يشهد العالم ان شوارع الكويت ومع انتخابات مجلس الامة لعام 2008 خالية تماما من اللافتات او اعلانات المرشحين، وكذلك الحال في المدارس او في وسائل المواصلات العامة او حتى على جدران المنازل، وهو امر غير مشهود مسبقا! ومع تحول الدوائر الانتخابية الى 5 دوائر فقط بدلا من 25 ازداد عدد الناخبين فلم تعد مقار الدعاية الانتخابية التقليدية تكفي لنتعرف على خطط وافكار المرشحين.. وبذلك تواكبت انتخابات 2008 الكويتية مع انتخابات 2008 الاميركية او لنقل تواكبت انتخابات 2008 الكويتية مع العولمة السياسية والمظهر والشكل الجديدين لآليات الدعاية السياسية التي اضحت تعتمد على «النيوميديا» اولنقل «الميديا الجديدة» والدعاية الالكترونية من خلال «اليوتيوب» و«المدونات».. و«الفيس بوك» وموقع الصور الاول (فليكر) و«الويكبيديا» (الموسوعة الحرة على الانترنت). في الكويت دشن معظم المرشحين مواقع الكترونية انتخابية للتعبير والترويج عن آرائهم ووعودهم السياسية لكن التاثير الاكبر في الناخب الكويتي خصوصا فئة الشباب اضافة للمرأة الكويتية جاء عبر دعاية المرشحين على موقع الفيس بوك والمدونات والمنتديات، خصوصا للمرشحين: أحمد الديين، محمد الجاسم، جاسم الخرافي، ورولا دشتي التي كانت أكثرهم ذكاء واستفادة من النيوميديا وآليات الدعاية الالكترونية، وذلك من خلال رسائلها المسموعة والمرئية وصورها المنتشرة على موقع الصور الاول (فليكر) ومواقع الفيس بوك، والمدونات، اضافة الى يوتيوب وموسوعة الويكبيديا. هل نقبل بالتصويت الإلكتروني؟! في الكبسولة الالكترونية «أمنا الارض » تدور هذه المقولة «لا ديموقراطية بلا ديموقراطيين».. «ولا انتخابات الكترونية بلا ديموقراطية الكترونية اضافة لمناخ منضبط للتصويت والاقتراع الالكتروني».. من الطبيعي ألا تكون انتخابات مجلس الامة الكويتي لعام 2008 انتخابات الكترونية فحتى الآن لا توجد دولة في العالم اقامت انتخابات الكترونية كاملة بما فيها اميركا صاحبة اقوى واول حكومة الكترونية! فحتى انتخابات 2008 الاميركية لن تكون انتخابات الكترونية كاملة، فلا توجد دولة تطبق منظومة الانتخابات الالكترونية، حيث لاتوجد قوانين وتشريعات محكمة تنظم الانتخاب الالكتروني ولايوجد اقتراع يجرى عبر الانترنت من المنازل . ومع هذا فهناك تجارب ناجحة على مستوى ضيق كالتي تمت في مدينة لوكسمبورغ مثلا اضافة الى مجموعة مقاطعات في اوروبا مثل الانتخابات البلدية منذ مطلع العقد الحالي. ولهولندا الريادة في هذا المجال اذ استحوذ التصويت الالكتروني على 80% من عمليات الاقتراع. وشجعت انتخابات دويلات سويسرا مثل جنيف ونيوشاتل وزيورخ وأنيير الناخبين، وفي شكل خاص الشباب وكبار السن منهم، على اختيار هذه الطريقة في التصويت لرفع نسبة المقترعين. ودفعت النتائج المتفائلة الى اعتماد التصويت الالكتروني في شكل رسمي. وبين استطلاع للرأي شمل ألف سويسري أن 72% منهم يرغبون في التصويت عبر الانترنت. ويسر استعمال الشبكة الدولية للكمبيوتر في التصويت السبل للمغتربين في المشاركة في أي انتخابات تجرى في بلدهم الأم، لتعزيز حقوقهم السياسية. اقتراع باللمس وها هي البرازيل بناخبيها ال115مليونا تنوي خوض التجربة عندما أعلنت عن حاجتها الى اقتناء عدد كبير من آلات لمس الشاشة لقيادة عملية الاقتراع. وربما تدخل الدول النامية على الخط اذا ما توافرت الاعتمادات اللازمة والتكنولوجيا المطلوبة.ومع ذلك يبقى التوجه العالمي عموما والاميركي خصوصا للتصويت الالكتروني فقط وليس لانتخابات الكترونية كاملة او للتصويت عن بعد (اي التصويت من خلال الانترنت) وفشل تجربة زيمبابوي الاخيرة في التصويت الالكتروني عن بعد لمغتربيها خير شاهد على هذا.. فالدول الاوروبية الكبرى اضافة لاميركا مصرة على الخوض نحو الديموقراطية الرقمية والتصويت الالكتروني الآمن حتى لو كان هناك فشل مسبق ! فعقب الفوضى التي حدثت في انتخابات فلوريدا عام 2000 التي كانت حاسمة في وصول جورج بوش الى السلطة في ولايته الاولى، مررت الادارة الاميركية قانونا يعرف بقانون مساعدة الاميركيين على