ما إن تهل علينا نسائم الربيع وتتفتح الزهور حتي يستعد الناس لشم النسيم والاتفاق علي شراء الفسيخ واعداد البيض الملون والرنجة. ورغم صيحات التحذير كل عام من مخاطر تناول هذه المأكولات والافراط فيها بشكل عام فلا احد يستجيب ولا يوجد من يريد ان يغير هذه الطقوس حتي لو كانت ضارة بالصحة وتسبب العديد من الاضرار الجسيمة لمن يتناولها.. وان كان البعض يقول ان ضعف القوة الشرائية وغلاء الاسعار سيكون هذا العام هو العامل الذي يحد من اقبال المواطنين علي هذه المأكولات. أوضح الدكتور محيي المصري - مدير مركز السموم بمستشفيات جامعة عين شمس - ان المركز استقبل 22 ألف حالة تسمم في العام الحالي 35 حالة منهما تسممت بوجبات من الأسماك و4 آلاف بالمبيدات وقال ان الفسيخ ليس له أي قيمة غذائية واضراره في منتهي الخطورة وتناوله عادة سيئة لان المطروح في الاسواق يحتوي علي ميكروب يفرز في الجسم سمًا قاتلاً تظهر آثاره بعد تناوله بمدة 12 ساعة ويؤدي إلي شلل في أعصاب الجسم من اعلي إلي اسفل وتبدأ بالوجه حيث تكون "الزغللة" في العين هي أول الأعراض يليها هبوط في جفن العين وصعوبة البلع وألم في المعدة ثم يبدأ الشلل في التسرب إلي الأعضاء المغذية لعضلات التنفس وأهمها الحجاب الحاجز وبالتالي يتوقف التنفس وتحدث الوفاة وتستمر فترة الحضانة لهذا الميكروب داخل الجسم من 18 إلي 36 ساعة ويستلزم سرعة إخضاع المصاب للتنفس الصناعي وحقنه بالأمصال الطبية. أضاف الدكتور سميع عبدالقادر منصور - استاذ علم المبيدات والسموم البيئية بالمركز القومي للبحوث.. أن الاسماك المملحة منتج غذائي معروف باليونان وروسيا وفرنسا إلا أن اسلوب التصنيع في مصر يشوبه العديد من العيوب بعد انتشار مصانع "بئر السلم" بصورة كبيرة لذلك فعلي المستهلكين مراعاة عدة أمور عند شراء الاسماك المملحة اهمها التأكد من المصدر الذي يحصلون منه علي هذه الاسماك والبعد عن تناول الرأس والاحشاء والجلد لأنها مناطق تتراكم فيها السموم كما يفضل السمك الأقل في محتوي الدهون لأنه يخزن كمية سموم أقل مع ضرورة تشديد الرقابة علي الأسواق ومنع تداول هذه الاسماك في الشوارع والتفتيش المستمر علي اماكن بيعها خاصة ان الاطفال والحوامل أكثر فئة تتأثر بهذه السموم يقول الدكتور مدحت الشامي استشاري التغذية والصحة العامة والمناعة وعضو جمعية تنمية البيئة ومكافحة التلوث ان الاسماك الاكثر ملوحة هي الاشد ضررًا علي مرضي القلب والضغط والكلي علي وجه التحديد وتتزايد معدلات الاقبال علي مستشفي الحميات من المصابين بحالات القيء والاسهال في يوم شم النسيم واليوم التالي له كل عام نتيجة لتناول الفسيخ ويضيف ان المشكلة الحقيقية تكمن في طرق التخزين كما انه من الضروري تحليل الفسيخ عقب الانتهاء من تعبئته للتأكد من أنه مازال صالحا للاستهلاك الآدمي وهذا ما لايحدث علي الاطلاق والتاجر علي أي حال لا يهمه سوي تحقيق الربح في موسم بيع الفسيخ. يؤكد الدكتور مدحت ان البيئة التي يعيش فيها الفسيخ في جميع مراحل تصنيعه وبالذات تركه عرضة للشمس وتخزينه في معلبات بدون تهوية هي بيئة مهيأة تمامًا لنمو بكتيريا البوتيولزم وهي بكتيريا لاهوائية تتسبب في الاصابة بمرض البوتيولزم وهو اخطر انواع التسمم الغذائي وتوجد في السمك المملح الفاسد وتدخل الجسم وتفرز سمومها وعندما يبدأ الجسم في امتصاصها يصاب بالتسمم ويضيف أن وجود السموم وارد في جميع الاسماك نظرًا لوجود الفلورا الطبيعية بها إلا أن الاستقرار الوبائي للفسيخ أكد أنه يسبب أعلي حالات التسمم الغذائي واشدها خطورة. ومن الأكلات التي لا تقل في خطورتها عن الفسيخ هي البيض الملون وغيرها من الأكلات التي يتناولها الناس وبكثرة في شم النسيم مثل "البصل والملانا والخس والحمص والحلبة والترمس والخضراوات المصابة ببويضات الفاشيولا" ويقول الدكتور مدحت إن السنوات الأخيرة شهدت ثورة في عالم الغذاء اطلق عليها العلماء "ثورة المكياج الغذائي" وهي المواد الكيميائية الحافظة ومركبات الألوان ومكسبات الطعم والرائحة التي تستخدم علي نطاق واسع في معظم الأغذية المصنعة لتكسبها طعمًا لذيذًا أو تعدل من نكهتها أو تحفظها أو لتحسن من شكلها وقوامها. وأكثرها خطورة وسمية هي المواد الكيميائية التي تدخل في تلوين طعام الأطفال وشرابهم ونظراً لخطورة مواد المكياج الغذائي فقد خفضت منظمة الصحة العالمية والأغذية والزراعة القائمة الحد المسموح به دوليا في نهاية التسعينيات من 31 لونًا صناعيًا إلي 20 فقط ورغم ذلك لم يلتزم معظم صانعي الأغذية وخصوصا اغذية ومسليات الاطفال بالنسب المسموح بها دوليًا لذلك يجب الرقابة التامة وأخذ العينات الدورية وتحليلها لمعرفة النسب المسموح بها والتأكد من سلامتها. يضيف الدكتور مدحت أن البصل والملانا والخس وغيرها من الخضراوات التي نأكلها في شم النسيم معرضة للتلوث وعوادم السيارات والرصاص وتصيبها بويضات الفاشيولا كما ان الترمس عند تناوله بكميات كبيرة يسبب عصر الهضم وانتفاخاً وزيادة الوزن . اتفقت آراء المستهلكين علي أن الفسيخ وجبة حاملة للميكروبات وآثارها الجانبية خطيرة أهمها أمراض التيفود والالتهاب الكبدي الوبائي والتسمم الغذائي والنزلات المعوية وعسر الهضم لانه لا يتم هضمه ولا يتم امتصاصه ومع ذلك فهي عادة ولا يتم الاحتفال بشم النسيم دون اكل الفسيخ والبيض بألوانه فإذا كان ولابد فيجب الاحتراس وعدم الاكثار منها ونصيحة إذا شعرت بزغللة في العينين وألم في المعدة فلا تتردد في طلب الاسعاف.