يتوقع محللون استمرار ارتفاع أسعار النفط والسلع الأولية، حيث تجد مزيدا من الوقود الذي يشعل أسعارها من استمرار متاعب الكيانات التي ترعاها الحكومة الأمريكية مثل عملاقي التمويل العقاري فاني ماي وفريدي ماك في منع مجلس الاحتياطي الاتحادي (المركزي الأمريكي) من رفع أسعار الفائدة. وكان المستثمرون تكالبوا علي شراء النفط الخام والذهب وغيرهما من المواد الخام للتحوط من تراجع الدولار بعد أن تسببت سلسلة من تخفيضات أسعار الفائدة التي أجراها مجلس الاحتياطي في ارتفاع الأسعار في محطات الوقود ومتاجر التجزئة. وحتى أواخر الشهر يونيو/ حزيران 2008، كان بعض المستثمرين يراهنون علي أن مجلس الاحتياطي سيغير مساره ويرفع أسعار الفائدة قريبا لترويض التضخم وإبعاد بعض أموال الاستثمار الساخنة في السلع الأولية. لكن مع تعرض فاني وفريدي اكبر شركتين للتمويل العقاري في الولاياتالمتحدة لمشكلات تمويل متزايدة يقول خبراء إن مجلس الاحتياطي الاتحادي قد لا يمكنه التصرف في الأجل القصير. وقال جون كيمب محلل السلع الأولية في مؤسسة ار.بي.اس سيمبرا بلندن، إن القلق المتزايد على صحة فاني وفريدي يضمنان أن الاحتياطي الاتحادي سيبقى علي فائدته خلال الأشهر القليلة القادمة مهما يحدث للتضخم. وأضاف، أن ضعف الدولار واستمرار عهد النقود الرخيصة يعطي أيضا ضوء أخضر لأسعار السلع الأولية للعودة الى المستويات المرتفعة التي شهدتها في الآونة الأخيرة . وفي سياق متصل، يرى مات مكورميك المحلل في مؤسسة بال اند جينور انفستمنت كاونسل في سينسيناتي بولاية اوهايو، أنه بجانب عثرات فاني وفريدي فإن التوترات السياسية ضاعفت الخوف الذي يسيطر علي هذه السوق. وحول الآمال بتهدئة قريبة تلوح في الأفق لسوق السلع الأولية، أكد الاقتصادي الأمريكي أن موسم جني الأرباح يجعل الاقتصاد العالمي يمر بفترة عسيرة وهو ما تتلاشى معه أي امال في انفراجه قريبة، ويدفع المستثمرون أيضا للبحث عن الملاذ الآمن ذات الجودة العالية والذهب -كما هو واضح- من أفضلها. وكان الطلب القوى من الأسواق الصاعدة قد وضع السلع الأولية على طريق انتعاشة قوية مضى عليها 6 أعوام وشهدت خلالها أسعار الوقود والغذاء قفزات الى مستويات مرتفعة جديدة الأمر الذي تسبب في ضغوط على اقتصاديات الدول المستهلكة التي تضررت بالفعل من جراء أزمة الائتمان العالمية. وقال محللون إن الالم على المستهلك قد يتضخم اذا وجد مجلس الاحتياطي الاتحادي نفسه عاجزا عن التحرك لمعالجة التضخم بسبب مشكلات الكيانات التي تضمنها الحكومة مثل فاني وفريدي، فيما يتوقع بعض المحللين أن النفط قد يقفز الى 200 دولار للبرميل وان الذهب قد يعود لتخطي حاجز الف دولار للأوقية الذي شهده في وقت سابق من 2008. وقال دانييل هاينز محلل السلع الأولية في ميريل لينش، إن هذه البيئة من أسعار الفائدة المنخفضة في الولاياتالمتحدة تذكي فيضانا من السيولة في الأسواق الصاعدة يساعد أيضا على إضعاف الدولار الأمريكي ويزيد من القوة الشرائية للمستهلكين في مناطق مثل الصين. وأضاف، أنه سيكون صعبا على مجلس الاحتياطي الاتحادي أن يرفع أسعار الفائدة، حيث إن قدرته علي التحرك لمعالجة هذه المسائل أصبحت مقيدة بشدة اذا ما قورنت بما كانت عليه في منتصف 2007. وقد قفز النفط الى مستوى مرتفع قياسي جديد فوق 147 دولارا للبرميل الجمعة مواصلة انتعاشة ارتفعت فيها الأسعار 50% خلال 2008 بفضل التدفقات المتزايدة من مشتريات المستثمرين والطلب المتنامي من الاقتصاديات الصاعدة مثل الصين والتوترات المتفاقمة بين إيران والغرب. وطال النشاط الذهب الذي قفز الى أعلى مستوى له في 4 أشهر متخطيا 960 دولارا للأوقية بعد أن تضررت الأسهم الأمريكية والدولار من متاعب فاني وفريدي اللتين تملكان أو تضمنان ما قيمته 5 تريليونات من الديون. (رويترز)