التصويت، ويستهدف اقناع الولايات الاميركية باتباع نظام التصويت الالكتروني. وكان لأصوات الجنود الذين يخدمون خارج الوطن أثر كبير على نتائج الانتخابات في ولاية فلوريدا عام 2000، ولكن لم يتم فرز الصناديق، لأنها وصلت متأخرة أو لم تكن عليها علامة البريد. وحاول البنتاغون تحسين نظام ارسال الأصوات بعدها، ولكن المسؤولين ألغوا خطة للتصويت عبر شبكة الانترنت لأسباب أمنية. وقد كانت معظم انتقادات المعارضين للانتخاب والتصويت عن طريق الانترنت، منصبة على انعدام الأمن والنزاهة للتصويت عبر الانترنت، وصعوبة بل بالأحرى انعدام ضمان أي قدر من سلامة عملية الاقتراع، حيث يمكن العبث والتلاعب بعملية التصويت قبل وأثناء التصويت نفسه، بل وبالنتيجة بعد التصويت.. ورغم ذلك لم يطعن السيناتور جون كيري منافس بوش في نتائج الانتخابات. مخاطر التصويت عبر الإنترنت بناء على ما فات فان التصويت الالكتروني عن بعد طبقا لرأي الخبراء عرضة لايادي الهاكرز او المخربين من أي مكان ومن اي جهة وقد تبدو هذه مبالغة، الا أن كيم ألكسندر رئيسة مؤسسة غير ربحية للتصويت والاقتراع بعد أن كانت متحمسة لفكرة التصويت عبر الانترنت، ما لبثت أن تراجعت بعد أن ساندت وشاركت في عملية اقتراع ضمن مجموعة أوكلت اليها مهام الاشراف على التصويت بكاليفورنيا، وأوضحت أن الفكرة بعد التفكير فيها لمدة خمس دقائق تبدو جذابة، الا أنه بعد عشرة أشهر من البحث والتجربة غيّرت رأيها بسبب استحالة التحقق من عدم العبث بحزمة الاقتراع عبر الانترنت، وخوفها حتى من الموظفين القائمين على عملية الاقتراع معها، وقالت عن الاقتراع على الانترنت انه «مرتع للنصب». كذلك دايفيد جيفرسون، وهو باحث بمعامل كومباك، عندما أوكل اليه رئاسة الوحدة التقنية ضمن المجموعة التي أوكلت اليها مهام الاشراف على التصويت بالانتخابات الأولية بأريزونا، بيّن أنه لا التشفير encryption يجدي في الحفاظ على نزاهة التصويت على الانترنت، ولا أي تقنية أخرى متاحة حتى الآن، وبرّر ذلك بشرحه عملية التصويت على الانترنت بأنه ببطاقة (حزمة رقمية) التصويت يمكن للمقتحم أن يتسلل دون أن يدرك بوجوده أحد من خلال اتصال بالانترنت؛ ليسطو على هذه الحزمة في جزء من الثانية قبل أن يتم تشفيرها، ليعبث بها كيف يشاء، وربما انتظر لو كان ذا مهارات أعلى ليعبث بالنتيجة، أو حتى يدير عملية الاقتراع كيف يشاء دون أن يشعر بعبثه. مستقبل التصويت في الكويت تخشى الدول ويحذر الخبراء من التصويت عن بعد لكن التصويت الالكتروني عبر الاجهزة الالكترونية الموجودة في المقار الانتخابية هو مطلب عالمي لما له من مزايا في دقة النتائج والالتزام بالشفافية والخصوصية ومعرفة النتائج بسرعة ..وهذا ما يبدو ان الكويت تخطط لنهجه في السنوات القادمة .. كذلك لا ينبغي علينا ان ننخدع بنتائج استفتاءات المواقع الانتخابية حتى لو كانت محايدة فموقع nawabq8.com المحايد في انتخابات مجلس الامة 2008 بالرغم من سرعة انشائه واهميته للناخبين الا انه غير دقيق لعدم وجود وسائل امان وتامين على الموقع فيمكن ان تكون بالقاهرة او ستراسبورغ والا تكون كويتيا او عربيا حتى تصوت للمرشح الذي تريده من ضمن المرشحين دون ان يضمن القائمون على الموقع حقيقة هويتك وهل لك الحق في التصويت أم لا وهل انت كويتي مغترب مثلا ام ماذا؟ وبالتالي فمجال التلاعب في فوز مرشح دون الآخر هو مجال غير آمن هنا وربما مخادع، لذلك فان المستقبل القريب للكويت ولدول المنطقة يحمل تصويتا «الكترونيا» وليس تصويتا «عن بعد» وهذا لايعني ان التصويت الورقي سيلغى سريعا قبل ان يثق المجتمع في النتائج الالكترونية وهذا سيحتاج إلى سنوات سيكون عبرها التصويت الالكتروني جنبا الى جنب مع التصويت الرقمى لنضمن شفافية وديموقراطية غير معهودة، فبريطانيا الدولة العريقة بالديومقراطية صرفت مبلغا يقدر ب1،6مليار جنيه للتوعية بمشروع التصويت الالكتروني كما ان سويسرا تعد ثانى دولة اوروبية تنهج هذا المنهاج والهدف واحد هو المزيد من الشفافية الانتخابية وزيادة الكتلة الانتخابية وقوى المشاركة السياسية وخفض السن الانتخابي.