يتوجه الى عمله بإحدى الدوائر الحكومية في وقت متأخر صباحا، يبدأ فور وصوله ،بالقاء التحيات والسلامات على زملائه وزميلاته في العمل ويسأل هذا وذاك عن الاخبار والصحة وبعض حديث عن حالة الطقس . هكذايبدأ الموظف محمد سعيد،35 عاما، يبدأ يومه وما ان يجلس على مكتبه حتى يبدأ بقراءة الصحف، واستقبال الزوار، والتنقل ، ويخرج قبل وقت انتهاء دوامه، بعد ان يعود ليسلم على زملائه ويسألهم عن برامج ما بعد العمل .. ولم يكن يعلم ان سلوكه يصنف ضمن ظاهرة تقاعس الموظفين ،التي تشكو منها المؤسسات والإدارات الحكومية كونها مرتبطة بين الرئيس والمرؤوس. ويعزوها خبراء ادارة بخلل في الحوافز وآليات العمل والتسيب الذي ينتشر في غياب الضوابط. يوضح أخصائي علم النفس الدكتور جميل قندح ان هم أسباب تقاعس الموظفين هي نوعية الوظيفة، ورغبة الموظف في آداء الخدمة العامة للمواطن وللمؤسسة التي يعمل بها، وانتماؤه للعمل، وأمانته في العمل الوظيفي التي تعتبر من المبدئيات في الانتماء للوطن . ويطالب بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب أو الموظف المناسب في المكان الوظيفي المناسب لمؤهلاته .للحد من التقاعس. و يبين قندح ان انعدام الحوافز، وعدم كفاية الدخل المادي لسداد مصاريف الاسرة المادية وعدم تمكن الموظف من مواكبة متطلبات الحياة اليومية، والمسؤوليات التي تقع عليه كرب أسرة ، كل ذلك بالمحصلة يؤثر سلبا على اداء الموظفين. وبحسبه فان هذا الضغط يؤدي الى عجز نفسي في الأداء الوظيفي فحالات القلق والاكتئاب والمشاكل الاجتماعية وانعكاساتها على ذهنية الفرد وادائه امر مؤكد. ويشير إلى تنوع المشكلات التي تؤثر على الموظف منها المالية والاسرية والمرضية ما يجعله يفكر فيها باستمرار وبالتالي لا يستطيع الإبداع في الوظيفة على أكمل وجه. ويضيف أن حالات الأمراض العضوية تؤثر على إنتاجية الموظف كالسكري والضغط وأمراض المفاصل والقلب والقولون خاصة إذا كانت تصاحبها حالات نفسية ما يسبب عجزا جسميا ونفسيا اضافة إلى الملل والضجر النفسي ما ينجم عنه التراخي في العمل . وبحسبه فان هناك عاملا مها وهو البحث عن مصدر رزق آخر للاكتفاء بالمتطلبات الأسرية من الناحية المادية مما يجعل الموظف يبحث عن وظيفة ما بعد الوظيفة ويضجر من الوقت الذي يقضيه في الوظيفة العامة التي يمارسها . ويعطي قندح مثالا على المعلمين فبعد انتهاء دوام المدرسة يبدؤون بالبحث عن مجالات أخرى(كالدروس الخصوصية) مشيرا إلى أن جميع الأسباب مجتمعه تسبب الضجر والملل من العمل العام. ويبين أن سلطة الرئيس على مرؤوسيه في قطاع الحكومة هي مسألة تنظيمية ومنهجية وليست سلطة مطلقة . وينصح خبراء علم الاجتماع بتوفير الحوافز في العمل أي ان يكون هناك عملية لإيجاد الوسائل التي يمكن لمؤسسة ما بواسطتها حث الموظفين على أداء واجباتهم بشكل افضل والإرتقاء بمستوى أدائهم في المؤسسة التي يعملون بها. ويعرف علماء النفس الفساد الإداري أو التقاعس عن العمل بأنها ظاهرة إدارية تحكمها قوانين الإنسان فردا ومجتمعا وما يقابلها هو الصلاح والإصلاح. ويقولون أن ثمة انحرافا إداريا يتجاوز فيه الموظف القانون وسلطاته الممنوحة دون قصد سيىء بسبب الإهمال واللامبالاة وهذا الانحراف لا يرقي إلى مستوى الفساد الإداري لكنه انحراف يعاقب علية القانون وقد يؤدي في النهاية إذا لم يعالج إلى فساد إداري. والفساد الإداري أنواع منها الانحرافات التنظيمية وتشتمل على عدم احترام العمل وامتناع الموظف عن أداء العمل المطلوب منه والتراخي وعدم التزامه بأوامر وتعليمات الرؤساء. كما يشتمل على السلبية والانعزالية وعدم تحمل المسؤولية والانحرافات السلوكية أي المخالفات الإدارية التي يرتكبها الموظف وتتعلق بمسلك الموظف الشخصي وتصرفاته . ويتسع المفهوم ليشمل الانحرافات المالية أي المخالفات المالية والإدارية التي تتصل بسير العمل المنوط بالموظف وتتمثل في مخالفة القواعد والأحكام المالية المنصوص عليها داخل المؤسسة والإسراف في استخدام المال العام والانحرافات الجنائية ومنها الرشوة واختلاس المال العام والتزوير .