بدأ مجلس الشورى في جلسته الأحد برئاسة صفوت الشريف رئيس المجلس مناقشة مشروع قانون تعديل بعض أحكام قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية الصادر بالقانون رقم 3 لسنة 2005 . واستعرض المهندس رشيد محمد رشيد وزير الصناعة والتجارة أهداف التعديل المقترح والذي يأتي في إطار سياسة وزارة التجارة والصناعة بمراجعة شاملة للتشريعات الاقتصادية المهمة كافة والمتعلقة بالرقابة على الأسواق وتنظيم السوق الداخلية وحماية المستهلكين وحماية المنافسة. وقال رشيد" لقد أبرز تقرير اللجنة التعديلات المهمة والجوهرية التي تضمنها المشروع وتفضل السيد مقرر اللجنة بعرضها على مجلسكم والحكومة من جانبها وبعد هذا العرض المتكامل نود أن نؤكد على أن التعديلات التي اشتمل عليها مشروع القانون تنطلق من حقيقتين أساسيتين : أولها : أن التشريعات الاقتصادية تتطلب مراجعة مستمرة ودورية كي تواكب حركة الأسواق وإيقاعها السريع وتعالج اى ثغرات أو أوجه قصور أو تعالج ما يكشفه الواقع العملي من مشكلات . وأضاف أن الدافع الثاني من وراء هذا التعديل هو التزام الحكومة الكامل بما أعلنه الرئيس حسني مبارك من تبنى السياسات كافة التي تدعم وتحقق العدالة الاجتماعية في كل صورها . وقال إنه من هذا المنطلق فإن تشجيع المنافسة من ناحية ومحاربة الاتفاقات الضارة بها وملاحقة أي ممارسة احتكارية يؤدى بالضرورة إلى حماية المستهلكين . ويؤكد على حقهم في الحصول على السلع والخدمات بأفضل الأسعار وبأعلى جودة ، وهو أحد أهم صور العدالة الاجتماعية، كما أنه يرسل رسالة تحذيرية واضحة وقوية لكل من يراوده الأمل في التحايل على أحكام هذا القانون أو يرتكب ممارسات ضارة بالمنافسة طمعا في ربح جائر على حساب المواطن والمستهلك المصري . وأوضح أن التطبيق العملي لقانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية كشف بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على صدوره عن ضرورة مراجعة بعض أحكامه لتفعيل دور جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية ولتبنى عقوبات جنائية رادعة عند مخالفة أحكامه. وأضاف أن الحكومة تتقدم اليوم بمشروع القانون المعروض باعتباره يعبر عن رغبة أكيدة من جانبها في أنها بقدر تشجيعها ودفعها لاقتصاد السوق وتحفيز القطاع الخاص على التنمية والإنتاج فإن الالتزام بضوابط السوق والكشف عن الممارسات الضارة بالمنافسة كافة وتقديم مرتكبيها إلى المحكمة الجنائية لينال عقوبة رادعة تتناسب مع حجم جرمه وآثاره الضارة بالمنافسة هو الجانب الآخر المهم في هذه المعادلة ومن أجله كان مشروع القانون . وتابع رشيد أنه في سبيل تحقيق ذلك تضمن المشروع الأحكام الآتية : أولا : زيادة قيمة عقوبة الغرامة المقررة ضمانا لتوفير جزاء جنائي رادع لكل من يرتكب ممارسات ضارة بالمنافسة سواء كانت اتفاقات بين متنافسين أو بين الشخص ومورديه أو عملائه أو كانت ممارسات احتكارية من جانب شخص مسيطر على السوق . وأوضح رشيد أن المشروع تضمن زيادة الحد الأدنى لعقوبة الغرامة إلى مائة ألف جنيه والحد الأقصى إلى خمسين مليون جنيه أو غرامة نسبية قدرها 10 % من قيمة مبيعات المنتج محل المخالفة أيهما أكبر إلى جانب مضاعفة الغرامة بحديها لمن يعود إلى ارتكاب الجريمة مرة أخرى بعد صدور حكم ضده بالإدانة. وأضاف أن مؤدى ذلك في الواقع العملي أن