وجد عدد من الفنانين العراقيين التشكيليين في شبكة الإنترنت فرصة للتغلب على أزمة تسويق أعمالهم في معارض خارجية ومهرجانات فنية بعد انحسار قاعات العرض وغيابها في بغداد نتيجة الأوضاع الأمنية السائدة. ويقول الفنان والناقد التشكيلي صلاح عباس أن "تسويق الأعمال هو أحد أبرز الدوافع لأنه يعكس القيمة التقنية والمالية التي يهتم بها الفنانون بيد أن الأمر تحول إلى أزمة خطرة تواجه الفنان العراقي في ظل غياب قاعات العرض والتسويق". ويضيف عباس "من الطبيعي أن يشكل غياب قاعات العرض وانحسارها إحباطا لدى الفنان مما يحتم عليه التفكير جديا في قنوات أخرى لتسويق أعماله". ويرى أن "ظاهرة التسويق عبر الإنترنت واحدة من هذه القنوات ويبدو أنها حيوية رغم قلة المردود" موضحا أن "قاعات العرض الخارجية يتقاضى أصحابها نسبة كبيرة قد تصل إلى أربعين % من قيمة العمل أو اللوحة". وكان هناك ما يقارب من أربعين قاعة في بغداد للأعمال التشكيلية تعرض إنتاج فنانين من مختلف الأجيال. وقد اكتسبت هذه القاعات وخصوصا قبل تسعينيات القرن الماضي شهرة واسعة نظرا لكثرة الزبائن. وبين تلك القاعات "دجلة" و "إناء" و"آكد" و"مدارات" و"حوار" و"فضاء وفن" وغيرها وقد أقفلت أبوابها لأسباب عدة منها الحظر الدولي الذي فرض على العراق منذ العام 1990 والأوضاع الأمنية التي شهدتها البلاد منذ عام 2003. ولم يتبق من هذه القاعات سوى أربع تستضيف خلال فترات متباعدة أنشطة تعرض أعمالا فنية تشكيلية لكنها لا تحظى بفرص تسويق. ويوضح عباس "بالإمكان اعتبار أزمة تسويق الأعمال الفنية أخطر مواجهة يخوضها الفنانون الذين يعتمدون في تسيير أمورهم الحياتية على إنتاجهم بعد أن كانت قاعات العرض قبلة للمهتمين بالفن التشكيلي (...) كانوا يتهافتون على الأعمال العراقية". من جهته يرى الفنان التشكيلي حيدر الموسوي أن "الفكرة ناجحة ولا بد منها للتخلص من قضية تسويق اللوحة رغم تعقيدات هذه الظاهرة الحديثة التي تعتمد في الدرجة الأولى على العلاقات الشخصية مع الخارج". ويضيف الموسوي مدير قاعة "آكد" أنه تمكن خلال العامين الماضيين من "تسويق عدد من أعمالي في البحرين والإمارات والدنمارك". ويتابع "رغم ان المردود المالي لم يرتق إلى مستوى الطموح لكن العملية مهمة للفنان لكي يستمر فأصحاب القاعات في الخارج يستقطعون نسبة عالية من قيمة العمل". وتم افتتاح قاعة "آكد" مطلع 2001 واستضافت معارض عدة قبل 2003 واستمرت حتى عام 2004 عندما بدأت الأوضاع الأمنية تتعقد. لكنها بقيت ناشطة بشكل محدود وأقامت أكثر من معرض وذلك "ضمن الحفاظ على مناخات التشكيل العراقي وعدم استسلامه للظروف السائدة". بدوره يقول الفنان التشكيلي سلام عمر صاحب قاعة "فضاء وفن" أن اقتناء اللوحات "أمر يهتم به الإنسان المستقر الذي يريد أن يضيف لمسات جمالية على منزله لكن الأمر اختلف لدى العراقيين خلال الأعوام الماضية لينصرفوا عن قاعات العرض حتى تنحسر تدريجيا قبل أن تختفي بغالبيتها". ويضيف "لا بد أن يبحث الفنان عن قناة يواصل من خلالها عمله وأعتقد أن الاستعانة بالإنترنت لإرسال الأعمال خارج البلاد باتت عملية ناجحة اقتصاديا لأن التوقف عن العمل وبيع اللوحات يعني عدم قدرة الفنان على مجاراة الشئون الحياتية والفنية". ويتابع عمر "استعد الآن لإرسال عدة لوحات إلى معرض سيقام العام الجاري في العاصمة باريس إلا أن المسئولين يتقاضون نسبة تصل إلى نصف قيمة اللوحة". ويؤكد سلام عمر "لكن هذا المعرض يهتم بأعمال فنية مرموقة وهذا ما شجعني على العمل معهم". (رويترز)