"عندما يكون الأساس صحيحا يكون كل ما بعد ذلك سليما وجيدا" بهذه الكلمات بدأت أميرة مصطفى بدران ذات الخامسة عشر ربيعا حديثها قائلة " إنها تدين بالفضل إلى أسرتها ووالدتها لأنها علمتها الاعتماد على النفس فمنذ أن أصبحت في الصف الثالث الابتدائي توقفت والدتي عن مساعدتي في الاستذكار وأصبحت أعتمد على نفسي كليا." وأميرة واحدة ضمن باقة جميلة يانعة من الورود فهم ببعض التشجيع والمساعدة فازوا في مسابقة مكتبة الإسكندرية للمشروعات العلمية والهندسية لتلاميذ المرحلة الثانوية والتي تمت طبقا لمبادرة السيدة الفاضلة سوزان مبارك التي أطلقتها عام 2005 للنهوض بالمستوى العلمي لأبنائنا. وتؤكد أميرة أهمية المدرسة وطريقة التعليم في تشجيع التلاميذ في مراحله الأولي على البحث والاتجاه العلمي في التفكير والتوصل للنتائج و أهم شيء المشاركة وتبادل الآراء والنتائج. وتمضي أميرة، الطالبة بالصف الثاني الثانوي بالقسم الأمريكي في إحدى المدارس الخاصة بالقاهرة، لتقول " إن أول اشتراك لها في المعارض العلمية كان في المعرض العلمي الذي أقامته مدرستها في العام الماضي حيث كان اشتراكها في مشروع حول العلوم السلوكية وبحوث ميدانية مع زميلة لها. هذا العام جاء اشتراكها بمحض الصدفة فحتى شهر يناير لم تكن قد اختارت موضوعا للبحث وعندما اختارت موضوعا كان عن مادة كتب عنها نيوتن في قانونه الثالث، وهي عبارة عن مزيج من الماء و النشاء ، كلما تحركت ببطء تظل سائلة أما إذا قذفت بمادة صلبة أصبحت مادة صلدة قوية من هنا جاءت فكرة استخدامها في صناعة الملابس الواقية من الرصاص . أميرة بدران في معرض العلوم بالمدرسة المشروع تم تقسيمه إلي جزئين الجزء الأول كان دراسة المادة ودراسة خصائصها بصورة دقيقة والثاني كان عن دراسة الرصاص وخصائصه ومواصفاته. أجريت التجارب على تلك المادة في أوقات مختلفة وتحت ظروف مختلفة من حيث الشمس والمطر وغيرها و أثبتت مدى فاعليتها. في كل تلك المراحل لم يحدث أن استعانت بأحد من العلماء أو الباحثين ولكنها تلقت المساندة والتشجيع من مدرسيها ووالديها. وتقدمت أميرة بمساعدة المدرسة للاشتراك في المسابقة التي تنظمها شركة " إنتل " بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية لكن كان موعد الاشتراك قد مر ولحسن الحظ فتح باب الاشتراك مرة أخرى عندما انسحب أحد المشاركين فتقدمت وتمت الموافقة على المشروع وحصلت أميرة على المركز الأول في مجال الفيزياء وعلوم الفضاء. وأميرة تتحدث اللغات الانجليزية والفرنسية بطلاقة تحدثا وكتابة بجانب لغتها العربية بالطبع. وتهوى القراءة خاصة في مجال تاريخ الدول والشعوب والقصص والروايات و قد أخذت هذا عن والدها كما أنها تحب الاستماع إلى الموسيقى والأغاني فتقول: " أعشق فيروز بشكل كبير جدا ، أحب الطرب الأصيل ولا أحب الموجة الجديدة من الأغاني التي تعتمد على اللحن والصوت العالي ، و أحب من الجيل الجديد محمد نور أجد في صوته طربا". وأميرة تحب السفر كما أنها رياضية من الطراز الأول فهي ماهرة في لعبتي الإسكواش والسباحة. و تتمنى عالمة المستقبل أن تستكمل دراستها الجامعية في الخارج لكنها في نفس الوقت لا