المبلغ الذي يمكن للمحكمة أن تقضى به كغرامة مالية لم يعد له سقف ثابت فقد تصل الغرامة التي تقضى بها المحكمة تطبيقا لهذا النص إلى خمسمائة مليون جنيه حسب قيمة مبيعات الشركة . وجدير بالذكر أن فكرة الغرامة النسبية هو النهج الذي اتبعته العديد من التشريعات المقارنة ( سويسرا، هولندا، إيطاليا ، ايرلندا ) لأنها تحقق أكبر قدر من الردع والإيلام المالي سيما للشركات والكيانات الكبرى التي تجنى أرباحا طائلة من جراء الممارسات الضارة المنافسة فضلا عن أنها تتلافى سلبيات التضخم وانخفاض قيمة العملة . وقال رشيد إن مشروع القانون يتضمن أيضا تجريم عدم الالتزام بتنفيذ قرارات الجهاز الصادرة بالتدابير المؤقتة . وأضاف أن المشروع لم يتوقف عند حد مراجعة العقوبة المقررة على ارتكاب جرائم الممارسات الضارة بالمنافسة، بل إنه بالنظر إلى أن بعض الممارسات الضارة يجب وقفها فور اكتشافها وقد لا يحتمل الأمر انتظار انتهاء الإجراءات الجنائية وحتى صدور حكم نهائي. وتابع رشيد أنه لتحقيق قدر من الحسم السريع في هذا الإطار فقد تضمن المشروع عقوبة جنائية مالية وهى الغرامة التي لا يقل حدها الأدنى عن عشرين ألف جنيه ولا يجاوز حدها الأقصى خمسمائة ألف جنيه على كل من يخالف التدابير الصادرة من الجهاز بإزالة المخالفة أو بوقف الممارسة المحظورة إعمالا لنص المادة 20 من القانون الحالي . وأشار أن مشروع القانون يتضمن أيضا الإلزام بالإخطار بحالات التركز الاقتصادي وتجريم الإخلال بهذا الالتزام، موضحا أن المشروع كفل للجهاز دورا أكثر فاعلية للكشف عن أي ممارسة احتكارية للشركات التي لها وضع مسيطر في السوق المصري. وقال إن المشروع تضمن إلزام الأشخاص الخاضعة لتطبيق القانون بإخطار الجهاز بأحوال الاندماج والاستحواذ. وأضاف رشيد أنه ضمانا لتفعيل هذا الالتزام فقد تضمن المشروع عقوبة جنائية مالية لكل من يخالف هذا الالتزام وهى الغرامة التي لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه. وقال وزير التجارة والصناعة إن مشروع القانون يتضمن أيضا إلزام الأشخاص الخاضعين لإحكام القانون بموافاة الجهاز بالبيانات والأوراق والمستندات اللازمة لممارسة اختصاصاته . وأضاف رشيد أنه تمكينا للجهاز من أداء دوره في بناء قاعدة معلومات عن النشاط الاقتصادي للكشف عن الممارسات الضارة بالمنافسة وفى فحص الشكاوى والإخطارات،ألزم نص المادة 11 من المشروع الأشخاص الخاضعين لأحكامه بموافاة الجهاز بالبيانات والأوراق والمستندات التي يطلبها الجهاز عند ممارسة اختصاصاته . وتابع أنه من ناحية أخرى أورد نص المادة 22 مكررا عقوبة جنائية مالية عند مخالفة هذا الالتزام وهى الغرامة التي لاتقل عن عشرة آلاف جنيه ولاتجاوز مائة ألف جنيه مع مضاعفة هذه الغرامة في حال إمداد الجهاز ببيانات أو أوراق أو مستندات غير صحيحة . وقال رشيد إن مشروع القانون يتضمن إضافة صور جديدة من الاتفاقات المحظورة الضارة بالمنافسة . وأضاف أن التطبيق العملي لنصوص القانون كشف عن بعض الثغرات التي قد تؤثر في فعالية القانون وتنال من قدرة الجهاز في أداء دوره . وتابع وزير التجارة والصناعة أنه من هذا المنطلق فقد تضمنت - مادة 6 بند ب - إضافة صور تجريمية جديدة وهى أولا حظر الاتفاق على اقتسام الأسواق على أساس الحصص السوقية باعتبار أن هذا الشكل هو أحد أهم صور الاتفاقات الضارة بالمنافسة