السرقات التي لا تتوقف لقضبان السكة الحديد أصبحت ظاهرة لافتة للنظر, فنتيجتها تظهر فور حدوثها من خلال الأعطال التي تصيب القطارات ويتضرر منها الركاب بشكل مباشر فتعلوا أصواتهم بالشكوي. لكن ماذا يفعل من يشاهد حالة سرقة للبلنجات( القضبان)؟ كيف يبلغ الجهات المسئولة؟ وكيف نتصدي لهذه الظاهرة التي اتسع نطاقها بعد زيادة أسعار الحديد بصورة مبالغ فيها؟ تقول إحدي السيدات داخل قطار الشرق: إنها اعتادت رؤية الصبية الذين يسرقون هذه الأجزاء من القضبان علي طول الخط من المنصورة إلي القاهرة, مما يتسبب في أعطال القطار لعام كامل, حيث ينتظر في قليوب قدوم القطار المقابل ولا يستطيع الحركة لعدم جود اتصال نتيجة سرقة الكابلات والخوف من اصطدام القطارين لعدم وجود تحويلة حيث يوجد قضيب واحد يعمل في محطة نوي والآخر معطل مما تتسبب لنا في عطلة غير عادية. وعلي أحد أرصفة محطة مصر تحدث غريب إبراهيم( موظف) مؤكدا أن السرقة لم تتوقف علي البلنجات فقط, ولكن امتدت إليالإطارات لمعدنية لنوافذ القطارات المصنوعة من الألومنيوم, حيث تتم سرقتها في عز الظهر أمام أعيننا جميعا ولا يستطيع أحد التدخل, فالكل يقول: وأنا مالي, لأن هؤلاء يحملون الأسلحة البيضاء ويهددون الركاب قبل السرقة بعدم الحركة حتي لا يمسهم سوء, ونجد الجميع, بمن فيهم الكمساري, لا يتحركون, فإذا كان عامل الهيئة لا يتحرك فهل سنتحرك نحن؟! صدمتني كلمات هذا الرجل, وانطلقت إلي أحد الكمسارية لأسأله عن هذه الوقائع فأكد أن القطارات تتم سرقتها أمام أعينهم ولا يتدخلون, وكذلك البلنجات المفككة في مخازن القطارات ولا يستطيعون الإبلاغ فور وقوعها لأنه قبل ذلك تحدث زميل لهم ولم يجد إلا المطواة تنفذ في جنبه وفر المجرم هاربا ولم يستطع أحد أن يمسك به, وأشاروا إلي أن شرطة السكة الحديد من المفترض أن تحمي رواد السكة الحديد وممتلكاتها والعاملين فيها, لكن رجالها لا يستطيعون, فماذا يفعل شرطي ضعيف بمفرده وأمامه أكثر من سارق؟ هل يغامر بحياته؟ وبالنسبة لنا ككمسارية فإننا غير مسئولين إلا عن الإيراد, وهذا ما نحاول حمايته وعدم الاحتكاك مع أي شخص, خاصة هؤلاء الفئة من اللصوص والسارقين حتي لا يتم تبديده أو سرقته وتتم محاسبتنا نحن حتي وإن كنا مظلومين, فالظاهرة بأكملها تستلزم التكثيف الأمني لأن هذا هو الحل الجذري الوحيد. وتشير شيرين خليل( طالبة جامعية) إلي أن حوادث السرقات من السكك الحديدية كثيرة ونراها جميعا باستمرار, لكن لا أحد يبالي بها, لكن حادثة سرقة قضبان قطارات نقل الفحم اهتم بها الجميع لأنها كادت تتسبب في خسائر بالملايين, لكن ما هو الوضع إذا انقلب قطار ركاب للسبب نفسه قبل اكتشاف جريمة السرقة؟ الثمن هو حياة البشر, هذا بالضبط ما يحدث لنا جميعا ونتعرض له يوميا, خاصة مع انتشار ظاهرة سرقة أغطية البالوعات أيضا التي تعرض حياة أطفالنا للخطر إذا سقط فيها أحدهم, وليس الصغار فقط, ولكن الكبار أيضا حياتهم مهددة. وتستطرد: إننا لا نطالب بوجود حراسة علي البالوعات في الشوارع, لكن يكفي وجود إنارة كافية, فالضوء يمنع حدوث كثير من السرقات خوفا من الرؤية. ويشير عادل أمين( مهندس) إلي اللامبالاة التي تنتاب الجميع نتيجة الخوف من رد فعل هؤلاء اللصوص, الذي قد يكون سببا في تفشي هذه الظاهرة, بالإضافة إلي ارتفاع أسعار الحديد بشكل خاص, والمعادن جميعها بشكل عام. ويضيف أنه لابد من وجود حل جذري للسرقات التي قد تبدو بسيطة لكنها قد تتسبب في كوارث إما بتركيب أجهزة إنذار لاسلكية, أو توفير أي عناصر أمان أخري, فهي قد تتكلف كثيرا في البداية لكنها ستوفر أكثر في الأرواح والأموال من خلال الحفاظ علي المال العام. وتعترض صفية زغلول( مدرسة) علي الأزمة المفتعلة من الجمهور, مؤكدة أنهم إذا تخلصوا من اللامبالاة وتكاتفت الجهود فلاشك أن هؤلاء اللصوص سيهابون الذين يتصدون لهم, كما يجب علي شرطة السكك الحديدية إقامة خطوط اتصال سريع للإبلاغ عن السرقات وضبطها فورا لإنقاذ الموقف حتي لا يتعرض الشرطي الوحيد للقتل.