السيرة الذاتية للفريق أول عبد المجيد صقر وزير الدفاع والإنتاج الحربي    بعد حلف اليمين.. ما تفاصيل لقاء وزير التموين الجديد مع علي المصيلحي؟    مجلس العقار: مطلوب تبني سياسات داعمة لتنشيط السوق وجذب الاستثمارات بشكل أكبر    فرنسا: تيار اليمين المتطرف بزعامة مارين لوبان يعاني في ظل اتحاد منافسيه ضده    قناة أمريكية: هجمات حماس ورد الاحتلال يخلق مأساة جديدة في خان يونس    هيئة الانتخابات التونسية: قبول الترشحات للانتخابات الرئاسية مبدئيا خلال يوليو وأغسطس    أبو الغيط يستقبل إيمي بوب مديرة المنظمة الدولية للهجرة    أردوغان: نسعى لتحقيق تبادل تجاري بقيمة 100 مليار دولار مع روسيا    لحظة بلحظة .. الزمالك 0 ×0 فاركو.. الدوري المصري    الروائي أحمد طوسون: الاهتمام بالطفولة يجب أن يصبح ضمن أولويات وزير الثقافة الجديد    محافظ القليوبية الجديد: سأبذل جهدي لتحقيق الأفضل للمواطنين    وزير العمل: العمال في أعيننا.. وسنعمل على تدريبهم وتثقيفهم    بمشاركة منتخب مصر.. قناة مفتوحة تعلن نقل قرعة تصفيات أمم أفريقيا 2025    يامال: أتمنى انتقال نيكو ويليامز إلى برشلونة    القبض على مسجل خطر بحوزته مخدرات وسلاح ناري في الأقصر    طقس الخميس.. شديد الحرارة رطب نهارا مائل للحرارة ليلا على أغلب الأنحاء    محمد جبران بعد تكليفه بحقيبة وزارة العمل: التركيز على تدريب العمالة الفنية    محامية المايسترو هاني فرحات ترد بالمستندات على طليقته: الطلاق تم بعلمها    تعرف على موعد عرض حلقة أسماء جلال في "معكم منى الشاذلي"    إسلام إبراهيم ينتهي من تصوير مسلسل 'روح جدو'    سوداني يسأل الإفتاء: أريد الزواج من فتاة ليس لها وليّ فما الحكم؟.. والمفتي يرد    السيرة الذاتية للدكتور محمد سامي التوني نائب محافظ الفيوم    خالد عبد الغفار يقر بمشروع التأمين الصحى الشامل على رأس تكليفات الرئيس السيسى    بدر عبدالعاطي: اتعهد بالاستمرار في مسيرة الدفاع عن مصالح مصر وأمنها القومي    «حياة كريمة»: مستعدون للتعاون الكامل مع الحكومة الجديدة لمواصلة التنمية والبناء وتحسين جودة حياة المواطنين    وزير الرياضة: تفعيل الجهات الشبابية في المجتمع المصري أولوية    ماذا نعرف عن الدكتور عمرو قنديل نائب وزير الصحة والسكان؟    الكنيسة الأرثوذكسية تهنئ الحكومة الجديدة: نصلي ليبارك الله عملهم    وزير الإسكان يؤكد على أولوية مشروعات الإسكان والتطوير في مصر    لويس دياز يحذر من الاسترخاء أمام بنما    الحركة الوطنية: بيان 3 يوليو نقطة تحول تاريخية لانتصار إرادة الشعب    للتدريب على استلهام ثقافة المكان في الفن.. قصور الثقافة تطلق ورش "مصر جميلة" للموهوبين بدمياط    حسام حسني يطرح أغنية «البنات الحلوة»    خبيرة فلك تبشر الأبراج النارية والهوائية وتحذر العذراء    وزير الأوقاف: سنعمل على تقديم خطاب ديني رشيد    تركت 3 أطفال.. قرار عاجل من النيابة بشأن المتهم بقتل زوجته في طنطا    ضبط 44 جروبًا على "واتس آب وتليجرام" لتسريب الامتحانات    المؤبد و10 سنوات لصاحب معرض السيارات وصديقه