يبدأ علماء فيزياء دوليون في معمل كبير تحت الأرض قرب جنيف الأربعاء إطلاق مشروع لإعادة تمثيل "الانفجار الكبير" لمحاولة شرح أصول الكون وكيف تطور لتنشأ به حياة. وستجرى التجربة باستخدام ماكينة عملاقة تسمى المعجل التصادمي الجسيمي في مركز بحوث المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية الواقع عبر الحدود الفرنسية السويسرية. ويخطط العلماء لإحداث تصادم بين الجسيمات ليعيدوا على نطاق صغير عدة مرات تمثيل الحدث الذي كان بداية الكون. وسيستخدم المعجل التصادمي الجسيمي قطعا مغناطيسية عملاقة موضوعة في كهوف بحجم الكاتدرائيات لإطلاق أشعة من جسيمات الطاقة في أنحاء نفق بطول 27 كيلومترا حيث ستتصادم سويا بسرعة تقترب من سرعة الضوء. وستسجل أجهزة كمبيوتر ما يحدث في كل مرة في هذه النسخ المصغرة من الشهب البدائية وسيتولى حوالي عشرة آلاف عالم في مختلف أنحاء الأرض تحليل الكم الهائل من المادة التي يجري تجميعها بحثا عن دلائل على ما حدث بعد ذلك. وسيسعى العلماء في معمل المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية التي أنشئت قبل 54 عاما قرب سفوح جبال جورا الفرنسية إلى دراسة مفاهيم محيرة مثل " المادة المعتمة" و" الطاقة المعتمة" والابعاد الاضافية وقبل كل ذلك جسيمات هيجز التي يعتقد انها جعلت كل ذلك ممكنا. وبذل علماء المنظمة الأوروبية جهدا كبيرا لنفي إشارات بعض المنتقدين إلى أن التجربة يمكن أن تخلق ثقوبا سوداء صغيرة ذات جاذبية قوية يمكن أن تبتلع الكوكب بكامله. الانفجار حدث قبل حوالي 15 مليار سنة ويقول علماء الكون إن الانفجار الكبير حدث قبل حوالي 15 مليار سنة حين انفجر جسم ساخن كثيف بدرجة لا يمكن تخيلها في حجم عملة صغيرة وسط ما كان حينئذ مادة جوفاء طاردة سرعان ما تمددت مما أدى إلى تشكل النجوم والكواكب وفي نهاية الأمر ظهور الحياة على الأرض. ويقول مسئولو المنظمة الأوروبية إنه لايوجد ضمان لتحقق النجاح على الفور أوحتى في الأيام الأولى. لكن العلماء سيحاولون بعد هذه الخطوة توجيه شعاع في الاتجاه الأخر. وفي وقت لاحق ربما قرب نهاية العام سيمضون قدما لأحداث تصادمات صغيرة تعيد توليد حرارة وطاقة الانفجار الكبير وهو مفهوم لاصل الكون يسيطر حاليا على التفكير العلمي. وستتابع اجهزة استشعار مليارات الجسيمات التي تنبعث من التصادمات وتسجل على الكمبيوتر الطريقة التي تتجمع بها او تتطاير متباعدة او تتحلل ببساطة. ويأمل العلماء ان يجدوا في هذه الظروف جسيمات هيجز التي تحمل اسم العالم الاسكتلندي بيتر هيجز الذي طرح فكرة هذه الجسيمات لاول مرة عام 1964 لتفسير سر كيفية اكتساب المادة للكتلة. وبدون الكتلة لم يكن ليتسنى للنجوم والكواكب في الكون على الاطلاق التشكل على مدى الازمنة بعد الانفجار الكبير ولم يكن من الممكن مطلقا ان تبدأ الحياة على الارض ولا في عوالم اخرى اذا كانت موجودة كما يعتقد كثير من علماء الكون. التجربة لاتخلوا من الانتقادات ونشرت مواقع على الإنترنت مزاعم عن أن المعجل التصادمي الجسيمي سيؤدي إلى حدوث ثقوب سوداء تبتلع الكوكب. وقالت المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية وعلماء بارزون أخرون إن هذه المزاعم "محض هراء." وقال إيمار " المعجل التصادمي الجسيمي آمن وأي أشارة إلى انه قد يمثل خطرا هي محض خيال. (رويترز)