مثل الكثير من ناخبي «نيو هامشاير» يعرف ماثيو ماكلوجلين جيدا السياسات الرئاسية فهو يقرأ الصحف كثيرا ويتابع الإعلانات المتدفقة عبر التلفزيون هذه الأيام ويشاهد المناقشات. وهو ملاح بحري سابق ومهتم بشكل خاص بمن سيكون قائدا عاما للقوات العسكرية، خصوصا وهو يحمل أفكارا تقدمية بما فيه الكفاية، تجعله على استعداد للقبول بامرأة كي تتسلم هذا المنصب. لكن ماكلوجلين، 49 سنة، لا يتردد لحظة، أثناء وقوفه داخل محل خضر مع زوجته في بيدفورد، للتعبير عن موقفه تجاه هيلاري كلينتون، بينما زوجته كانت تنتقي بعض المواد: «الشيء الذي لا أحبه فيها هو أنها لا تعطي جوابا مباشرا». وأضاف ماكلوجلين المسجل ضمن الحزب الديمقراطي: «هي تتكلم عن جانبي القضية... أنا صدمت حينما طرح باراك أوباما موقفه تجاه إصلاح نظام الضمان الاجتماعي، بينما هي رفضت إعطاء رأيها. كان بإمكانها أن تقول: آرائي هي كالتالي سواء أحببتني أم لم تحبني. هذا هو أنا وهذا هو الموقع الذي أقف فيه». يأتي اختيار ماكلوجلين للمرشح الديمقراطي حاكم نيو مكسيكو، بيل ريتشاردسون لهذا السبب: «هنا تحذف جانبا من سجله لكن يظل الكثير من الإنجازات باسمه، بينما إذا أخذت سنوات عملها كسيناتور فماذا فعلت غير ذلك؟ إنها كانت السيدة الأولى فقط». في ولاية أيوا يحتل باراك أوباما الموقع الأول بين الرجال الديمقراطيين، حسبما جاء في استطلاع للرأي نظمته «واشنطن بوست» مع محطة أيه بي سي نيوز. لكن كلينتون في وضع أفضل في نيو هامشاير بين الرجال الديمقراطيين، ومع ذلك فهي تواجه تساؤلات حول نواياها. وقال نصف الرجال إنها لا تنوي أن تتكلم عما تفكر بها حقا وقالت أكثرية المشاركين إن أوباما وجون ادواردز بعكسها على استعداد لقول ما يؤمنون به حقا. على المستوى الوطني، الفارق في استطلاعات الرأي على أساس الهوية الجنسية قليل، لكن بعض المحللين يشيرون إلى أن هذه الأرقام ليست قوية بما فيه الكفاية مقارنة بالانتخابات العامة، لأن أكثرية المستقلين الذكور لا يؤيدون وصولها إلى سدة الرئاسة. ويأتي تقدمها في استطلاعات الرأي بالدرجة الأولى إلى دعم النساء لها، وحملتها الانتخابية ظلت تعمل من أجل كسب النساء. كذلك هي لديها علاقة متوترة مع الناخبين الرجال على المستوى الوطني داخل حزبها. لكن عند إدخال الناخبين المستقلين الذين يحددون موقفهم في آخر لحظة، إلى اللوحة، يصبح فوزها في الانتخابات أقل احتمالا. وتعزو مناصرات حقوق النساء الشكوك بين الرجال حول كلينتون إلى تمييز جنسي مزروع في أعماقهم. واستغل المحافظون السياسيون هذه المخاوف المخفية من قوة المرأة للسخرية من كلينتون لسنوات. لكن في مقابلات عديدة جرت مع رجال ديمقراطيين عبر الوطن، بدا رفضهم لكلينتون أكثر تعقيدا، فهو في الغالب غريزي أكثر منه استنادا إلى خلاف جوهري معها. إنهم بكل بساطة، لا يحبونها، حسبما قال البعض منهم. وهم لا يعرفون ما هي الأمور التي تؤمن بها. وهم على قناعة بان كلمتها سيئة. وهم يرونها مثقفة نفاجة تجعلك دائما تشعر أنها أذكى منك. وقالوا إنها تبدو وكأنها زوجة سابقة لأي شخص. فهم لا يعرفون إن كانت زوجة مخلصة أم تقليدية بقيت