. ولهذا أتصور أن السياسة الأمريكية تفكر في الاقتراب من هذه الأمم - العربية والإسلامية - بطريقة مختلفة وبسياسة مختلفة. وهذا ما يتوفر في السيناتور "أوباما" حيث يدعو برنامجه الانتخابي بسحب القوات الأمريكية من العراق - وهذا ما يؤيده أقارب ضحايا القوات الأمريكية بالعراق- وتركيزه على قيادة البلاد نحو تغيير سياسي ودور جديد لأمريكا في العالم. السبب الأخير: طبقا لعلم الأبراج وتكوين الشخصية، نلاحظ أن "أوباما" من مواليد برج الأسد(الناري) الذي تتسم صفاته بالجاذبية، والنشاط،، والقوة، وفن الإدارة، والاجتماعية. أما "جون ماكين" فهو من مواليد برج العذراء(الترابي) الذي تتسم صفاته بالخجل، والثرثرة، والكذب، والانطوائية. ودائما النار أقوى من التراب!