اكتست المسلسلات والبرامج التلفزيونية التي بثت خلال شهر رضمان هذه السنة أبعادا سياسية ومالية أكثر من أي وقت مضى ولم تكن بمنأى عن الجدل خصوصا بسبب الفتاوى التي تعرضت لهذه المسلسلات والقنوات التي تبثها. وككل سنة عرضت القنوات الفضائية العربية خلال شهر رمضان عشرات المسلسلات الدرامية الاجتماعية إضافة الى مسلسلات كوميدية وبرامج دينية وهي تستقطب سنويا مزيدا من المشاهدين لاسيما بعض المسلسلات التي اصبحت حديث الساعة في كافة أنحاء العالم العربي. وتمضي العائلات العربية عموما وقتها في المساء خلال شهر رمضان مسمرة أمام شاشة التلفزيون الأمر الذي يجعل من شهر الصيام مناسبة غاية في الأهمية على المستوى الربحي للمؤسسات الإعلامية. الا أن المؤسسات الإعلامية لاسيما الفضائية منها تعرضت هذه السنة لهجمة عنيفة من قبل رئيس مجلس القضاء الأعلى في السعودية صالح اللحيدان الذي أفتى بجواز قتل أصحاب القنوات الفضائية "المفسدة". وقال الشيخ اللحيدان في مقابلة اذاعية في سياق حديثه عن أصحاب هذه الفضائيات إن "من يدعو الى الفتن اذا لم يمتنع يحل قتله لأن دعاة الفساد في الاعتقاد وفي العمل اذا لم يدفع شرهم بعقوبات دون القتل جاز قتلهم قضاء". واضطر الشيخ اللحيدان الى التخفيف من حدة فتواه في ما بعد مشددا أن قتل أصحاب القنوات الفضائية يتم "عبر القضاء" وذلك بعد جدل غير مسبوق في المملكة حول فتوى دينية صادرة عن رجل ديني في هذا المستوى. وقال المفكر الإسلامي العراقي المقيم في دبي الشيخ احمد الكبيسي لوكالة فرانس برس إن "هذه الفتوى لا أساس لها من الصحة وهي مرفوضة بل هي جريمة وكذب على الله ورسوله وطعن في الدين الإسلامي الذي هو دين التسامح". وأضاف الشيخ الكبيسي أن الشيخ اللحيدان "أصدر حكمه وهو يعلم أن هناك من يسمع كلامه وينفذ" في إشارة الى المتطرفين. من جهته فضل مازن حايك مدير التسويق في مجموعة "ام بي سي" التلفزيونية عدم التعليق على الفتوى. وقال حايك لوكالة فرانس برس ان "المشاهد هو الحكم وهو من يقرر" اي قناة واي برنامج يشاهد. وشدد حايك على الأهمية المالية لهذه المسلسلات بالنسبة للفضائيات ولاسيما بالنسبة لقناة "ام بي سي" التي تعد الأكبر في العالم العربي والتي يملكها السعودي الشيخ وليد الإبراهيم. وذكر حايك أن مجموعة "ام بي سي" التي تضم سبع قنوات بينها قناة العربية الإخبارية تهيمن على المشهد الإعلامي العربي مع استحوذاها على حوالى 40% من المشاهدين. وقال حايك إن قناة "ام بي سي 1" كانت "خلال الأيام العشرة الأولى من شهر رضمان القناة التي تحظى بأعلى نسبة مشاهدة في السعودية" علما ان السعودية هي اكبر سوق إعلاني في العالم العربي. وذكر ايضا ان مسلسل "باب الحارة" "كان من الاعلى مشاهدة في لبنان وفلسطين". واشار حايك الى ان فترة رمضان باتت تمتص قسما كبير من الاموال التي تنفقها القنوات على الانتاج التلفزيوني. وذكر في هذا السياق ان "البرامج الرمضانية تمثل 30% من مجموع الكلفة السنوية للانتاج والاستحواذ لقناة ام بي سي 1" . كما اشار الى انه من المفترض ان تؤمن البرامج الرمضانية ربع العائدات الاعلانية السنوية دون ان يفصح عن حجم هذه العائدات. وشدد حايك على ان مجموعة "ام بي سي" تسعى الى "ارضاء كافة الشرائح الاجتماعية عبر شبكة برامج منوعة جدا" وهي "تعي مسؤولياتها تجاه المجتمع وتحترم ذكاء المشاهد وعاداتنا وتقاليدنا وتعي ما يمكن عرضه وما لا يمكن عرضه". الى ذلك قال الشيخ الكبيسي ان "القنوات الفضائية في تنافس (..) واذا كانت بعض القنوات تعرض برامج راقية واخرى برامج هابطة فان الله وهب الانسان عقلا ليميز بين الخير والشر وبين الحسن والقبيح". واعتبر الكبيسي ان "الترفيه او الغناء او الموسيقى الراقية تربي على عكس مطربات الكباريه". وفي الامارات كان رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان امر بوقف عرض مسلسل "سعدون العواجي" على شاشة تلفزيون ابوظبي "استجابة لمناشدات تقدمت بها العديد من القبائل العربية التي يحاكي المسلسل حقبة من تاريخها". ويقدم المسلسل قصة الشيخ سعدون العواجي الذي ولد في شمال الجزيرة العربية في حوالي العام 1750 ميلادية. ونقلت صحيفة الإمارات اليوم عن هاشم القيسية مدير الإنتاج لهذا البرنامج قوله إن قبائل إماراتية وسعودية اعتبرت أن المسلسل يثير النعرات القبلية. (أ ف ب )