فرض الأميركي مايكل فيلبس نفسه نجماً مطلقاً لدورة بكين الأولمبية، قبل أسبوع من اختتامها، بفضل سطوته المطلقة على سباقات السباحة التي خاضها، فجمع سبع ميداليات ذهبية. وهو مؤهل عن جدارة لحصد الثامنة اليوم (فجراً بتوقيت الشرق الأوسط وأوروبا) في اختتام مسابقات الحوض، مسطّراً إنجازاً تاريخياً، وكاسراً رقم مواطنه مارك سبيتز الذي أحرز سبع ذهبيات في دورة ميونيخ العام 1972... والبقية تأتي في دورة لندن 2012. المجد والثروة عاملان فاعلان في حياة فيلبس (23 عاما) الذي بات يعتبر «ثروة متحرّكة» نظراً لتدفّق الرعاية التي تريد التوظيف في استثمار مجد ومضمون، ألا وهو شهرة السباح المتفوق الذي لفت الأنظار منذ نحو ستة أعوام فنافس الهولندي بيتر فان دن هوغنباند، والروسي ألكسندر بوبوف، والأسترالي أيان ثورب على الزعامة، وصمد وحيداً في ساحة النجوم المميزين بعد اعتزال الآخرين. في الأيام الأخيرة، خرجت صحف أميركية وصينية بعناوين عن «فيلبس رجل البليون دولار»، مشيرة الى ثروة خيالية سيجنيها هذا الشاب، لم يسبق أن حصل عليها أي سبّاح في العالم. وكتبت صحيفة استرالية أن «بإمكان فيلبس التقاعد منذ الآن». وتُعدّ وكالات إعلانات وعلاقات عامة للاستفادة من اسم فيلبس وانتصاراته الأولمبية ليصبح شخصية رياضية معروفة تحظى بشعبية جارفة على غرار نجم الغولف تايغر وودز، ولاعب كرة القدم الإنكليزي ديفيد بيكهام، وأسطورة كرة السلة الأميركية مايكل جوردان. ويتوقع خبير التسويق ايلي بورتنوي أن يصبح فيلبس أول رياضي بليونير بحلول السنة 2010. ويلفت الى أن مداخيل البطل الأولمبي تقّدر حالياً بخمسة ملايين دولار سنوياً، ومرشحة لتتجاوز 30 مليوناً قريباً. وتزمع شركات الإعلان تظهير صورة فيلبس النموذج الفريد من نوعه وليس البطل الأولمبي الفذّ. وهي فلسفة تعتمد على «إبقاء صورة النجم حية في الذاكرة»، ولا يُنسى بالتالي مع أفول أخبار الألعاب الأولمبية بعد شهور قليلة من انتهائها وهذه الحملات توجّه عموماً لإثارة اهتمام الأولاد والمراهقين. الحملة على الطريقة الأميركية هي باختصار «فيلبسمانيا» أو ظاهرة البطل الأولمبي العصري الذي بزّ «تاريخيين عظاماً»، في مقدمهم مواطناه مارك سبيتز وكارل لويس والفنلندي بافو نورمي والسوفياتية لاريسا لاتينينا. احترف فيلبس السباحة في السادسة عشرة من العمر، وجمع أول مليون دولار في الثامنة عشرة. وينشط عبر موقعه الإلكتروني في حقل الأعمال الخيرية، من خلال شركات ترعى مالياً مسيرته، ومنها «سبيدو» و»أوميغا» و»كيلّوغز» وبطاقات الاعتماد «فيزا»، التي أصدرت بمناسبة تحقيقه ذهبيته العاشرة في دورتين أولمبيتين نسخة خاصة حملت اسمه، والتعاون بينهما قائم منذ العام 2002. ويبدو أن تسويق «الرهان الكبير» الذي ركّز على أهمية كسر فيلبس رقم سبيتز أي حصد 8 ذهبيات في دورة واحدة، كانت وراءه شركات إعلان واستشارات صعدّت التحدي وصوّبت نحوه منذ «أثينا 2004»، ثم في بطولة العالم خلال آذار (مارس) الماضي في ملبورن. هذا هو الوجه المالي التسويقي لشهرة فيلبس. لكن هناك وجه والدته ديبورا، التي واكبت انتصاراته في حوض «مكعّب المياه» في بكين، وكان يحييها بعد كل تتويج، ويقدّم لها باقة الزهر التي يتسلّمها مع تقلّده كل ذهبية يفوز بها. السيدة ديبورا لم تحضر إلى العاصمة الصينية لتتابع عن كثب تكديس نجلها الألقاب والأرقام والميداليات، بل تعتبر مواكبته ضرورية كما واكبته صغيراً و»حمته» من مضاعفات معاناته من «الحركة الزائدة» وانعكاساتها المؤدية إلى التوحّد. كانت ديبورا مستمعة جيدة لابنها تتفاعل معه وتحاوره بهدوء وإيجابية. فتخلّص تدريجاً من حاله «غير المطمئنة»، ما سهّل تأقلمه مع التدريبات القاسية وتنفيذ تعليمات المدرّب. ونجم عن هذا التعاون اقتناع فيلبس أكثر فأكثر بأهمية التركيز الذهني وجلسات التأمل التي يلجأ اليها قبل السباقات، فيتوحّد مع ذاته ومع المنافسة. عالم خاص تولد من رحمه ميداليات ذهبية وأرقام قياسية، وترعاه أم حنون رؤوف.