أسير حرب فييتنام أب لسبعة أبناء آراؤه السياسية فرص فوز ماكين إعداد /د.هند بداري قبل أيام من اسدال الستار على انتخابات الرئاسة الأمريكية، اشتدت حدة المنافسات والمعارك الاعلامية بين المرشحين الجمهورى جون ماكين ونظيره الديمقراطى باراك أوباما على الفوز فى ماراثون البيت الأبيض، ورغم أن معظم استطلاعات الرأى تشير إلى تفوق أوباما وشخصيته الكاريزمية، فقد أعرب "ماكين" عن "ثقته في الانتصار" في الانتخابات الرئاسية ملوحا بأوراق الخبرة والحنكة السياسية وبطولاته العسكرية ووعوده الانتخابية. ملامح جون ماكين يعد جون سيدني ماكين الثالث من أبرز الساسة الأمريكيين و عضو مجلس النواب عن ولاية أريزونا ،وقد تأثر ماكين الذى كان طيارا سابقا بالبحرية الأمريكية، وأستاذا بكلياتها كثيراً بنشأته العسكرية ، فجدّه قاد أسطول الحاملات ضد اليابان في الحرب العالمية الثانية. وكان والده قائداً لغواصة من الطراز الأول في الحرب نفسها، وقائد قوات في حرب فيتنام. ويرى بعض المحللين أن مبدأ الكرامة الشخصية من أكثر السمات المميزة لشخصية ماكين الخاصة والعامة بينما يتخوف البعض من أن تكون فترة الأسر خلال حرب فيتنام جعلته يتسم بالعصبية والعدوانية. وقد ولد جون ماكين فى 29 أغسطس/آب 1936م في منطقة قناة بنما التي خضعت آنذاك للسلطة الأمريكية، وكان والده وجده أميري بحر في بحرية الولاياتالمتحدة، وتلقى "ماكين" تعليمه الثانوي في مدرسة داخلية تابعة للكنيسة الأسقفية الأمريكية، ثم واصل دراسته في أكاديمية البحرية الأمريكية في مدينة أنابوليس بولاية ميريلاند، ولم يحقق نجاحا كبيرا في دراساته الأكاديمية حيث كان ترتيبه ال894 من بين 899 طالباً. وبعد تخرجه من الأكاديمية العسكرية في 1958م، تعلم الطيران. وفي 1960 م ،عمل طيارا وكان مرابطا على متن حاملة طائرات أمريكية في البحر الكاريبي وفي الشرق الأوسط. في 1967م ، شارك فى القوات الجوية بحرب فيتنام، وواجه ماكين خلال سنوات خدمته العسكرية مخاطركثيرة، فقد تعرض للموت عدة مرات، منها الكارثة التى أسفرت عن مقتل 134 جنديا آخرنتيجة إطلاق صاروخ على طائرة "ماكين" أو الطائرة المجاورة له بطريق الخطأ، مما أدى إلى سلسلة من الانفجارات وحريق على متن حاملات الطائرات. وتمكن ماكين من الخروج من طائرته لكنه أصيب بجروح إثر أحد الانفجارات وعاد إلى الخدمة بعد شفائه. أسير حرب فييتنام في 26 أكتوبر/تشرين الأول 1967م أسقطت قوات فيتنام الشمالية طائرة ماكين أثناء غارة جوية على مدينة هانوي، فترك ماكين الطائرة وهو مكسور اليدين والقدمين ثم فقد وعيه وهبط في بحيرة. وبعد أن تمكن من نفخ حزام النجاة، انتشله فيتناميون من مياه البحيرة وأعتدوا عليه بالضرب، ثم قبضت عليه السلطات المحلية ونقلته إلى سجن "هوا لو" حيث تعرض للتعذيب..