الاهرام 10/6/2008 علي الرغم من الترحيب الحذر الذي قوبل به فوز باراك أوباما في الانتخابات التمهيدية علي منافسته العنيدة هيلاري كلينتون, فإن شراسة المعركة وتقارب الأصوات التي نالها كل منهما لاتنبئ بمعركة سهلة في السباق الأخير إلي البيت الأبيض في نوفمبر القادم بين أوباما والمرشح الجمهوري جون ماكين. خصوصا إذا أخذنا في الاعتبار أن الاقتراع في انتخابات نوفمبر ليس بالتصويت الفردي المباشر ولكن عن طريق المجمع الانتخابي الذي ينفرد به النظام السياسي في أمريكا. وإلي أن يحل موعد هذه الانتخابات فسوف تكون مياه كثيرة قد عبرت النهر, وطرأت عوامل جديدة قد تغير كثيرا من المعادلات.. سواء فيما يتعلق بالحالة الاقتصادية الأمريكية أو بالأوضاع في العراق والموقف من إيران!! لقد أثارت معركة أوباما وهيلاري التي استمرت أكثر من عام اهتمام العالم كله.. وبالأخص في منطقتنا العربية التي تسمع عن الانتخابات ولاتعرف عنها شيئا. فضلا عما انطوت عليه من مفارقات كشفت عن الصراع بين القديم والجديد في المجتمع الأمريكي : بين عنصرية ضد السود مازالت كامنة, يعكسها ما حدث مع أول مرشح أسود من أصول افريقية مسلمة وبين عملية الانصهار التي تفعل فعلها في دمج العناصر الوافدة, لتشكل تيارا قويا ضد النزعات اليمينية المحافظة التي جاءت قبل ثماني سنوات بتحالف اليمين الديني والمحافظين الجدد الذي ساند بوش. غير أن شعار التغيير الذي جعله أوباما رمزا لحملته واجتذب الكثيرين ممن ضاقوا بحماقة السياسات التي انتهجها بوش لم يمنعه من استخدام نفس الأساليب التي يستخدمها الساسة الأمريكيون في ممالأة جماعات الضغط, وعلي رأسها اللوبي الصهيوني ايباك فهرول أوباما كما فعل الآخرون, لكي يتعهد أمام أقوي لوبي أمريكي وأكثرها تنظيما ونفوذا بأنه لن يتخلي عن أمن اسرائيل, وأن تبقي القدس عاصمتها الموحدة. وغسل أوباما يديه من أي انتماءات أو تكهنات تضعه قريبا من أصوله الافريقية الاسلامية, أو من احتمال التفاوض مع حماس أو ايران.. وكلها أنغام تشجي آذان اللوبي الصهيوني. وقد كان من السذاجة في كل الأحوال أن يعلق العرب آمالا علي ادارة جديدة يرأسها أوباما. فالعرب برغم كل أرصدتهم وبترولهم وبرغم كثافة المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط لايملكون أدوات للتأثير في السياسة الأمريكية, بل ولا يستطيعون الادعاء كما تدعي إسرائيل بأن لديهم ديمقراطية وقيما حضارية تدعو للاحترام. وفي النهاية فهم لا يبذلون أدني جهد في الاشتباك مع المرشحين الأمريكيين علي الرغم من وجود عناصر عربية نشطة في صفوف الحزبين. وغاية ما يفعلونه هو التمويل السري لحملة هذا المرشح أو ذاك.. وهي طريقة خائبة ولا عائد سياسيا منها!