منذ سقوط النظام السابق في العراق في العام 2003 قالت الحكومات العراقية المتعاقبة إنها تسعى لإعادة الحياة إلى أجمل وأغنى بقعة على الأرض العراقية، ألا وهي الأهوار التي تمتد في المثلث الجنوبي من العراق بين محافظات البصرة والعمارة والناصرية، حيث صارت الأهوار جزءا من تاريخ ومعالم هذه المدن، وهي بدورها تحتاج العديد من المشاريع التنموية والبنية التحتية. وكان التوجه نحو الأهوار بداية الأمر غير مدروس علميا، وتبنت الموضوع أكثر من جهة حكومية وأهلية وأجنبية حتى تشتت الجهد المطلوب لإعادة الحياة إلى الأهوار، وتبددت ملايين الدولارات التي رصدت لهذا الغرض. ورغم إعداد مراكز البحوث والدراسات خططا لإنقاذ الأهوار أو إنعاش الأهوار أو إعادة الحياة إليها، لم يتحقق ذلك على أرض الواقع حتى صارت مجرد مؤتمرات وندوات تتحدث عن الأهوار، و«مظلوميتها» غير أن الطريق مازالت طويلة أمام عودة الحياة إلى الأهوار بالشكل الذي يتمناه سكانها. ويقول رئيس لجنة انعاش الأهوار في مجلس محافظة البصرة د. حامد الظالمي ان الأهوار بحاجة إلى العمل على ثلاثة محاور لإنعاشها، وهي: المحور الخدمي، الذي نعمل عليه الآن في مجلس محافظة البصرة، ويتضمن مشاريع الطرق والجسور ومشاريع الماء والكهرباء، والمشاريع التربوية والصحية. أما المحور الثاني فهو المحور الإنساني، الذي بدوره يشتمل على مشاريع البيئة وتأهيل الإنسان، ثم المحور الثالث ويشتمل على المشاريع الاقتصادية الخاصة بالزراعة والثروة الحيوانية والثروة السمكية. وذكر الظالمي أن أهم مشكلة تعاني منها المشاريع في الأهوار هي عدم تخصيص الأراضي لإقامة المشاريع عليها، مضيفاً أن هناك 10 مشاريع معلنة ستحال إلى المقاولين بعد منتصف هذا الشهر، كما أن هناك الكثير من المشاريع الصحية والعديد من المشاريع المهمة والمتعلقة بالطرق والجسور وتخصيص قطع الأراضي. وأشار إلى أن جميع مشاريعنا معطلة بسبب عدم وجود شبكات الطرق الرئيسية، وهناك عدد من المشاريع التي نعمل عليها في العام المقبل، ومن أهمها مشاريع الإسكان وبناء المساكن ونحن بانتظار تخصيص الموازنة المالية. أما مدير شعبة شؤون الأهوار في البصرة المهندس علاء البدران فاستعرض الخطط المستقبلية والمعوقات قائلاً إن «معظم سكان الأهوار يتوزعون في مناطق المحافظة والمحافظات الأخرى لعدم وجود مناطق سكنية لهم فإقامة خدمات على ضفاف الأهوار لا يعني إعادة النازحين». ويشير إلى أن الميزانية المتوقعة لإنعاش الأهوار تقدر بنحو 1500 مليون دولار، فيما تبلغ التخصيصات السنوية 50 مليون دولار، وفي العام الحالي بلغت 60 مليون دولار وهي في حقيقتها لا تمثل سوى ثلاثة في المئة من الحاجة الفعلية لإعادة إنعاش الأهوار، وهذا يعني اننا نحتاج إلى 30 سنة أخرى لتحقيق الطموح المنشود في إعادة الأهوار إلى حياتها الطبيعية وإعادة سكانها إليها. وأضاف أنه «من المؤسف أن مشاريعنا استهدفت ولا تزال تستهدف الخدمات فقط ولا تستهدف الإنسان». وأشار إلى أن العام الماضي شهد وضع استراتيجية لإنعاش الأهوار، و«لكن أكثر النقاط فيها غير مطبقة، ومنها تغطية مياه الأهوار المتوفر منها 20 في المئة فقط، وهناك غموض في توزيع الموارد المائية حيث يقتضي الأمر صدور قانون خاص بها». وقال إن البصرة لا توجد لها مخصصات مائية حتى الوقت الحاضر، إضافة إلى أن إقامة السدود تهدد وصول المياه للأهوار، على الرغم من أن لدينا حلولا لهذه المشكلة، منها إقامة سدود غاطسة في القرنة والهارثة حتى لا يتم هدر المياه، كما ان هناك نقطة في الصناعات الاستراتيجية وهي مطلوبة جدا، ولكن تواجهنا بعض مشاكل امتلاك الأراضي، وليس لدينا أساس لإقامة مثل هكذا مشاريع، وكذلك عدم وجود الإمكانات لدى وزارة الزراعة.