تاجري المخدرات بالشرقية    فريق طبي ب ملوي التخصصي ينقذ مريضا من الإصابة بشلل رباعي    نقيب الفلاحين: نأمل من وزير الزراعة الجديد تنفيذ توجيهات الرئيس السيسي    مصرع شخص في حادث تصادم بالدقهلية    تنسيق الثانوية 2024.. خفض أعداد المقبولين في 5 كليات بجامعة حلوان- تفاصيل    طريقة عمل كباب الحلة، أكلة سريعة التحضير وموفرة    النائب إيهاب وهبة يطالب الحكومة بالتوسع في إنشاء صناديق الاستثمار العقاري    رئيس جامعة حلوان يهنئ الدكتور أحمد هنو لتعيينه وزيرا للثقافة    بيني جانتس باشتباكات المستوطنين مع قوات الشرطة الإسرائيلية    حملات يومية بالوادي الجديد لضمان التزام أصحاب المحلات بمواعيد الغلق    موعد إعلان نتيجة الدبلومات الفنيه 2024 ورابط الحصول عليها    أمين الفتوى: ثواب جميع الأعمال الصالحة يصل إلى المُتوفى إلا هذا العمل (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 3-7-2024    عودة المساجد لسابق عهدها وتطوير هيئة الأوقاف.. ملفات على طاولة أسامة الأزهري وزير الأوقاف الجديد    البورصة تربح 8 مليارات جنيه بمنتصف تعاملات اليوم الأربعاء    اللواء علاء عبد المعطى محافظ كفر الشيخ الجديد.. تعرف عليه    ليس زيزو.. الزمالك يحسم ملف تجديد عقد نجم الفريق    تطورات الحالة الصحية ل حمادة هلال بعد تعرضه لأزمة صحية مفاجأة (خاص)    بث مباشر ..مباراة الزمالك وفاركو في الدوري    رجل قوي.. من هو اللواء طارق الشاذلي المرشح لمحافظة السويس؟    يورو 2024.. مواجهات ربع النهائي ومواعيد المباريات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مليونير سعودي يعيش في خرابة مع شقيقه المعوق
نشر في أخبار مصر يوم 28 - 08 - 2008

يكتنف بين أطلال أبنية قرية أثرية متهاوية على عروشها لا يطرقها إنسان، ولا يدب في جحورها وسراديبها المظلمة سوى الثعابين والقوارض، والهوام، بعد أن هجرها سكانها منذ عشرات السنين، حتى أصبحت أطلالاً تعكس قسوة الحياة التي كان يعيشها القدماء سر قديم لا يفهمه إلا شقيقان يسكنان أحد هذه المنازل الأثرية ويتقاسمان لقمة العيش ويستشعران الغبطة والسعادة والحزن والشقاء معاً تحت سقف متهالك، في غرفة صغيرة لا تستوعب أكثر من شخصين وكأنهما في قبر عدا أن ذلك القبر يأوي جسدين حيين، يعيشان على رائحة الأبوين اللذين فقداهما منذ زمن بعيد.
وقد قامت ال "الرياض" بزيارة خاصة لهما عبر طرق ومسالك وعرة تحفها المخاطر والأحراش من كل جانب وتعيق الأقدام شجيراتها الشائكة، لعدم وجود طريق واضح يصل إلى هذه القرية.
وبعد أن أوقفنا السيارة في سفح الجبل المطل على القرية بمسافة أربعة أكيال تقريباً لنستأنف الرحلة مشياً على الأقدام، فتارة نزحف، وتارة نتسلق الجدران، وأخرى نتوغل في دهاليز مظلمة، حتى شارفنا على القرية الموحشة التي يسكنها الأخوان عيضة بن مساعد الزهراني ( 49عاماً) والذي أمضى في خدمته التربوية ( 23عاماً) في مجال التعليم للصفوف الأولية بالمرحلة الابتدائية، حتى أحيل للتقاعد المبكر بناء على طلبه، وشقيقه صالح الذي يعاني من الإعاقة الذهنية.