مع زوجها بسبب الحب، بعد انكشاف علاقته المهينة لها، أم لأنها سياسية داهية بقيت معه لأن ذلك مربح سياسيا. بالنسبة لحملة كلينتون، ستكون هذه الأسابيع الأخيرة، قبل مؤتمرات أيوا ونيو هامشاير التي تجري فيها الانتخابات الأولية لاختيار المرشح الديمقراطي، حاسمة. وتستمرالسيناتور كلينتون بالتمتع بنسب عالية من التأييد بين صفوف الديمقراطيين في استطلاعات الرأي في مجالات أساسية تتعلق بمدى معرفة العالم، والقدرة على الفوز بالانتخابات الرئاسية والخبرة. مع ذلك فإن الرجال الديمقراطيين ما زالوا يتذكرون فضائح البيت الأبيض، حينما ضغطت كي يتم طرد موظف قديم في البيت الأبيض، أو تلك الاشاعة التي لم تتم البرهنة على صحتها بأنها رمت ذات مرة مصباحا أو منفضة سجائر على زوجها. قال دوج ويلر بروفسور التاريخ المتقاعد في جامعة نيو هامشاير: «لا يمكنها أن تزيل ماضيها. أوباما لا يمتلك هذه المشكلة. وهو يتمتع بالكاريزما، وأنا أحب أجوبته عن الاسئلة. كان جون كينيدي يتمتع بتلك الكاريزما، ويمكنك أن تحاجج بأنه لم يكن يمتلك خبرة كبيرة أيضا، حينما انتخب». يقول ماكلوجلين وزوجته ديبي، 50 سنة عن كلينتون خلال تبضعهما: ديبي: «زوجي يقول إن حقيقة كونها امرأة لا تؤثر على موقفه، لكن في أعمق أعماقه أظن أنها مؤثرة. إنه يؤمن بضرورة معاملة النساء بشكل متكافئ لكن... الرجال لا يريدون أن يسيَّروا من قبل النساء». وتضيف: «ما اريده هو ان تكون هيلاري على صلة بوسعها اقتناص الفرصة فورا. وفي امكانها ان تبدأ في التغييرات التي تريد تطبيقها على الفور، فهي ذكية للغاية.... كانت مستشارة لبيل كلينتون». ويرد ماكلوجلين: «سبب رفضي التصويت لها ليس لأنها امرأة فقط، فهناك امرأة أخرى حاكمة لنيو هامشاير هي جان شاهين وأنا أساندها. السبب الذي لا يؤهلها لأن تصبح رئيسة بالنسبة لي انها قضت ثماني سنوات سيدة اولى. ولم يتم انتخابها لأي موقع في الحكم». ويتابع: «اذا جاءت الى واشنطن، فلن تكون عامل توحيد، بل ستتسبب في انقسامات لانها لن تبدأ من الصفر». ايد بيتي، الذي يعمل استاذا للتاريخ ومدربا لكرة السلة في مدرسة ويناكونيت الثانوية في نيو هامبشير، ظل يفكر على مدى شهور في المرشح الذي يمكن ان يحظى بتأييده. وعمل بيتي بجدية خلال حملة جون كيري عام 2004. كما انه ناشط معروف في الرابطة الوطنية للتعليم في الولاية، فضلا عن انه مؤيد بارز للحزب الديمقراطي. وفي اغسطس الماضي اعلن بيتي تأييده لجون ادواردز، الأمر الذي يعني رفضه لهيلاري كلينتون في ولاية نجحت في تأمين قدر كبير من التأييد لصالحها. وقال بيتي متسائلا خلال لقاء اجري معه: «اذا لم تكن هيلاري زوجة لبيل كلينتون، فأين من المحتمل ان تكون في هذه الانتخابات؟». وقال ايضا انها لن تنجح في اي ولاية في مواجهة جون كيري عام 2004. وأضاف بيتي ايضا ان هذه الانتخابات مهمة على وجه التحديد في تغيير اللهجة الحزبية في واشنطن، وأردف قائلا: «انظروا ما يحدث في البلاد الآن الاميركيون ليسوا في حاجة الى أي استقطاب اكثر مما هو موجود». هناك اميركيون بدأوا بتأييد هيلاري كلينتون لكنهم انقلبوا عليها في وقت لاحق، مثل المقاول