كانت الاوضاع الفلسطينية بشكل خاص ومستقبل السلام في المنطقة بشكل عام من خلال عملية التفاوض الجارية حاليا بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي وتحقيق رؤية الرئيس الامريكي جورج بوش في قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، في نهاية العام الحالي نقاطا اساسية في حديث صحافي مطول وهام اجرته القدس مع السفير مارك اوتيه ممثل الاتحاد الاوروبي الخاص لعملية السلام في الشرق الاوسط. فقد اشار المبعوث الاوروبي الى ان عملية السلام في المنطقة صعبة ولكنها ليست غير واقعية والامر يعتمد على اربعة شروط يجب ان تتحقق من الجانبين ومن اهمها ايجاد حل للوضع في قطاع غزة، لأن القطاع جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقلة. واشاد اوتيه بالبرنامج الاصلاحي الذي وضعه رئيس الوزراء سلام فياض ووصفه بالطموح ويشكل مثالا جيدا للحكم في المنطقة بأسرها. وشدد على ضرورة وقف الاستيطان الاسرائيلي في القدس والضفة الغربية لما يشكله من عرقلة لعملية السلام وكذلك يجب توفير حرية الحركة للمواطنين الفلسطينيين وتدعيم اقتصادهم وازدهاره، مؤكدا قلقه من عدم ازالة اسرائيل لأي حاجز في الضفة منذ انطلاقة انابوليس. ولفت الى ان الاحداث الاخيرة في قطاع غزة اكدت الحاجة الى حل شامل حيث ان هذه الاحداث ابرزت مخاطر امنية جدية وقصيرة المدى على السلطة الفلسطينية واسرائيل ومصر بالاضافة الى تحديات استراتيجية اقليمية بعيدة المدى بسبب جهود »حماس« ومموليها لتقويض حل الدولتين. واعتبر اوتيه ان ما قامت به »حماس« في القطاع غير قانوني وانها تفضل انصارها على عامة المواطنين هناك. وفيما يلي نص المقابلة 1- ما مدى صحة التقرير الذي نشر مؤخرا في صحيفة »جيروزاليم بوست« الاسرائيلية حول المشاورات بين الولاياتالمتحدة وبعض الدول الاوروبية حول فكرة نشر قوات بقيادة حلف »الناتو« في الضفة الغربية؟ - ان فكرة نشر قوات في الاراضي الفلسطينية كجزء من الترتيبات الامنية في اطار الحل النهائي ليست بالفكرة الجديدة؟ لكنها ليست منظورا قصير المدى في السياق الحالي. لقد كلفت الادارة الاميركية الجنرال جونز القائد الاعلى السابق لقوات حلف الناتو والقوات الاميركية في اوروبا بكتابة تقرير حول النواحي الامنية في المنطقة في اطار اتفاقية الحل النهائي بين الفلسطينيين والاسرائيليين. وفي هذا السياق، ليس من المستغرب اجراء مشاورات غير رسمية حول دور محتمل لحلف »الناتو«، لكن وقت اتخاذ القرارات لم يحن بعد ويجب ان ننتظر حتى يكمل الجنرال جونز تقريره قبل ان نقوم بمزيد من الخطوات. 2- هل ترون دورا اوروبيا في ازمة معبر رفح وتحسين الاوضاع السيئة في قطاع غزة؟ اولا، وكما هو معلوم موقف الاتحاد الاوروبي هو ان جميع المعابر، وليس معبر رفح فقط، يجب ان يعاد فتحها بشكل طبيعي للاغراض التجارية والانسانية المشروعة، كما اننا مستمرون في تأييد اقتراح رئيس الوزراء سلام فياض لتسهيل اعادة فتح المعابر تحت مسؤولية السلطة الفلسطينية وقد اعلنا عن استعدادنا للمساهمة في حل الازمة الراهنة، بما في ذلك استئناف مهمة المراقبة التي نقوم بها في رفح بالاتفاق مع السلطة الفلسطينية واسرائيل ومصر. اننا نعتقد بأن الاحداث الاخيرة في قطاع غزة قد اكدت على الحاجة الى حل شامل، وببساطة فان العودة الى ما قبل الوضع الراهن لن تجدي نفعا. كما ان المسألة الانسانية ليست البعد الوحيد للمشكلة التي لم يتم ايجاد حل لها. بل انها عواقب السياسات التي يتوجب ان تتغير وبعض التصرفات التي يجب ان تتوقف. كما يبرز الوضع الحالي مخاطر امنية جدية وقصيرة المدى على اسرائيل والسلطة الفلسطينية ومصر بالاضافة الى تحديات استراتيجية اقليمية بعيدة المدى بسبب تماسك قدرات حركة حماس العسكرية وجدولها السياسي اضافة الى جهود مموليها لتقويض حل الدولتين. ان استمرار اطلاق الصواريخ ضد بلدات في جنوب اسرائيل هو امر غير مقبول، لقد فرضت حركة حماس حكما »غير قانوني ووحشي« في غزة كما انها تولي عناية اكبر بأنصارها مقارنة مع عامة السكان. كما ان اعادة فتح المعابر تعني ايضا ان الامن يجب ان تضمنه السلطة الفلسطينية او نشر قوات دولية هناك، ويجب ان تتوقف الحركات المسلحة عن استهداف المعابر. من الناحية الاخرى، فان الخطر الاقتصادي والعمليات العسكرية لاسرائيل لا يمكن ان تحقق اي نتائج ايجابية بل على العكس من ذلك. لقد ادت الى مزيد من تدهور الاوضاع الانسانية، يجب احترام القانون الدولي. لقد طالب الاتحاد الاوروبي اسرائيل بالوفاء بالتزاماتها وضمان استمرار تزويد قطاع غزة بالسلع والخدمات الاساسية، ويشمل ذلك الوقود والتيار الكهربائي. وبالرغم من كل ذلك، يستمر الاتحاد الاوروبي بالمساهمة ماليا لاستقرار الوضع في غزة. فتقريبا 40 بالمئة من ال 350 مليون يورو التي دفعت سنة 2007 وصلت الى قطاع غزة. وفوق كل ذلك، ساهم الاتحاد الاوروبي ب 223 مليون يورو للاونروا ووفر شحنات من الوقود والمساعدات الانسانية. لقد ساعد الاتحاد الاوروبي حكومة رئيس الوزراء فياض على الاستمرار في دفع رواتب الموظفين المدنيين في قطاع غزة. كما قامت الحكومات الاوروبية منفردة بتسهيل تصدير المنتوجات الزراعية. 3- هل هناك اي امكانية للحوار بين دول الاتحاد الاوروبي وحركة حماس؟ - الموقف الاوروبي بخصوص حركة حماس لم يتغير. حماس تعلم ما يتوجب عليها ان تفعله لكي يتغير هذا الموقف. 4- النشاط الاستيطاني الاسرائيلي ازداد كثافة خاصة في القدس. ما هي احتمالات حدوث انفراج في عملية السلام مع وجود هذه المعوقات الاسرائيلية؟ - لقد كان واضحا منذ البداية بأن المفاوضات في اطار عملية انابوليس لن تكون لعبة سهلة وستكون هناك الكثير من المعوقات في الطريق للتوصل الى اتفاقية سلام. واستمرار الاستيطان هو احد الامثلة على ذلك. واطلاق الصواريخ مثال اخر. اني ارحب بحقيقة ان الطرفين قد وافقا على الاستمرار بالتفاوض على الرغم من هذه العثرات. ان ذلك تأكيد للالتزام وشجاعة سياسية، ويمكن قول الشيء نفسه حول تصميم ادارة رئيس الوزراء فياض على تطبيق برنامجه الحكومي على الرغم من التعاون القليل من اسرائيل، على سبيل المثال حينما يتعلق الامر بحرية التنقل والحركة. بخصوص المستوطنات، فان موقف الاتحاد الاوروبي واضح