أكدت دراسة علمية حديثة أن تراجع القدرات الدماغية لكبار السن هي حالة قد تكون مرتبطة بكميات الرصاص التي يمتصها الجسم خلال فترة الطفولة ومرحلة النمو. وأوضحت الدراسة أن الأرقام المسجلة حاليا نتيجة هذه الظاهرة تشير إلى فشل المحاولات التي بدأت قبل عقود للحد من وجود الرصاص في البيئة المحيطة بالبشر. مواد سامة وأشارت الدراسة إلى أن المصادر الرئيسية حاليا للرصاص تتمثل في بقايا المحروقات، كالبنزين، التي تحتوي على هذه المادة السامة وأضافت أن ارتفاع نسبة هذه المادة في الدم قد تؤدي إلى شيخوخة الدماغ بمعدل أسرع بخمس مرات من شيخوخة الجسم. وفي هذا الإطار، قال الدكتور براين شوارتز، من جامعة جون هوبكنز: «نحاول أن نلفت الانتباه إلى أن بعض الأمراض التي ينظر إليها على أنها عوارض عادية للشيخوخة قد تكون ناجمة في حقيقة الأمر عن مواد سامة موجودة من حولنا، مثل الرصاص»، مضيفا: «مجرد تسجيل هذه الظاهرة على صعيد الرصاص يثبت أنها موجودة، وقد يكون للزئبق والمبيدات الحشرية تأثير مماثل». من جهته، قال الدكتور فيليب لاندريغان، إن الدراسة «تفتح أفاقا جديدة» على صعيد إيجاد الصلات السببية بين ما يتعرض له المرء خلال نموه وما يصيبه في مراحل متقدمة من العمر واعتبر أن النتائج «منطقية»، نظرا إلى أن قدرة الرصاص على تدمير خلايا دماغ الأطفال ستؤدي إلى تراجع قدراتهم الذهنية في فترة الشيخوخة. تصيب الحيوانات أيضا ورأت ليندا بيرنباوم أن بيانات مماثلة سجلت لدى الحيوانات أيضا، إذ أثبتت التحاليل أن القوارض التي تتعرض لمادة «دايوكسين» قبل ولادتها ترتفع لديها لاحقا فرص الإصابة بالسرطان. يذكر أن الولاياتالمتحدة كانت قد حظرت استخدام البنزين الذي يحتوي على مادة الرصاص منذ عام 1976، وقد نتج عن هذا الأمر تراجع ثابت في معدل الرصاص الذي تحتويه دماء السكان بنسبة بلغت 80% عام 1991. ويمكن تسجيل وجود الرصاص في الطلاء المنزلي أيضا، وتكمن الخطورة هنا في احتمال خروج المادة بعد جفاف الطلاء على شكل غبار يسهل ابتلاعه أو استنشاقه، كما يتواجد الرصاص في أنابيب المياه ويشكل بالتالي خطرا داهما. الفقراء أكثر تعرضاً ومن المعروف أن هذه المادة تنتشر بكثرة أيضا في الأحياء الشعبية والفقيرة، حيث تتراجع الخدمات الصحية ومعايير الأمان. وكانت لجنة سلامة المنتجات الاستهلاكية الأميركية قد قادت حملة ضخمة قبل أشهر، سحبت من خلالها كميات كبيرة من لعب الأطفال الصينية الصنع بسبب ارتفاع مستويات الرصاص فيها. واتخذت المسألة بعدا أوسع عندما حث وزير الاقتصاد الألماني مايكل غلوس الاتحاد الأوروبي على فرض قيود أشد على لعب الأطفال المستوردة، مقترحا وضع قواعد جديدة تجبر منتجي اللعب خارج تلك الدول (الاتحاد الأوروبي) على كشف تفاصيل خططهم الإنتاجية، والسماح بإجراء فحص للجودة من جانب طرف ثالث يُقره الاتحاد.