يبدو أن مسلسل " الفضائح الجنسية" لا يزال يطارد كبري المؤسسات المالية الدولية. فبعد مرور أقل من عامين علي الفضيحة التي أطاحت برئيس البنك الدولي بول وولفويتز، يخضع مدير صندوق النقد الدولي الفرنسي، دومينيك ستروس كان، لتحقيق بتهمة المحسوبية في إطار علاقة جنسية أقامها مع موظفة بالصندوق الذي يعد بيت مال العالم حيث يقدم القروض والخطط المالية للدول المحتاجة. وتأتي هذه الفضيحة التي كشفت صحيفة وول ستريت جورنال قبل أيام الخطوط العريضة لها، في توقيت غير مناسب بالمرة، حيث يحاول صندوق النقد الدولي التركيزعلي الدول الأكثر تضررا من الأزمة المالية..ويخضع ستروس كان 59 عاما لتحقيق يتعلق أساسا بعلاقة جنسية ربطته علي ما يبدو بالمسئولة السابقة في دائرة إفريقيا في صندوق النقد المجرية الأصل بيروسكا ناجي وهي متزوجة. فقد تقرب ستروس كان من بيروسكا في ديسمبر عام 2007 ثم ربطتهما علاقة حميمة منذ يناير عام 2008، إلا أن القضية تفجرت علي ما يبدو بعدما اكتشف زوجها رسائل إلكترونية تبادلاها. وبدأ التحقيق بمبادرة من عميد الصندوق شكور شعلان الذي يمثل مصر ودولا عربية أخري في مجلس إدارة الصندوق، عندما بلغته أصداء بعض المزاعم المتعلقة بالقضية خلال الصيف الجاري ، بحسب وليم موراي محامي بيروسكا الذي توقع الانتهاء من التحقيق قبل نهاية الشهر الجاري. وبالرغم من اعترافه بحدوث علاقة عاطفية بينه وبين بيروسكا وتقديم اعتذار للصندوق وإعلانه دعمه الكامل للتحقيق الذي يتعلق »بحادث طرأ علي حياتي الخاصة في يناير« فإن ستروس- كان نفي أن يكون قد استغل منصبه كمدير لصندوق النقد »في أي وقت من الأوقات«. ونظرا لتوقيت القضية وللدور المالي والمستقبلي لصندوق النقد في إدارة أزمة الأسواق المالية، فإن الأبعاد التي تترتب عليها تتجاوز نطاق شخص ستروس- كان الذي يعد من ألمع الشخصيات في الحزب الاشتراكي الفرنسي ومن ألمع الشخصيات الاقتصادية الأوروبية. ويشكل التوقيت محور تساؤلات أثارتها القضية في فرنسا، وعبٌّر عنها بوضوح سكرتير الدولة الفرنسي اريك بيسون، مستغربا سبب الاهتمام المفاجئ لصحيفة "وول ستريت جورنال" بالقضية، بينما حملة انتخابات الرئاسة الأمريكية في أوجها. وبصرف النظر عن نتائج التحقيق فإن الاعتقاد السائد في فرنسا هو أن علاقة ستروس كان ببيروسكا استغلت في شكل يحرج ساركوزي إن لم يكن يؤذي الجهود المضنية التي يبذلها لفرض أسلوبه علي صعيد التعامل مع الأزمة المالية. كما أن القضية مؤذية لصندوق النقد الدولي، وللدور البارز المطلوب منه في إعادة تنظيم أسواق المال. أما بالنسبة إلي ستروس كان، فقد تقلصت، علي ما يبدو، فرصه في لعب دور دولي بارز وإثبات المهارة المعروفة عنه في الشأن الاقتصادي، مثلما قد يتقلص تمايزه عن الشخصيات الاشتراكية المتصارعة علي قيادة الحزب وخوض المعركة الرئاسية المقبلة باسمه، بفعل توليه المؤسسة الدولية المرموقة.