تحبذ الابتعاد عن الأهل والأصدقاء. جينا حصلت على الكأس الفضية في تركيا وزهرة أخرى في باقة العلماء الصغار فازت بالمركز الأول في ذات المسابقة عن الهندسة الوراثية إنها "جينا ممدوح جيد" الطالبة في الصف الثاني الثانوي بذات المدرسة في القاهرة . جينا جيد وتقول جينا: " أبلغ من العمر 17 سنة فأنا من مواليد إبريل 1991" . التحقت جينا بالمدرسة الألمانية في سنواتها الدراسية الأولى حتى الصف الثاني الإعدادي ثم انتقلت إلى دراسة الثانوية الأمريكية. وتضيف جينا: "والداي يتركان لي حرية تقرير مصيري ودراستي ، و نظام المدرسة الألمانية ساعدني على الاتجاه للأبحاث والتفكير العلمي الذي يعتمد على المنطق وحرية الاختيار ، والمدرسة وضعت أمامنا كل الإمكانات وتركتنا نجتهد فيما نحب العمل فيه". عام 2007 كان أول اشتراك لها في المعارض العلمية الدولية وكان ذلك في تركيا في "أوليمبياد للمشروعات الصديقة للبيئة" حيث حصلت على الميدالية الفضية. وكان المشروع بالاشتراك مع الطالب عمرو هاني حول تأثير موجات الميكروويف على حبوب الفول وحول ذلك المشروع تقول جينا: "قسمنا الفول إلى مجموعات ؛ المجموعة الأولى تظل نظيفة تماما والمجموعات الأخرى تم تقسيمها إلى عدة مجموعات فرعية عرضنا كل منها إلى جرعات مختلفة من موجات الميكروويف وخلصنا إلى أنه كلما زادت الجرعة قلت إنتاجية الفول عند زراعته بما يؤثر سلبيا على الاقتصاد المصري ، وكان الجانب العملي من الأبحاث بإشراف أساتذة من الجامعات المصرية ومعاهد البحوث المصرية". كما قدمت جينا عام 2007 مشروعا طبيا حول استخدام الخلايا الجزعية في تخليق كبد لمرضى الفشل الكبدي ليكون بديلا عن عمليات زراعة الكبد. ومشروعها عام 2008 يعد استكمالا لمشروع العام الماضي فهو يدور حول علاج مرضى الفشل الكبدي الناجم عن الإصابة بفيروس سي باستخدام الخلايا الجزعية . وحصلت النابغة الصغيرة جينا على المركز الأول في مجال الهندسة الوراثية في معرض مصر للعلوم والهندسة في مكتبة الإسكندرية عام 2008. و جينا فتاة تحب السفر والتصوير كما تحب الاستماع إلى الموسيقى الكلاسيكية وتجيد العزف على الجيتار. وهي تعشق القراءة خاصة في المجالات العلمية وفي الرياضة تستمتع بلعب التنس. كما تجيد اللغات الإنجليزية والألمانية والفرنسية تحدثا وكتابة بجانب اللغة العربية . عمر ومحمود وأحمد عقب فوزهم بالمركز الاول عمر غراب وكما كانت الإسكندرية عاصمة للعلوم والثقافة وكانت مكتبتها التي شيدها البطالمة قبل الميلاد مركزا للعلم والعلماء تأتي مكتبة الإسكندرية في القرن الواحد والعشرين لتحتضن النابهين من أبناء الثغر وتشجعهم على التفوق العلمي فنجد ثلاثة من خيرة أبنائنا النابهين يحصلون على شهادات التفوق العلمي فها هو الطالب عمر أمين غراب في الصف الثالث الإعدادي بمدرسة خاصة بالإسكندرية يقول إنه من مواليد مارس 1993 عندي خمسة عشر عاما . وعمر حارس مرمي في فريق كرة الماء بنادي سبورتنج و حصل مع ناديه علي المركز الثالث في بطولة الجمهورية عام 2007. وولع عمر بالعلوم يعود إلي زمن بعيد فمنذ أن كان في السابعة نجح في تركيب أول دائرة كهربائية مبسطة ومنذ سن العاشرة