وكان الهدف من الزيارة هو بحث ما يخفيه مثل ذلك الوضع الاجتماعي الذي يعد أمراً غريباً على المعوزين والفقراء الذين لا يجدون قوت يومهم، فكيف بمن يملكون الأموال ورصيدهم بالملايين فإن ذلك الأمر يعد خرقاً للمألوف!!
إضافة إلى بحث أسباب التشبث على البقاء في تلك الخرابة التي تحيطها المباني الحجرية المهدمة من كل الجوانب، ولنقل ما يحمله الشقيقان من هموم، وعرضها لأهل الخير في بلد الخير والإنسانية، ولذلك قمنا بزيارة هؤلاء لمحاولة استطلاع رأيهما والسر الذي يمنعهما من الزواج وبناء مسكن حديث واقتناء سيارة والعيش كما يعيش الأغنياء كونهما من ميسوري الحال!!
وفور وصولنا بالقرب من عتبة باب المنزل العتيق استقبلنا بالبشر وارتسمت ابتسامة عريضة على محيا الرجل المعوق صالح بن مساعد، ولشدة فرحته بقدومنا ليستأنس بنا عاد مهرولاً للمنزل وأحضر علبة عصير لنتقاسمها أنا ورفيقي، ثم أحضر طمرة بالية وممزقة وقام بفرشها في فناء المنزل الذي يرتج سقفه أثناء السير عليه ويكاد يهوي بناء إلى الدور السفلي، ثم مكثنا ننتظر المواطن عيضة حتى أتم صلاة العصر.
محاولة للتكيف
وبعد أن قوبلنا بالترحيب من الشقيقين بدأ الحوار الساخن حيث يقول عيضة ما تردد إلى أسماعكم صحيح فأنا املك المال الوفير ولله الحمد، ولكني لا أملك نفسي!! فأنا أشعر أنني ملكاً لشقيقي المعوق وأرى أنه جزء مني، وأنا جزء منه، وكأننا جسد واحد وروح واحدة، وقد حاولت التغيير، وقمت باستئجار شقة فاخرة مفروشة ومؤثثة بأفخم الأثاث في مدينة الباحة، ودفعت أجرتها كاملة مقدماً لمدة شهر كتجربة مبدئية لمحاولة التكيف، ولكننا لم نذق طعم النوم لمدة يومين حتى أصابنا الهوس ولم نتمكن من البقاء في الشقة خصوصاً أخي الذي لم يتمالك أعصابه حيث قام بتهشيم كل شيء في المنزل مطالباً بالعودة لهذا المنزل القديم، وكذلك شعوري أنا حيث أشعر بضيق شديد عندما أترك هذا المنزل علماً أنني أتمنى أن أعيش في مكة المكرمة أو المدينة المنورة ولكن دلني كيف أفعل ذلك، وكذلك أخي فهو أيضاً لا يريد الخروج من هنا، سوى أنه يهوى التجول ونذهب أنا وهو مشياً على الأقدام، ونجد من يتوقف ويقوم بإيصالنا للباحة بمسافة 35كيلو متراً ونعطيه أجرة نقلنا ولا نسمح لأحد أن يقوم بإيصالنا بدون مقابل، وبعد ان نتناول وجبة العشاء في أحد مطاعم الباحة نعود مجدداً للمنزل ونمشي على الأقدام بصفة يومية من الخط العام حتى المنزل.
تشبثه بالمنزل
ومن أسباب تشبثه بالبقاء في المنزل المتهالك القديم يقول: إنها تَقّرُ فيه أعيننا، وتهدأ فيه نفوسنا، وتزورنا فيه أجمل الأحلام، وتغمرنا فيه الفرحة والغبطة والسرور، ونشعر ببساطة الحياة، وأننا نستطيع قهر زينة الحياة الدنيا، وإذا سألتني عن سر ذلك فو الله لا أعلم!! وتستطيع أن تسمي ذلك زُهداً أو خرقاً للمألوف أو حالة نفسية ولك أن تسمي ذلك بما شئت عدا البخل!!
ولا أستطيع امتلاك سيارة، ليس لعدم وجود قيمتها بل أنني أستطيع ولله الحمد اقتناء عشر سيارات، ولكن الرغبة مقيدة لأسباب نفسية لا أعلم عنها!