ايد بريك، الذي يقول انه كلما قرأ واستمع لها سارع إلى الإشهار بأنه ليس من مؤيديها. ووضح قائلا انه لم يحدث ان شعر بأنها تدلي بإجابات مباشرة وهذا، كما يقول، لا يجعلها محل ثقة. يقول بريك ايضا انه لا يهتم بمسائل اللون او العرق، وإنما فقط يرغب في ان يكون هناك رئيس يتسم بالصراحة مع الشعب. اما فرانك لونتز، وهو خبير استطلاعات جمهوري ليس له ارتباط بأي من مرشحي الرئاسة، ان النساء لا ينظرن الى هيلاري كلينتون كنموذج وقدوة وإنما كمنقذة ايضا، ويقول ايضا ان الرجال يدركون انها ذكية، لكنهم يأخذون عليها عدم اعترافها بالأخطاء وهذا، كما يقول، خطأ كبير في حد ذاته. تجدر الإشارة إلى ان هيلاري كلينتون نجحت في كسب تأييد أعداد كبيرة من الرجال البيض الذين تركوا الحزب الديمقراطي على مدى عقود. ففي عام 2000 أشارت نتائج استطلاعات اجريت وسط الناخبين عقب الإدلاء بأصواتهم، الى ان جورج بوش كان يتقدم آل غور وسط الناخبين البيض بنسبة 24 بالمائة، فيما كان الهامش بين بوش وكيري بعد اربع سنوات 25 بالمائة. يضاف الى ذلك ان ثمة تحديات فريدة تواجه غالبية النساء اللائي يترشحن للرئاسة. تقول سيليندا ليك، وهي خبيرة استطلاعات ومستشارة السيناتور جو بيدن في السباق الرئاسي، ان لدى الرجال مشكلة اساسية في انتخاب النساء للمواقع التنفيذية. وأضافت قائلة انهم يسألون انفسهم ما اذا ستكون المرأة فاعلة في الموقع الذي ستشغله، وما اذا سيتسمع اليها الرجال، سواء اعضاء الكونغرس او قادة الدول. إلا ان ليك وآخرين اشاروا الى ان لدى هيلاري كلينتون نقاطا سلبية وان اعضاء مجلس الشيوخ يشعرون بالكثير من الشكوك تجاهها. في هذا السياق يقول واحد من الذين استطلعت آراؤهم حول هذه المسألة: «لا اعرف من أين ابدأ. اعتقد ان آراء هيلاري كلينتون حول الحرب ستؤدي الى جلب الحرب الى هنا». جدير بالذكر ان هيلاري كلينتون تؤيد الآن الشروع فورا في إعادة نشر القوات الاميركية على مراحل. ويقول هذا الشخص انه لا يحب شخصية هيلاري كلينتون ويعتقد انها هي المسيطرة على الامور في البيت، كما يرى انها كان ينبغي عليها ترك زوجها عقب فضيحته الجنسية، واختتم حديثه بأنه فقد احترامه لها، مؤكدا ان ما قاله لا علاقة له بكونها امرأة، وإنما هو فقط لا يحب شخصية هيلاري كلينتون. لدى سؤال عن المرشح الذي يؤيده أجاب قائلا انه اوباما، رغم انه نسي اسمه واستعان بزوجته لتذكره باسم اوباما. ويشرح ان اوباما شخص جيد مؤيد للقيم الاسرة وأمين ويحترم الآخرين ويحرص على عدم تلويث يديه، على حد وصفه. جاء الطبيب المتقاعد وارين ايملي الى نادي الروتاري للاستماع الى ميت رومني. لم يتوصل ايملي بعد الى المرشح الذي سيؤيده، لكنه متأكد تماما من انه لا يؤيد هيلاري كلينتون. واستطرد قائلا: «ستكون هناك رئاسة مزدوجة وأنا لا احبذ ذلك. بيل كلينتون كانت له صورة ايجابية، وقضى ما فيه الكفاية في البيت الأبيض، والآن حان وقت التغيير ليس لدى شك في ان لديهما اجندة سرية. لن اعرف لماذا قررت البقاء معه، لماذا لم تتركه بعد فضيحة خيانته؟ لا احب فكرة وقوف المرأة الى جانب الزوج ومسامحته بهذه الطريقة..لا أصدقها».