اتجه للاشتراك في العديد من المسابقات العلمية عبر نوادي العلوم في الإسكندرية وقدم العديد من الابتكارات الصغيرة . فاخترع منبهاً يرش الماء عند الرنين وقدم ونشاً صغيراً كما ابتكر سلاحاً ثلاثياً يجمع بين المدفع والبازوكا والمنجنيق وغيرها كثير. وحصل عمر على مركز متقدم مرتين في تلك المسابقات. وينضم عمر بعد ذلك إلى النادي الصيفي العلمي بمكتبة الإسكندرية ليخترع مزلقان قطارات يفتح ويغلق أوتوماتيكيا مع عبور القطارات وهذا المزلقان معروض حتى الآن في المكتبة. ويدين عمر بالفضل في ذلك للأسرة فيوضح عمر قائلا: "لاحظت أمي ما أقوم به من أعمال ابتكارية مبسطة منذ الصغر وساعدتني في تنميتها و الاشتراك في المسابقات العلمية ووفرت لي الأسرة كل ما احتجت إليه مع التشجيع و المساندة. وعن المشروع الذي فاز بالمركز الأول قال عمر "كان والد أحد الزملاء قد تعرض إلى حادثة غرق مما أدى إلى وفاته حينها ولاحظنا أن معظم أنظمة الأمان بالسيارة متعلقة بالحوادث التصادمية على البر و أنه لا يوجد أى أنظمة لحالة غرق السيارة ومن هنا اشتركنا مع اثنين من الأصدقاء هما أحمد ومحمود في محاولة التوصل إلى وسيلة يمكن بها فتح باب السيارة من الداخل في حالة الغرق ، فضغط الماء يجعل من الصعب بل من المستحيل فتح الباب و تخيلنا أنفسنا داخل السيارة وبدأنا من هنا التفكير في محاولة الخروج منها و عمل اختراع لذلك ." وعمر شاب يحب القراءة في المجالات العلمية كما يحب الأغاني العصرية الحديثة ومثله الأعلى العالم أحمد زويل ويتمنى أن يستطيع استكمال دراسته في المجالات الهندسية و الإلكترونية في الجامعات الدولية ليفيد بلده بأحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا. شهادة تقدير من مكتبة الإسكندرية أحمد طارق ويكمل الحديث أحمد طارق عباس فهمي في السادسة عشرة من عمره و يدرس في مدرسة خاصة بالإسكندرية ليقول "أحب الأشياء العلمية ومشترك في مكتبة الإسكندرية كما إنني من أعضاء الكشافة." ويكمل أحمد كلامه قائلاً : كان عندي أفكار كثيرة حول المشروعات العلمية لم يكتب لها أن ترى النور ولكن بعد حادثة الغرق التي ألمت بوالد صديق لنا فكرنا في هذا المشروع وشجعنا كل من المهندس محمد خلف بمصنع الحديد والصلب و الأستاذ مينا انطون بمكتبة الإسكندرية. التقيت وعمر ومحمود من خلال اشتراكنا بنادي العلوم بمكتبة الإسكندرية وكان هذا الاشتراك الأول لي وبحثنا على الإنترنت عما إذا كان هناك مشروع مماثل ، وبعد ذلك عرضنا الموضوع على عدد من الخبراء وناقشنا معهم أفكار الحلول المقترحة التي توصلنا إليها وبدأنا بعد ذلك بتنفيذها. أسرتي تشجعني وعلى وجه الخصوص أبي وهو أستاذ جامعي في مجال الكيمياء فالبحث العلمي في بيتنا ليس بجديد ، هو مثلي الأعلى وأتمنى أن أكون عالماً كبيراً. محمود شبل ويضيف محمود محمد شبل ، وهو يبلغ من العمر سبعة عشر عاما ويدرس في الصف الثالث الثانوي علمي رياضة ، ليكمل فيقول لقد تلقينا مساعدات كبيرة في إنجاز هذا المشروع ؛ أولا : من مكتبة الإسكندرية التي ساهمت معنا في تكاليف المشروع و إنشاء نموذج لسيارة أقمناه في جامعة الإسكندرية. وثانيا: الدعم الذي تلقيناه