الزواج
وبعد سؤالنا لضيفنا الأستاذ الزهراني حول عدم رغبته في الزواج، قال: أنا أعاني من مرض نفسي في هذه الناحية بالذات، وكذلك لي محاولات، بذلت فيها الكثير من المال لمحاولة الشفاء، ولم أتمكن لأنها إرادة الخالق سبحانه وتعالى، يا أخي لا أستطيع ولا أريد أن أسمع مثل تلك الأسئلة الثقيلة التي تضيق الصدر، فطالما وأن السعادة تغمرني في هذا المكان فلن أبالي بالمال، فأنا راضٍ بقضاء الله وقدره.
ضربة موجعة
وفيما يتعلق بإصابة شقيقه المريض صالح ( 45عاماً)، والذي قال إنه يعاني من إصابة مزمنة أفقدته النطق والبصر وتسببت في تخلفه الفكري يقول عيضة: إن الإصابة كانت بسبب تعرض أخيه للضرب المبرح من والده في سن التاسعة من عمره، ويقول: إن شقيقه كان ذكياً متفوقاً على أقرانه في الدراسة وقد درس حتى السنة الثالثة ابتدائي.
وهنا سكت ضيفنا عن الكلام، فبعد أن تنهد قليلاً قال: بل ان أخي هذا كان أكثر ذكاءً مني وكان فصيحاً لدرجة تفوق الوصف ولكن شقاء الأطفال وهو شيء طبيعي، فقد كان أخي صالح يعبث في المزرعة التي كانت هي مصدر الرزق الوحيد الذي نقتات منه حيث كنا نعيش على محصولها كوجبة غذاء رئيسية وكان والدي يعاني الفقر الشديد ولا يكاد يستطيع تأمين قوت اليوم الواحد، وكان رحمه الله شديد الغضب ولم يتمالك نفسه بعد أن زجر أخي وكان ينهاه كثيراً عن العبث وإيذاء المواشي التي تخص الجيران ولكن شقاء الطفولة لم يجعله ينتهي، فأراد أن يؤدبه، وضربه ضرباً موجعاً بعصا غليظة وجاءت إحدى الضربات غير المقصودة بمؤخرة الرأس فسقط أخي مغشياً وأفقدته تلك الضربة جارحة البصر وعدم القدرة على النطق، وتسببت في إعاقته الذهنية!! وبعد وفاة والدي الذي عانى كثيراً واشتد حزنه وأسفه على ما حل بأخي بعد أن يئس من شفائه وقد توفي والدي وهو يتألم ويردد اسم أخي ويلوم نفسه على ما حدث وكان يقبّله حتى فارق الحياة رحمه الله وذلك بعد سنوات من مرض أخي.
ميئوس منه
ويقول: بعد وفاة والدي قمنا بعمل رقية شرعية على أيدي متفقهين في الدين فعاد له البصر ولله الحمد، إلا أن بصره ضعيف ولا يرى الأشياء بدقة، ثم أنه يحاول النطق
وكما تراه فهو يبلبل بكلام غير مفهوم عدا كلمات قليلة مثل لفظ الجلالة "الله"، وقوله الذي يردده دائماً ويفهم بوضوح جملة (عند الله خير). ويضيف الزهراني أن فاعل خير ساعده في المراجعة بأخيه في مستشفى الملك فيصل التخصصي واتضح أنه ميئوس تماماً من شفائه وأن أجزاء من الدماغ تضررت ولونها يميل للأسود الداكن..
وفي النهاية يناشد المواطن عيضة الزهراني المسئولين للسماح له (باستقدام خادمة) تعينه على رعاية أخيه، بشرط أن تقبل العيش معه في نفس هذا المنزل. ويتمنى أن تتم رعاية شقيقه من قبل متخصصين في الشئون الاجتماعية.
وفي الواقع أن المواطن عيضة بحاجة للمساعدة لبحث أسباب عدم تمكنه من الخروج من المنزل الآيل للسقوط في أي لحظة فهو كما يقول حاول ولم يتمكن، ويحاول التحكم في أمواله ويشعر كما يقول إنه مقيد لأسباب نفسية!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.