مما دفعه الى الانتحارعدة مرات، ولكن حراس السجن كانوا ينقذونه، واستمر أسيرا خلال تلك الحرب لمدة خمس سنوات ونصف، وحاز على بعض الاوسمة مثل النجمة الفضية وصليب الطيران المميز والقلب الأرجواني. أب لسبعة أبناء ماكين وزوجته اتسمت حياة ماكين الزوجية بعدم الاستقرار، فقد تعددت حالات زواجه وطلاقه، ففي عام 1964 م كان ماكين على علاقة مع عارضة أزياء من فلادليفيا تُسمى كارول شيب التقى بها في أنابوليس، لكنها تزوجت من أحد زملائه ثم طلقت منه لتتزوج "ماكين" في 3 يوليو/تموز عام 1965م وتبنى أبناءها الاثنين دوج وإندي ثم رزق ماكين وكارول بطفلة اسماها سيندي في سبتمبر 1966م لكنه بعد عودته من الأسر انفصل عن زوجته، وفي 1979 م، قابل سيندي لوي 54 عاما وهى سليلة أسرة عريقة ووريثة شركة كبرى وتحمل درجة الماجستير في تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة من جامعة جنوب كاليفورنيا ثم تزوجها في 17 مايو/ عام 1980م، وأصبح حاليا أب لسبعة أولاد منهم ثلاثة بالتبني. آراؤه السياسية يعد من أبرز المؤيدين للحرب على العراق ولا سيما استراتيجية بوش فى إرسال تعزيزات عسكرية إلى البلد وبعد فوزه بالانتخابات الأولية للحزب الجمهوري قام بزيارة مفاجئة للعراق. وخلال زيارته لإسرائيل في مارس/آذار 2008 أعلن عن تأييده الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل و دعمه الكامل لإسرائيل في مواجهة إيران وحماس التي أعلن رفضه التفاوض معها. ورغم الجدل الحاد حول موقف ماكين من التواجد العسكري الأمريكي في العراق واعتراضه على وضع جدول زمني لانسحاب القوات الأمريكية بما يتناقض مع الاتجاه العام السائد في أوساط الرأي العام الأمريكي، فقد أكد حوالي 49% ممن شملهم استطلاع للرأي في 24 أغسطس/ آب 2008 أجراهُ مركز هوت لاين لاستطلاعات الرأي علي أن ماكين قادر علي إدارة وضع القوات الأمريكية في العراق بكفاءة في مقابل 40% لأوباما. كما يحظى برنامج ماكين بتأييد شريحة تقدر بحوالي 60% - وفق ما أكده الاستطلاع - فيما يتعلق برؤيته حول الحرب علي الإرهاب وموافقة نحو 48% ممن شملهم استطلاع أجرته شبكة سي إن إن في 23 أغسطس/آب 2008 للنهج الصارم الذي تبناه لمحاربة الهجرة غير الشرعية. وفيما يتعلق بالسياسات التي تبناها ماكين لضمان أمن الطاقة الأمريكي التي تقوم على تشجيع التنقيب عن النفط في الولاياتالمتحدة ومنح شركات النفط تسهيلات مالية وإجرائية لتحقيق ذلك وعدم تخصيص موارد مالية لتطوير بدائل للنفط، فإن ماكين لم يستطع اجتذاب تأييد غالبية الأمريكيين لرؤيته، حيث لم يتجاوز التأييد الذي حازهُ برنامج ماكين في هذا المجال حوالي 42% ممن شملهم استطلاع مؤسسة أبحاث الرأي العام في 24 أغسطس/آب 2008 مقابل 48% لأوباما. وسبق لماكين أن فاز عام 2000م بالانتخابات التمهيدية في نيوهامشير قبل أن يخسر أمام جورج بوش خلال الانتخابات التمهيدية في كارولينا الجنوبية، وينسحب من السباق. واقترب حلم "جون ماكين" باعتلاء مقعد الرئاسة الأمريكية بعد فوزه ببطاقة ترشيح حزبه الجمهوري فى 4 سبتمبر/ايلول 2008رسميا في نهاية جلسات المؤتمر العام للحزب لخوض الاستحقاق الرئاسي المقرر في 4 نوفمبر/تشرين الثانى 2008 ، وفي حال فوزه بمنصب الرئاسة، سيناهز عمره في يناير 2009 ال72، وبذلك يُعتبر أكبر الرؤساء الأمريكيين سناً. فرص فوز ماكين وبعض التحليلات داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية تقلل من فرص فوز ماكين لتقدم سنّه