من أساتذة كلية الهندسة في جامعة الإسكندرية وعلي الأخص د./ عمرو الطويل و المعيد محمد الحوفى والطالب محمد نصر الروبى الذين تبرعوا بمجهودهم ووقتهم بلا مقابل حتى يرى المشروع النور. ومحمود منذ نعومة يهتم بفك وتركيب الأشياء و كان يجد متعة كبيرة في فك محرك السيارة الصغيرة التي يلعب بها ويضعها في سيارة أخرى. وهو بجانب ذلك شاب محب للرياضة كان من لاعبي التايكوندو المتميزين واستطاع الحصول على الحزام الأزرق في فترة وجيزة كما أنه حريص على لعب كرة القدم بانتظام . وهو من محبي الفن الأصيل فيطرب لأغاني أم كلثوم وعبد الحليم أما الأغاني الجديدة فلا يجذبه صوت معين لكنه يهتم بالألحان. ويهتم محمود بالقراءة ويقول : " مع أن والدي مدرس لغة عربية إلا أنه يهتم بالقراءة في مختلف المجالات و أذكر أنه عندما وجد اهتمامي بالعلوم اشترى لي أول موسوعة علمية "ويضيف محمود أنه يفضل أن يقرأ في المجالات العلمية وبخاصة مجالات الفضاء . وينظر محمود إلي د./محمد النشائي كمثل أعلى. كما يعتبر أن برنامج" العلم والأيمان" الذي يقدمه د./ مصطفى محمود كان المحفز الأول له للاهتمام بالعلم والبحث العلمي. ويتمنى محمود وهو في الصف الثالث الثانوي أن يوجد في مجموع الثانوية العامة درجات للتفوق العلمي على غرار درجات التفوق الرياضي والفني الموجودة حاليا . ويتجه علماؤنا الصغار منتصف مايو 2008 إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية للاشتراك في "المعرض الدولي للعلوم والهندسة" الذي يقام سنويا بين طلاب نوادي العلوم في المرحلة الثانوية على مستوى العالم. وهناك يمر المتسابق ب3 محطات تصفية: المحطة الأولي للتصفية هي لجنة إعادة المراجعة العلمية لمراجعة المعايير المفروضة على المشروعات المقدمة والمشاريع المرفوضة التي تعرض ولا تدخل المسابقة الرسمية ، و المشاريع التي يتم الموافقة عليها تمر بالمحطة الثانية و هي لجنة مكونة من علماء متخصصين في مختلف مجلات العلوم والطب والهندسة بينهم 10 علماء على الأقل من الحاصلين على جائزة نوبل. و يعقب العرض على هذه المحطة العرض على لجنة مكونه من عدد من الجمعيات الخاصة متخصصة في تنفيذ المشروعات الفائزة. ويحصل المشاركون على براءات اختراع مسجلة لاختراعاتهم وبالذات للمشاريع الهندسية . و يتقدم لتلك المسابقة 1400 متسابق في 10 مجالات كل مجال يكسب 4 جوائز ذهبية وفضية وبرونزية وشهادة تقدير. وفي النهاية نعبر عن أمنياتنا لأبنائنا النابهين بالتفوق في المسابقة التي يذهبون إليها في الفترة من 11 إلي 16 مايو وأن يحققوا مراكز متقدمة وندعو رجال الأعمال والخبراء ببذل المال والجهد لتشجيع إقامة مثل تلك المسابقات العلمية التي تساعد أبناءنا على التفوق. وأخيرا نضم صوتنا إلى صوت محمود عندما طالب بدرجات للتفوق العلمي أسوة بدرجات التفوق الرياضي والفني فعلماء الغد يستحقون منا كل الرعاية. علماؤنا هم ثروتنا القومية و هم أساس النهضة والتقدم. ويعلم الجميع كم نحن بحاجة لهم لنلحق بركب التقدم. وشبابنا هم أملنا في غدٍ أفضل. فماذا لو احتضنا النابهين من أبنائنا وتعرفنا على ميولهم وهواياتهم ليصبحوا هم علماء المستقبل.؟