شهد ملتقى الرواية العربية الذي يعقد في دمشق جدالا حادا بعد مداخلة للروائى المغربى سعيد بنكراد الذي أكد أن الرواية النسائية " ليس فيها إلا الجسد والهروب من المواجهة" في جلسة كانت مخصصة "للغة الروائية وتحولاتها". وكانت الكاتبة والناقدة اللبنانية يسرا المقدم تطرقت في الجلسة نفسها إلى مصدر الفوارق في اللغة بين المذكر والمؤنث. ورأت أن "النحو المنحاز كرس هذه الفوارق لجهة "طغيان وغلبة" ذكوريين بينما تجنبت الكاتبة علوية صبح الخوض في هذا الموضوع وتحدثت عن لغتها الخاصة في كتاباتها الروائية وبحثها عن لغة تقدم أبطالها ولا تقصيهم". لكن الحديث عن الفوارق انفجر دفعة واحدة مع مداخلة بنكراد الذي قدم قراءة نقدية "حول الغالبية العظمى من الكتابات النسائية في الرواية".وقال إن "هذه الروايات ليس فيها إلا الجسد والإغراء" معتبرا أن "المرأة تضع رغبتها في الكلمات قبل جسدها نفسه ورواياتها لا ينقصها إلا أبطال ليلعبوا أدوارا دقيقة". وميز بنكراد بين الروايات "الذكورية" و"النسائية"، ورأى أن الروايات "الذكورية يكون فيها السرد عفويا ويستند إلى ذاكرة في كل اتجاه" بينما الغالبية العظمى من الروايات النسوية العربية "تعتمد على الوصف وتفتقد السرد". وقال بنكراد "إن الوصف هو للهروب من المواجهة" مغلبا السرد "الذكوري" عليه، ولم تنتظر ردود الفعل المستاءة أو المرتاحة حتى تنتهي مداخلة بنكراد بل إن ملامح المستمعين كادت تنطق بها. فخلال المداخلة لم تستطع الكاتبة يسرا المقدم إخفاء استيائها من كلام زميلها على الطاولة نفسها فكانت تهز رأسها غير راضية وتزفر باستياء واضح إزاء عبارة بنكراد و تهمس في أذن زميلتها علوية صبح التي لم تبد مرتاحة لما سمعته بدورها وهي تدون ملاحظات عليه. وفي اللحظة التي أنهى فيها بنكراد مداخلته قالت يسرا المقدم إنه "خطاب محمل بمعايير الماضي هذا أهم خطاب في الفحولة" أما الحضور فبدوا منقسمين بين مستائين يعلنون موقفهم صراحة أو مرتاحين للمداخلة عبر ابتسامات وضحكات لم يستطيعوا كبتها خلال مداخلة الكاتب المغربي. وردا على منتقديه الذين رأوا أنه يركز على جانب في الكتابة النسوية ويغفل آخر قال سعيد بنكراد "لم أطالب السلطات الأدبية بوضع اليد على هذا الأدب وإلغائه من التداول والناقد ليس قاضيا"، وأضاف "هناك مجموعة كبيرة من الروايات تكتب بالطريقة التي وصفتها وهذه ظاهرة ومن حقي كباحث التعرض لها ويمكن أن أكتب عن الجانب الآخر في ورقة أخرى". ورأى الكاتب والناقد المغربي أن "السجال الحاد" الذي أثارته مداخلته "أمر إيجابي"، وأضاف "مداخلتي هي التاسعة" في الملتقى الذي بدأ الأحد ويستمر حتى الأربعاء "والوحيدة التي دفعت الناس إلى التفكير". وأكد بنكراد أنه يقدم رؤية وبحثا يحتاج قراءة متأنية وقال "عندما تهرب إلى الوصف (سمة الروايات النسوية برأيه) أنت لا تبني عالما بل تستعيد معرفة متداولة" وهذا التوجه في الرواية النسوية "لا يمكن أن يقدم أي إنجاز يذكر للرواية العربية". ومع يسرا المقدم تختلف مع المنهج الذي اتبعه بنكراد في نقده لكنها لم تخالف الرؤية التي قدمها، وقالت "لدي كتاب مؤنث الرواية وأقول فيه إن الكتابة النسوية بلا هوية وخاضعة لتبعية (ذكورية) كاملة". وأضافت أن "99 % من الكتابات النسوية كتبت بلغة ذكورية وبفكر ذكوري وبعين ذكورية".وبعد أن أقرت أن ملاحظتها في ختام المداخلة كانت "مستعجلة" قالت المقدم إنه من الضروري "الرد بأناة" على مداخلة بنكراد.وقالت إن "ملاحظتي كانت اختراقا وهي ليست انفعالية بل تحفز لكتم هذا الصوت الذي يكرس شيئا (ذكوريا) هو مسئول عن خراب هذا العالم العربي". وأخذت يسرا المقدم على بنكراد أنه "اختار من الروايات ما يتناسب مع عنوان مداخلته" معتبرة أن "هذا غير عادل ونقد مغرض يكرس المفهوم الذكوري لأنه رأى نصف الواقع فقط ووصفه". أما الكاتبة علوية صالح فقد رأت أن مصطلح "الكتابة المسترجلة دقيق طبعا لأن المرأة قلدت الرجل كيف يكتب ونظرت إلى نفسها كما ينظر إليها الرجل والكتابة إنجاز ذكوري"وأشارت إلى نوع آخر من الكتابة "المسترجلة التي رأت أن وجود المرأة يتحقق إذا أقصت الرجل لتجلس مكانه"وأضافت الروائية اللبنانية أن "اختصار وجود المرأة في الجسد اختصار ذكوري وكررته النساء في الرواية معتقدات أنهن إذا كتبن عن الجنس فهذا يثبت وجودهن" كما أوضحت أنها في رواياتها "لست آتية كبديل (عن الرجل) بل لأشارك ولأعبر عن حالي وعن الرجل وكيف أراه". وتحدثت عن كاتب أخبرها أنه احتاج لسنة ليتعلم فيها "لغة المرأة" لأن بطلة روايته ستكون امرأة. وأضافت أن "لغة المرأة هي وجودها" معبرة عن أسفها لأن "المرأة حتى الآن غير معترف بوجودها إلا كملحق وأدوات وفعل غواية وليست حاضرة ككينونة وآخر". (ا ف ب )