وتفوق جاذبية باراك أوباما، إلا أن ماكين يستعين في أغلب الأحيان بوالدته التى تجاوزت التسعين في الكثير من خطاباته؛ ليدلل على أن تقدم العمر ليس مبرراً لانتقاده، في إشارة الى أن الحيوية والعمل والنشاط هما معيار التقييم وليس العمر. كما أن ماكين لا يحظى بتأييد الجناح الأكثر تشددا بين محافظي حزبه ، ولاسيما الإنجيليين ومراقبين محافظين نافذين لابتعاده عن خط الحزب، فقد تقاعس مثلا عن تأييد التعديل الدستوري الذي يحظر زواج الشواذ وهوما لا يستطيع بعض المحافظين الإنجيليين أن يغفروه له، فضلاً عن أن الكثير من الجمهوريين المحافظين يصفون ماكين بأنه ليبرالي وأن آراءه بشأن الهجرة وخفض الضرائب لا تُعبر عنهم، بالاضافة الى الانتقادات التى تعرض لها بسبب مفاجأة الشعب باختياره حاكمة ألاسكا ساره بالين نائبة له، والذى وُصف بأكثر الخيارات مجازفة فى تاريخ السياسة الأمريكية حيث تملك ساره آراء قوية مناهضة للاجهاض وزواج المثليين، كما أثارت غضب حماة البيئة بمعارضة إدراج الدب القطبي كنوع مهدد بالانقراض. بينما يرجح بعض الخبراء فوز "ماكين " الذى أظهر قدرا كبيرا من الولاء للرئيس بوش وسياساته، فضلا عن خبرته وحنكته سياسية خاصة أنه ينتمى لأسرة عسكرية معروفة بل إن وقوعه فى الأسر أيام حرب فيتنام جعله بطلا أمريكيا،علاوة على عن عدم وجود أى تحفظات بشأن لونه أو ديانته أو دعمه للمصالح الأمريكية العليا. أنصار ماكين كما أشارت كافة استطلاعات الرأي التي أجرتها الصحف ومؤسسات الرأي العام الأمريكية إلي أن جون ماكين قد أصبح شخصية عامه تحظي بقبول واسع النطاق علي الساحة الأمريكية من خلال ممارسة مهامهُ كسيناتور لولاية أريزونا بمجلس الشيوخ، حيث تحول ماكين من سياسي غير معروف على الصعيد العام، فلم يسمع عنه حوالي 54% ممن شملهم استطلاع الرأي الذي أجرته شبكة إن بي سي الإخبارية وصحيفة وال ستريت جورنال في أبريل/ نيسان 1999م إلي مرشح يحظي بقبول مبدئي من جانب حوالي 59% من الأمريكيين وفق الاستطلاع الذي أجراه مركز جالوب لاستطلاعات الرأي في 21 أغسطس/ آب 2008. وفي المقابل أشارت نتائج استطلاع الرأي الذي أجرته شبكة سي بي اس الإخبارية في 31 أغسطس/ آب 2008 إلي أن شريحة مؤيدي ماكين في الرأي العام الأمريكي قد وصلت إلي حوالي 35% من الأمريكيين، بالتوازي مع رفض حوالي 34% لماكين بما مثل تقلصاً طفيفاً في نسبة مؤيدي ماكين عما كشفت عنه نتائج استطلاع الرأي الذي أجري في 18 مارس/آذار 2008 التي وصلت إلي حوالي 38% وهو ما يمكن تفسيرهُ بتصاعد حدة الصراع الانتخابي واتجاه فئة المترددين في الرأي العام الأمريكي لبلورة مواقفهم تجاه المرشحين كلما اقترب موعد الانتخابات الرئاسية. فى حين تشير استطلاعات الرأى الأخيرة الى تراجع فرص ماكين فى الفوز حيث كشف استطلاع رأى لشبكة "سي ان ان" الأمريكية فى أكتوبر/ تشرين الأول 2008 ان المرشح الديموقراطي للانتخابات الرئاسية الامريكية باراك اوباما عزز تقدمه على خصمه الجمهوري جون ماكين ليصبح الفارق بينهما ثماني نقاط، ولايزال السباق مستمرا حتى الرابع من نوفمبر/تشرين الثانى 2008 لإعلان النتيجة الحاسمة؟