أغفلها القانون الحالي ، وثانيا حظر الاتفاقات على تقييد عمليات الإنتاج - مادة 6 بند د - حيث إن النص القائم لم يتضمن هذه الصورة المهمة ،مما كان يعد قصورا واضحا في أحكام القانون الحالي كان لابد من تداركه . وقال رشيد إن مشروع القانون يتضمن أيضا تحفيز المساهمين في جرائم الاتفاقات الضارة بالمنافسة على الكشف عنها . وأضاف أن من أهم ما تضمنه المشروع من أجل إكساب الجهاز قدرا أكبر من الفعالية وتيسير سبل الكشف عن الاتفاقات الضارة بالمنافسة هو ما استحدثه نص المادة 26 من تقرير إعفاء من العقوبة لأول من بادر من المساهمين في الجريمة بالكشف عنها . وأضاف أن الباعث من وراء هذا النص هو صعوبة الكشف عن تلك الجرائم وكذلك الصعوبة البالغة في إثباتها في حال الكشف عنها ومن ثم كان هذا النهج الذي سبق أن أقره التشريع المصري في العديد من الجرائم - الرشوة والاختلاس وغسل الأموال -إلى جانب أنه نهج العديد من التشريعات المقارنة - الأمريكى وتشريعات الاتحاد الأوربى . وأوضح صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى في تقديمه للمشروع أن التطبيق العملي وتقييمات بعض المتخصصين دعت إلى ضرورة مراجعة بعض أحكام القانون بتفعيل دور جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية. وقال الشريف إن أحد المقاصد الرئيسية للقانون حماية المستهلك وتأمينه ضد ارتفاعات في الأسعار غير مبررة تتجاوز طاقته ومستواه المعيشي مع مواجهة أي ممارسات احتكارية تتعارض أو تتصادم مع هدف العدالة الاجتماعية حماية لأصحاب الدخل المحدود وانحيازا للفئات الأكثر فقرا وهو مبدأ لن يحيد عنه مجلس الشورى عند مناقشة قوانين أو تشريعات تتصل من قريب أو بعيد بمعيشة المواطنين في مواجهة أي سياسة احتكارية تهدد أمن المجتمع وتثير الأحقاد بين الطبقات أو تبدد جهود الدولة لتحقيق الأهداف الاجتماعية المنوطة بسياسات التنمية العامة في كل مجال . وأضاف أنه من هذا المنطلق جاءت مبادرة وزارة التجارة والصناعة بتقديم مشروع القانون المرفق بتعديل بعض أحكام قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية لينص على إجراءات رادعة ضد هذه الممارسات. وتابع أن هذه التعديلات إذ نرحب بها فقد جاءت بمثابة استجابة لمطلب شعبي يطالب بدور فاعل للدولة للحفاظ على أمن المجتمع الاقتصادي وسلامه الاجتماعي ،في مواجهة قلة من المتاجرين بأقوات الشعب . وأيد الدكتور مفيد شهاب - وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية- فرض غرامات مالية على المخالفين عند تطبيق أحكام هذا القانون، لافتا إلى أن الاتجاه الدولي في معظم دول العالم خاصة في أوربا وأمريكا هو فرض العقوبات المالية وليس العقوبات السالبة للحريات، وأن التعديل المقترح أضاف عقوبات مالية مشددة على المخالفين. ووعد شهاب بإرسال تقارير جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية إلى البرلمان بمجلسيه أواخر الشهر الحالي تطبيقا لأحكام القانون. وأكدت مناقشات الأعضاء أهمية تفعيل أحكام القانون لمنع الممارسات الاحتكارية في بعض السلع الرئيسية مثل الأسمنت والحديد وغيرهما من السلع المهمة بهدف منع أي احتكارات وتشديد العقوبات على المخالفين وفرض غرامات باهظة تعادل قيمة المنتج وسجن كل محتكر. وقد وافق المجلس من حيث المبدأ على مشروع القانون ثم بدأ مناقشة مواده . (أ ش أ)