هل ارتفاع سعرالبترول بالصورة المتوالية يؤدي إلي زيادة معدلات التطرف الديني والفكري؟ أولاً: هناك قاعدة اقتصادية واجتماعية في علم تكوين المجتمعات تدل علي وجود ارتباط وثيق بين تطور السلوك الإنساني بتطور الأنماط الاستهلاكية له وان هذه الأنماط الاستهلاكية هي التي تحدد معيار تطور الفكر الإنساني الذي يتجه بدوره إلي تطور أنماطه الاستهلاكية ومن هذه المعادلة نجد أن هناك علاقة طردية بين السلوك الإنساني والأنماط الاستهلاكية. فتطور أحدهما يؤدي إلي تطور الأخر والعكس صحيح واي خلل في هذه المعادلة يعطي نتائج عكسية علي السلوك الإنساني وإحدي هذه النتائج العكسية ازدياد معدلات التطرف فالفئات القادرة علي الشراء وتلبية احتياجاتها قادرة علي تطوير السلوك الإنساني لها أما الفئة غير القادرة علي الشراء فيأخذ منحي السلوك الإنساني الطريق العكسي للتطور وهو طريق التطرف. فقبل بداية حرب العراق كان سعر البترول لايتعدي حاجز الثلاثين دولارا للبرميل الواحد وبعد أربع سنوات أصبح سعر برميل البترول يقترب من المائة دولار وفرق السعر الضخم الناتج من يدفع ثمنه؟ وهل تستطيع البشرية دفع ثمن هذا الارتفاع المفاجيء في سعر البترول. والبشرية خلال هذه الفترة الزمنية لم تحقق معدلات تنمية يغطي هذا الفرق؟ هذا التساؤل جعلنا نفكر في دراسة تأثير ارتفاع سعر البترول كأحد العوامل التي تؤثر في السلوك الإنساني كونه سلعة استراتيجية تدخل في تكوين جميع السلع الضرورية للإنسان واي تغير يحدث في الحركة العالمية للبترول يتبعه تغير في الحركة الاقتصادية العالمية ككل وينتج عنه تغير في تطور البناء الإنساني والدليل علي ذلك أن أول القطاعات التي تأثرت بارتفاع سعر البترول هو قطاع النقل الجوي والبحري والبري وما نتج عنه من ارتفاع سعر شحن ونقل البضائع بصورة مضاعفة وظهر هذا الفرق في ارتفاع أسعار السلع الغذائية الضرورية الذي يدفع ثمنها الإنسان العادي فهذه الشركات استطاعت أن تغطي فرق سعر ارتفاع البترول برفع أسعار خدماتها أما الإنسان العادي لم يستطع أن يغطي هذا الفرق لعدم ارتفاع معدلات الدخل العالمي. وكذلك هناك قطاع آخر تأثر بارتفاع سعر البترول والذي أدي في النهاية إلي الاخلال بالمعادلة الاقتصادية التي تحدثت عنها من قبل وهي قطاع الأسمدة المشتقة من البترول والذي أدي في النهاية إلي ارتفاع أسعار المحاصيل الزراعية والأعلاف الحيوانية. كذلك هناك قطاعات صناعية كثيرة تأثرت من ارتفاع سعر البترول بصورة مفاجئة مثل قطاع الأدوية وقطاع الصناعات الغذائية وقطاع الصناعات الثقيلة وكل الصناعات الضخمة التي لها علاقة باشتقاقات البترول. ومع ارتفاع الأسعار العالمية للسلع الأساسية للإنسان كناتج طبيعي من ارتفاع سعر البترول والطاقة وعدم قدرة الإنسان العادي علي تنمية دخله بما يوازي هذا الارتفاع وعدم قدرة دول كثيرة علي احداث معدلات تنمية عالية تستطيع بها أن تواجه هذا الارتفاع في الأسعار فقلت القدرة الشرائية لمعظم أفراد المجتمعات الموجودين في الطبقات الاجتماعية المتوسطة والدنيا والموجودة تحت خط الفقر أما الفئة الأعلي في أي مجتمع فقد استطاعت أن تواجه ارتفاع الأسعار بارتفاع دخلها وهو ما يؤدي إلي تدمير طبقة اجتماعية كاملة من طبقات أي مجتمع وهي الطبقي الوسطي لتزداد الهوة بين الأغنياء والفقراء علي مستوي الدولة الواحدة. وكذلك فإن دول الشمال الصناعية استطاعت أن تواجه مشكلة ارتفاع سعر البترول وما نتج عنه أما الدول الجنوبية فلم تستطع. ومن إحدي النتائج أيضاً تأثر المجتمعات المتوسطة اجتماعيا "البلدان التي كانت في طريقها إلي إحداث معدلات تنمية عالية" بالسلب مما أدي إلي نزولها إلي الدول النامية أو الجنوبية لتصبح النتيجة المؤكد حدوثها هو ازدياد الهوة الاقتصادية والفكرية بين الشمال والجنوب لتبدأ هنا مرحلة الفراغ الاجتماعي وهذا الفراغ ناتج من تدمير الطبقات المتوسطة والدول الوسطية ونزولهم إلي مستويات متدنية ومنطقة الفراغ الوسطي هي منطقة نشوء التطرف الديني والفكري في الإنسانية وهي أيضاً المنطقة التي تملأ من الطبقات الدنيا والتي تقود الحرب بين أهل الشمال والجنوب أو كما نسميها نحن الحرب بين الأغنياء والفقراء والتي أخذت في الوقت الحالي صورة الحرب الدينية لتصبح الحرب القادمة بين الأغنياء والفقراء حربا دينية وقودها البترول فهل تستطيع البشرية أن تغلق هذه الفجوة بين الأغنياء والفقراء قبل أن تدفع الثمن؟ 1- نعم تستطيع البشرية أن تضع حداً للحروب الأيديولوجية بجميع أنواعها لأنه من أول عوامل ارتفاع أسعار البترول والسلع الاستراتيجية هي الحروب فكلما زادت الحروب زادت المخاوف من امدادات الطاقة وكلما قلت الحروب كلما ازدادت معدلات ثبات الأسعار التي تؤدي إلي التنمية. 2- إغلاق الفجوة بين الأغنياء والفقراء عن طريق تنمية اقتصادية قائمة علي استقرار الأنظمة الحاكمة في العالم. 3- تصعيد المجتمعات الوسطية التي تكون هي عامل اتزان بين الأغنياء والفقراء.