«كيف يمكن لروسيا أن تحتمل قيصرين؟» سؤال طرحه زعيم الشيوعيين الروس غينادي زيوغانوف، مبرراً رفضه دعم رئيس الحكومة الجديد فلاديمير بوتين. وللسؤال ما يبرره، اذ ان فبوتين خرج من الكرملين حاملا مفاتيح القرار في روسيا، ونقل معه إلى البيت الأبيض الروسي (مقر الحكومة) صلاحيات لم يسبقه إليها رئيس وزراء، حتى في العهد السوفياتي. وربما تكون هذه أبرز أسباب غضب الزعيم الأحمر الذي اشتكى في مجلس الدوما من أن بوتين «أصبح زعيما لحزب يشبه الحزب الشيوعي السوفياتي مع فارق أنه لن يخضع للمحاسبة الحزبية أو النيابية إذا أخطأ». والسبب بسيط، لأن بوتين رئيس حزب «روسيا الموحدة» الذي يتمتع بغالبية نيابية مطلقة، رغم أنه لم ينضم يوما إلى صفوفه. وكما كان متوقعا تماما، ظل بوتين بعد خروجه من الكرملين محور الأحداث والتعليقات والمركز الذي تتجه إليه الأنظار عند كل تطور. الطريف أن السجال الذي تركز خلال الفترة الماضية حول طبيعة توزيع الصلاحيات والمهمات بين «القيصرين» لم يعد يدور حول الملفات السياسية والإقتصادية ومسائل الحكم وحسب، بل تجاوزها إلى تفاصيل كثيرة منها كل الامتيازات التي احتفظ بها بوتين بعد خروجه من الكرملين، والتي دفعت بعضهم إلى التعليق بأن رئيس الوزراء الجديد «لن يشعر بأي فارق بعد انتقاله إلى مكتبه الجديد»، لأن امتيازات رئيس الدولة سوف توزع بين بوتين وخليفته في الكرملين ديمتري ميدفيديف. وبحسب المسؤول الصحافي في إدارة شؤون الرئاسة فيكتور خريكوف سيحتفظ الرئيس السابق بالقصر الرئاسي المحبب إلى قلبه في منطقة «نوفوغرييفا» قرب موسكو حيث اعتاد استقبال ضيوف البلاد وعقد المحادثات مع زعماء العالم، في حين سيكون ميدفيديف مضطرا الى استخدام قصر آخر يقع في منطقة غوركي، سيعاد تجهيزه لأنه لم يفتح أبوابه منذ عهد الرئيس السابق بوريس يلتسن. أما بالنسبة الى البيوت الصيفية الرئاسية المنتشرة في أنحاء البلاد من شرقها إلى غربها «فلم يتم اتخاذ قرار بشأنها بعد»، كما قال خريكوف. لكن «من المرجح أن يحتفظ بوتين بعدد منها وعلى رأسها البيت الصيفي في منتجع سوتشي» حيث اعتاد قضاء فترات الاستجمام واستقبال كثير من الضيوف. أيضا، لن يضطر رئيس الوزراء الجديد إلى مواجهة مشكلة لتخصيص طائرة لرحلاته الخارجية عند الحاجة إذ سيكون للرئيس السابق حق استخدام ثلاث طائرات رئاسية من أصل أربع، تاركا لخليفته لذة ركوب «الطائرة الرقم واحد» من دون شريك. ومع القصور والطائرات لن يحرم الرئيس السابق من الرحلات البحرية أيضا، فهو سيستخدم، مع ميدفيديف، الباخرة الرئاسية الفاخرة «روسيا» التي كانت في زمن مضى للزعيم السوفياتي ليونيد بريجنيف، والتي زودت بأحدث ما توصلت إليه التقنيات العلمية ليستخدمها الزعماء الروس. أما بالنسبة الى ثلاثة يخوت كانت تشكل «أسطولاً بحرياً» للرئيس السابق فهي «ليست مسجلة في دفاتر إدارة شؤون الرئاسة ما يعني على الغالب أنها ستبقى لبوتين»، كما أوضح المسؤول الصحافي في الكرملين . وبالطبع لم يكن في مقدور الرئيس السابق أن يغادر الكرملين من دون أن يأخذ معه سيارته المصفحة التي تم شراؤها خصيصا له، وهي نسخة نادرة من طراز «مرسيدس» تمت صناعتها بناء على حجز خاص كما يقول موظفو شؤون الرئاسة. وتبقى بعض «الشكليات» كما يشير المسؤولون، منها توزيع أنظمة الحراسة والخدمة الأمنية بين «القيصرين»، وهذه تعد أبسط المشكلات التي واجهت الديوان الرئاسي وتم حسمها ببساطة: ستبقى أنظمة الحراسة التي كان معمولاً بها لكل من بوتين وميدفيديف على حالها من دون تعديل. هكذا قال خريكوف!.