وراسخ. وقد كرر الاتحاد الاوروبي موقفه بالقول: »الاتحاد الاوروبي يعتبر البناء الاستيطاني في اي مكان من الاراضي الفلسطينية المحتلة امرا غير قانوني حسب القانون الدولي. وهذا يشمل الاستيطان الاسرائيلي في كل من القدسالشرقية والضفة الغربية. ان البناء الاستيطاني عقبة في طريق السلام. ومن بين ما يتوجب على اسرائيل الالتزام به بموجب خريطة الطريق تجميد جميع اعمال البناء وتفكيك المواقع الاستيطانية. 5- ومع وجود العمليات العسكرية الاسرائيلية في غزة والضفة الغربية، كيف يمكن متابعة عملية السلام؟ - ان لها تأثيرا سلبيا على الحالة النفسية للفلسطينيين، هذا امر لا شك فيه، لكن الامن مسألة حساسة جدا، ربما يكون احد المسائل الرئيسية التي ستكون حاسمة بالنسبة لنجاح العملية السلمية، اننا نثني على الجهود الهائلة التي تقوم بها حكومة فياض لاعادة فرض القانون والنظام في الاراضي الفلسطينية. قبل فترة وجيزة اتيحت لي فرصة للسير مع دورية الشرطة الفلسطينية في البلدة القديمة لمدينة نابلس . لقد كان واضحا التقدم الذي تم احرازه في مجالي القانون والنظام، وارغب على وجه التخصيص التأكيد على ان رئيس الوزراء فياض قد قال مؤخرا في خطاب في واشنطن: الامن في المدن الفلسطينية هو اول واهم المصالح الفلسطينية الانتعاش الاقتصادي يمكن فقط ان يحدث في بيئة يسودها الامن وحكم القانون والدولة الفلسطينية لا يمكن تأسيسها اذا كانت المؤسسات الفلسطينية غير قادرة على الحفاظ على الامن وحكم القانون، لهذا السبب فان الاتحاد الاوروبي يركز على اهمية البعثات الشرطية من الاتحاد الاوروبي لتمويل وتدريب الشرطة المدنية الفلسطينية وتزويدها بالمعدات. س6 : و ماذا عن القيود الاسرائيلية على حركة المواطنين والبضائع في الضفة الغربية وبين الضفة الغربية وقطاع غزة كيف يمكن الحديث عن »بناء الدولة« تحت هذه الظروف؟ وهل يضغط الاتحاد الاوروبي على اسرائيل لوضع حد لهذه الانتهاكات؟ - حرية الحركة والعبور بالغتا الاهمية وجميع جهود المجتمع الدولي والاتحاد الاوروبي بالذات لاعادة الحياة للاقتصاد الفلسطيني لن تكون مثمرة اذا لم ترفع المعوقات المفروضة على المواطنين وعلى البضائع ، اننا قلقون من حقيقة عدم ازالة اي حاجز تفتيش او متاريس على الطرق منذ انطلاقة عملية »انابوليس« وكدول مانحة تقدم مبالغ ضخمة من المال للمؤسسات الفلسطينية يجب ان نتأكد من ان اموالنا تنفق في طريق مثمر وبناء، نحن لدينا فهم واسع للمصالح الامنية المشروعة لاسرائيل ونعلم ان الثقة المتبادلة تحتاج الى شوط طويل للتوصل اليها، لكن يجب ان نطرح اسئلة صعبة حول الجدوى الامنية لجميع هذه المعوقات، كما يتوجب علينا ان نصر على مطالبة الفلسطينيين للقيام بجهود لاستعادة قدراتهم الامنية والارادة السياسية لاستخدامها في تطبيق وفرض القانون والنظام، كما ان الازدهار الاقتصادي هو افضل استثمار امني يمكن لاسرائيل والفلسطينيين ان يحققوه ويجب ان يفعلوا ذلك بروح تعاونية وعلى المدى البعيد يعتبر الازدهار الاقتصادي واقيا ضد التطرف افضل بكثير من حواجز التفتيش والمتاريس علىالطرق. س 7: ما هي شروط المساعدات الاوروبية للسلطة الفلسطينية وهل انتم راضون عن الطريقة التي تنفق بها حكومة فياض الاموال التي تقدمها اوروبا؟ -لقد نجم عن مؤتمر انابوليس للدول المانحة تعهدات قيمتها 7،7 مليار دولار ومساهمة الاتحاد الاوروبي تغطي جزءا كبيرا من هذه التعهدات اننا نعتبر ذلك كدلالة على الثقة والدعم لحكومة فياض وبرنامجه الاصلاحي والطموح ويعتبر هذا البرنامج مثالا جيدا للحكم في المنطقة باسرها، ان لدينا التزاما كبيرا للمساعدة في انجاحه وفي هذا المجال سنركز على بناء المؤسسات وتطوير الموارد البشرية كما ان برامجنا قد وضعت ايضا لتحفيز حركة النمو الاقتصادي الجديد ولمساعدة القطاع الخاص لتوفير قروض مقدور عليها بهدف توفير فرص عمل جديدة بكميات ونوعيات كافية كما سنقدم مساهمة كبيرة لتقوية اجهزة الامن والشرطة الفلسطينية لمساعدتها على الحفاظ على القانون والنظام. كل هذه تعتبر تحديات كبيرة لحكومة رئيس الوزراء فياض. استطيع ان اؤكد لك ان الاتحاد الاوروبي سيبقى شريكا يعتمد عليه في هذا المسعى. س 8 - لقد عبر الرئيس بوش والرئيس ساركوزي عن ايمانهما بأنه ومع نهاية هذه السنة سنرى عملية سلام في ا لشرق الاوسط، هل تعتقد بأن ذلك امر واقعي؟ - سيكون الامر صعبا لكنه ليس غير واقعي يجب علينا ان نأخذ بعين الاعتبار ثمن الفشل. وان ذلك يعتمد على بعض الشروط. اولها: هو الارادة السياسية وشجاعة القادة في الجانبين اعتقد ان هذا الامر موجود. الشرط الثاني: هو التشجيع والمساعدة النشطة من الولاياتالمتحدة واللجنة الرباعية والمجتمع الدولي والدول العربية على وجه الخصوص ويجب العمل على ذلك يوميا. الشرط الثالث: هو احداث تغيير حقيقي على ارض الواقع لكي يبدأ الناس من الجانبين بالايمان ان هذا التطلع والطموح للسلام قد ا صبح واقعا، وليس مجرد تدريب على بلهوانيات سياسية. والتقدم في هذا المجال لا تزال كما اخشى بطيئا جدا وغير كاف. الشرط الرابع: هو وجوب ايجاد حل للوضع في قطاع غزة يحترم احتياجات واختيار سكان غزة انفسهم. وقطاع غزة هو جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقلة. س 9 - انت تشغل منصب المبعوث الاوروبي للعملية السلام في الشرق الاوسط منذ سنة 2003، ومنذ ذلك الحين هل تحركت عملية السلام الى الامام .. او ربما الى الخلف؟ - قبل سنوات عديدة من سابقي واخشى ربما لسنوات طويلة بعد ذهابي، شهدت وستشهد المنطقة لحظات من الامل واوقات من الاحباط الشديد. اعتقد ان البيئة الاستراتيجية والاقتصادية والاجتماعية للمنطقة قد تغيرت بشكل كبير خلال السنوات القليلة الاخيرة. هذه التغيرات جلبت معها الكثير من اسباب القلق حول المستقبل بسبب القوى السلبية وقوى التطرف التي يبدو انها بدأت تحقق مكاسب لكن هذه السنين تحمل معها فرصا لاحداث تغييرات خاصة فيما يتعلق بحل النزاع العربي - الاسرائيلي. انني لدي الكثير من الاسباب لان اكون متفائلا بالنشاط الذي يبديه الجيل الصغير السن في كثير من الدول ورغبته بالانخراط في تطوير المنطقة. ان واجبنا هو تغذية ورعاية احلام اطفال الشرق الاوسط وخلق الظروف لها لتصبح واقعا.