أعلن ''جون ماكين'' المرشح ''الجمهوري'' في الانتخابات الأميركية، أنه بحلول عام 2013 سيكون الجنود الأميركيون قد غادروا العراق، وبأن البلد سيصبح ''ديمقراطياً'' مع استمرار بعض أعمال العنف المتفرقة، وهي التصريحات التي افترقت عن مواقفه السابقة ورفضه القديم لتحديد موعد لانسحاب القوات الأميركية من العراق. ففي خطاب ألقاه وسط ولاية ''أوهايو''، وهي ساحة انتخابية مهمة بالنسبة له، كشف ''ماكين'' عن رؤية شاملة واستشرافية حول ما سيكون عليه العالم في عام ،2013 عندما سيكون قد قضى أربع سنوات في البيت الأبيض. والحقيقة أن الملاحظات المستقبلية التي أبداها ''ماكين''، دون أن يوضح كيف سيحقق رؤيته تلك، جاءت كمحاولة منه للدفاع عن نفسه وتبرير مواقفه حول العراق قبل أن يهاجمه ''الديمقراطيون'' في حملاتهم المقبلة. وأوضح ''ماكين'' رؤيته للعالم في خطابه قائلاً:''بحلول يناير 2013 ستكون أميركا قد استقبلت معظم رجالها ونسائها الذين ضحوا بالغالي والنفيس كي تنعم الولاياتالمتحدة بالأمن''، مضيفاً ''أن الحرب في العراق ستكون قد حُسمت، وسيتحول العراق إلى بلد ديمقراطي، رغم أنه سيعاني من آثار مستمرة نتيجة عقود من الاستبداد وقرون من التوتر الطائفي. وسيتواصل العنف لكنه سيبقى متفرقاً وستتراجع وتيرته''. وفيما يتعلق بحجم التواجد الأميركي في العراق أكد ''ماكين'' بأن الولاياتالمتحدة ''ستحافظ على تواجد عسكري هناك، لكنه سيكون صغيراً ولن تلعب أميركا دوراً في العمليات القتالية''. ومع أن ''ماكين'' سبق أن انتقد ''ميت رومني'' منافسه ''الجمهوري'' في الانتخابات التمهيدية، لأنه تحدث عن تحديد جدول زمني للانسحاب من العراق يمكن الاتفاق عليه بين القادة الأميركيين والعراقيين، يبدو أنه غير موقفه بسبب ما تعرض له منذ ذلك الوقت من انتقادات ''الديمقراطيين'' المتكررة نتيجة دعمه للحرب في العراق، وبالنظر أيضاً إلى تصريحاته المثيرة للجدل حول بقاء قوات أميركية لحفظ السلام في بلاد الرافدين لمائة عام. لكن رغم وضع ''ماكين'' لجدول زمني واضح حدده في عام 2013 لإنهاء العمليات القتالية الأميركية في العراق، فإن مساعديه جادلوا لاحقاً بأنه لا يتعين تأويل ملاحظاته على أنها دعوة لجدولة الانسحاب، وأنه كان فقط يتنبأ بتحقيق النصر. وفي مناقشة طويلة وملتوية حول معنى تصريحاته جرت في حافلته الانتخابية قال ''ماكين'': ''إني لم أقصد أن أحدد موعداً للانسحاب''. وعندما سأله أحد الصحافيين عما كان يقصد من دعوته للجمهور الذي استمع إلى خطابه ''بامتطاء سجادة الخيال'' لتحملنا إلى العالم 2013 رد قائلاً: ''لا أعتقد أن الأمر يتعلق بشطحات الخيال، بل أعتقد أن المسألة أكثر ارتباطاً بالأهداف وسبل تحقيقها''. وهكذا وفيما يتعلق بأفغانستان توقع ''ماكين'' بأن المعلومات الاستخباراتية ستقود إلى القبض على ''أسامة بن لادن''، أو تصفيته، فضلاً عن تنبؤه بتراجع خطر ''طالبان''، وحرمان تنظيم ''القاعدة'' من أي ملاذ تبحث عنه، مؤكداً أن '' الولاياتالمتحدة لن تكون قد تعرضت، وإلى غاية تلك السنة، لأي هجوم إرهابي منذ 11 سبتمبر .''2001 وتوقع ''ماكين'' أيضاً أن ''الجهود المشتركة'' التي ستبذلها الدول الديمقراطية في العالم ستكون قد أقنعت روسيا والصين بالتعاون لدفع إيران للتخلي عن تطلعاتها النووية، فضلاً عن وقف كوريا الشمالية لبرنامجها النووي. ورغم أن الهدف من الخطاب الذي كتبه للمرشح ''ماكين'' مستشاره المقرب ''مارك سالتر'' هو تفادي الانتقادات، لم يتأخر رد الخصوم في الظهور. فقد جاء في بيان صادر عن مسؤولي الحملة الانتخابية للمرشح ''الديمقراطي'' باراك أوباما حول الموضوع ''إن أوباما إذ يساند العديد من النقاط التي عبر عنها ماكين، إلا أنه لا يعتقد أن رجلاً اعتنق السياسات المدمرة وأساليب الرئيس بوش المثيرة للانقسامات، مازال قادراً على تقديم نفسه كمرشح للعلاج والتغيير''. أما ''هيلاري كلينتون'' فقد قالت في بيان لها ''ليست هذه المرة الأولى التي يتوقع فيها ماكين النصر في العراق، لكنه يتعهد بالمزيد من سياسات بوش التي أضعفت جيشنا وألحقت الضرر بأمننا القومي ومكانتنا في العالم''. وفيما دعا ''أوباما'' في وقت سابق إلى سحب لواء، أو لواءين من القوات الأميركية كل شهر من العراق للانتهاء من الانسحاب الكلي في غضون 16 شهراً، دعت ''هيلاري'' من جانبها إلى البدء في سحب القوات الأميركية خلال ستين يوماً من توليها الرئاسة، مع عودة جميع الجنود نهاية العام .2013 وفي خطابه يوم الخميس الماضي، انتقد ''ماكين'' سياسات الرئيس بوش في مجال البيئة وهاجمه بشأن ثلاث نقاط رئيسية: رفضه للاعتراف بالأخطاء التي ارتكبتها إدارته، وشنه لحملة سياسية مستمرة من داخل البيت الأبيض، ثم إصراره على تجاوز السلطة التشريعية عبر رفض القوانين التي صادق عليها الكونجرس. وفي هذا الإطار قال ''ماكين'' ملمحاً إلى بوش ''إني لو ارتكبت أخطاء فسأعترف بها على الفور، وسأشرح كيف يمكن معالجتها''، وأضاف قائلاً: ''لن أقضي ساعة واحدة من رئاستي وأنا أحاول إعادة انتخابي، بل سأركز على الوفاء بتعهداتي للشعب الأميركي، فهناك وقت للحملات الانتخابية، ووقت آخر للحكم، وإذا انتخبت رئيساً سأنهي عهد الحملات الانتخابية الدائمة''. أما على الصعيد الداخلي، فقد تنبأ ''ماكين'' في خطابه الاستشرافي أنه بحلول السنة الخامسة من انتخابه ستكون الولاياتالمتحدة قد عرفت سنوات من ''النمو الاقتصادي والازدهار''، بالإضافة إلى خفض نسبة الضرائب على الشركات، وتحسين مستوى التعليم في أميركا.